TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أفلا يعقلون!
10/04/2014 - 3:00am

طلبة نيوز-أ.د. صلاح جرّار

لا يمكن لأيّ مفكّرٍ أو مثقّفٍ أو سياسي أن يكون مؤيّداً للأيديولوجيّات والأحزاب والتنظيمات كافّة على اختلافها، فإن كان مؤيّداً لأحدها فإنّه لا بّد أن يكون معارضاً لبعضها، وهذا أمرٌ طبيعي لا ينكره أحدٌ في أيّ زمانٍ أو مكان. لكنّ معارضة ما هو مخالف لانتمائك الحزبي أو الفكري لا يعفيك من تحرّي العدل والإنصاف لدى تعاملك مع أصحاب الأيديولوجيات في بعض المواقف.
لقد تحوّل اختلاف الرأي في الوطن العربي المثخن بالجراح إلى أداةٍ جديدة للإجهاز على آخر ما تبقّى من روحٍ في هذا الوطن وإتمام القضاء عليه، ولنأخذ على ذلك أمثلة الاختلاف بين السنّة والشيعة، وبين فتح وحماس، وبين المعارضة السوريّة والنظام السوري، وبين المعارضة والموالاة في العراق، وبين الإخوان المسلمين والنظام في مصر، إلى غير ذلك من صور التناقض والاختلاف في البلدان العربيّة، إنّ المشكلة بل المعضلة في هذه الاختلافات تكمن في كون معظم أصحابها لا يتحرّون العدالة والإنصاف في تحديد مواقفهم من مخالفيهم في كلّ الأحوال، وهذا ما يؤدّي إلى عزل هذه الأطراف جميعاًَ حتّى الاختناق والموت.
فإذا لحق أذى بطرف من الأطراف من أيّ مصدر كان - حتّى لو كان من الإسرائيليين أو الأميركان - فإنّ الطرف الآخر يجد من خلافه مع الطرف المتأذّي مسوّغاً لعدم التعاطف معه، بل ربّما نجده فرحاً بما أصاب ذلك الطرف من أذىً وشامتاً به.
وبمثل هذه المواقف التي تفتقر إلى أخلاق الفروسية في الاختلاف وإلى المروءة والشهامة تسقط الأطراف جميعاً، ليس فقط من جرّاء ما يلحقه أعداؤنا بهذه الأطراف، بل من جرّاء الحقد الأعمى ضدّ بعضنا بعضاً.
الأصل عندما يقوم العدوّ المشترك بالعدوان على أيّ طرفٍ من الأطراف المتنازعة أن نتوحّد في التصّدي لهذا العدوّ المشترك، لا أن تؤيّد أطرافٌ منّا ما قام به هذا العدوّ من عدوان. والأصل أن نراعي مصالحنا المشتركة عندما يتهدّدها أيّ خطر خارجي. وهذا ما هو واقعٌ في معظم دول العالم يتوحّد أبناؤها - متناسين كل ما بينهم من التناقض والخلاف - إذا ما تعرّضت الدولة لأيّ خطر خارجي أو إذا تعّرض طرف من الأطراف المتنازعة فيها للخطر من عدوّ مشتكر، بل إذا تعرّض أيّ مواطن من مواطنيها مهما كان انتماؤه أو توجّهاته، عملاًَ بمبدأ «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً».
أمّا نحنُ فقد عرف عدوّنا أنّ معظمنا يطيب له أن يقوم العدوّ بضرب خصمه، فلبّى هذا العدوّ مطالبنا وأخذ يضربنا كلّما راق له ذلك في أيّ زمان وأيّ مكان، وهو يعلم أنّ أي ضربةٍ يضربها ستجد من العرب من يفرح لها ويباركها ويتمنّى استمرارها. ولمّا عرف عدوّنا ذلك سعى بكلّ ما لديه من إمكانيات الكيد والتدبير كي يزيد من الانشقاقات بين العرب على أسس متنوعة: دينية ومذهبية وعرقية وسواها، كي يوفّر لهم فرص الفرح بقتل العدوّ لهم.

التعليقات

أنا (.) الخميس, 04/10/2014 - 05:41

أسعد الله أوقاتك يادكتور صلاح جرار
أولاً / لا أريد منكم جزاء ولا شكوراً لكن كلمة حق يعلم الله بما أقوله أنت شخص متواضع قمة بالاخلاق تبث روح الطمأنينه بين طلابك وإن التواضع سبب الرفعة في الدنيا والآخرة ، وهو سبَب العدلِ والأُلفة والمحبّة في المجتمع .

حفظك الله ورعاك

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)