TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما بعد مقالات المديح والإطراء....هل نؤسس لثقافةالتضليل والخداع؟
19/06/2014 - 5:30pm

طلبة نيوز- أ.د.نضال يونس
تطور المجتمعات و تقدمها يحتاج إلى" قادة" يملكون حس المسؤولية الكاملة ، يرون الأشياء بمنظارها الواقعي وفق منظومة موضوعية من العطاء والإنتاج وقيم الصدق والتعاون التي تقدر العمل الجماعي وتحترم قدرات الأفراد و تقودها لتحقيق المعجزات ، قادة لديهم من العزة والكرامة والثقة بالنفس ما يشحن أرواحهم الخلاقة المبدعة نحو الحركة و النشاط ، و ينأى بهم عن رعاية أو قبول النفاق والتزلف والإطراء المبالغ فيه.
اكتب عن هذا الموضوع بعد أن ازدادت مقالات المديح و الإطراء بأصحاب القرار وكادت أن تصل إلى مستوى الشاعر الذي قال في صدام يوما " لولاك ما نزل المطر ولولاك ما خلق البشر "، او ما قيل في حق الخليفة المعز لدين الله " ما شئت لا ما شاءت الأقدار" ولا ادري هل الهدف الدخول إلى موسوعة جنيس بكثرة كلمات التبجيل وعبارات الإطراء من قبيل "الملهم، الفذ، المدبر،صاحب النظرة الثاقبة، والقرار السديد، والرؤيوي" وهي في حقيقتها تكرس ثقافة التخلف والفشل والنفاق التي تأتي امتدادا لقصائد المديح وعبارات الإطراء الكاذب التي نسمعها في المناسبات و محطات الإذاعة والتلفزيون و إعلانات الشكر والتقدير في الصحف و المجلات.
لا معنى لكل هذه المقالات الموغلة بالمديح والإطراء إلى مستوى الإسفاف، فالمبالغة تعكس في الواقع زيفا وتملقا لصاحب القرار وليس مشاعر حقيقية. ومما يبعث على الأسى أن يقبل الوزراء أو رؤساء الجامعات أن يمتدحوا بهذا الشكل الرخيص ، وكان الأجدر أن يترك الناس للحكم على انجازاتهم بدلا من تزيينها و توليفها بهذه الطريقة البائسة التي سبقهم إليها من كان قبلهم في المسئولية، فغدا تتغير الأحوال ويأتي مسئول أخر ليزاود عليهم "بالانجازات " ويتناولهم بالنقد و التجريح و الاتهام المباشر بالتقصير على قاعدة" كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا"!!
معاني التقدير و الاحترام الحقيقي ، ومشاعر الود و الإعجاب النقية يمكن أن نراها في وقتها وسياقها الطبيعي في أي موقف أو مناسبة، ويمكن تمييزها عن التزلف والتكلف و المبالغة في المديح السطحي والساذج الذي يثير النفور والامتعاض، وتبعث برسالة معاكسة ثقافيا واجتماعيا لمفاهيم الصدق والاستقامة والعطاء والكرامة، وهذه كلها لا تتناقض ليس فقط مع تطور الزمن فحسب بل مع جهود التحديث والتطوير والإصلاح و التحول الديمقراطي التي يرعاها الملك عبد الله الثاني.
فوكوياما تحدث عن نظرية "نهاية التاريخ" كمحطة وصلت إليها البشرية في عصرنا الحاضر، ونحن في عالمنا العربي نتطلع إلى نهاية مرحلة "التزلف والنفاق" في الخطاب الإعلامي ليس بمعنى عدم الحديث عن الانجازات والإبداعات على قلتها، ولكن من زاوية أن المبالغة في الحديث عنها أصبح "مستفزا ومقززا"من الناحية الواقعية في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة ، ولا تجد لها ارتياحا أو قبولا عند اغلب الناس ..

التعليقات

حكي صحيح (.) الجمعة, 06/20/2014 - 15:05

ارجوا ان تقرأ مقالك مادحة الرئيس الملهم والذي نجح بنسبة 99.9%

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)