طلبة نيوز
بقلم
سلطان الشيّاب
• المدخل :
تعتبر مدينة الطفيلة من أهم المدن الأردنية التي لعبت دورًا هامًا من الناحية التاريخية والجغرافية وحتى السكانية، ويعود تاريخ هذه المدينة إلى الماضي السحيق حيث يعود أول زهور لها إلى زمن النبي (لوط عليه السلام) وكانت تعرف هذه المدينة في ذلك الزمن باسم (الزعر) والزعر هذه هي (بنت لوط عليه السلام)، كما أن المدينة لعبت دورً هامًا في العهود اللاحقة مثل الروماني والبيزنطي، وفي العهود الإسلامية المتعاقبة وحتى الآن. أما من الناحية الجغرافية فقد لعبت دورًا كبيرًا خاصة فيما يتعلق بموقعها على طرق التجارة بين الشام والحجاز وفلسطين (خاصة الطريق السلطاني الروماني) كذلك لعبت الدور نفسه بين فلسطين ومصر والشام والصحراء وما إلى ذلك.
وبالرغم من أهمية هذه المدينة العريقة فإنها لم تحظَ بعد بالدراسات الكافية في الجوانب التاريخية والجغرافية والعمرانية والسكانية، وبمناسبة اختيار هذه المدينة عاصمة للثقافة الأردنية (2014م) فإننا نأمل في إعداد وإصدار مجموعة من الدراسات التي تغطي النقص الواضح في المجال المعرفي لهذه المدينة وفي كافة المجالات بما في ذلك الآثار والمقامات الإسلامية وما إلى ذلك، على أن تكون هذه الدراسات علمية – أكاديمية تكشف لنا الجوانب الغامضة من تاريخ مدينة الطفيلة والتطورات المختلفة التي مرت عليها، وعلاقاتها الداخلية والخارجية.
وبالإضافة إلى ما سبق لابد من التعرض لأهمية الطفيلة السكانية وهذا الأمر له ارتباط بالسياق السكاني الأردني العام، بل له ارتباط بالسياق السكامي للمناطق المجاورة في فلسطين وسيناء وشمال جزيرة العرب، فهناك العديد من القبائل والعشائر والجماعات الأردنية أو الفلسطينية والسعودية التي تروي علاقاتها بهذه المدينة وأنها عاشت فيها ثم رحلت عنها... لذلك نعتقد بأهمية هذه المدينة الأردنية في الماضي البعيد والقريب وفي الوقت الحاضر... على أننا سوف نناقش مجموعة من المعطيات المختلفة حول هذه المدينة وحسب الآتي :
• أولًا : المعطيات الجغرافية للطفيلة :
أ- أسماء مدينة الطفيلة القديمة: عرفت مدينة الطفيلة بأسماء متعددة على مدى التاريخ، حيث عرفت باسمها الأاول (الزعر) كما سبق الإشارة إلى ذلك، ويقول القلقشندي (المتوفى 821هـ = 1418م) في ذلك، بأنها سميت نسبة إلى زعر بنت لوط (عليه السلام) وهي مدينة قديمة متصلة بالبادية، كما عرفت المدينة قديمًا باسم (العيص)، وعرفت أيضًا باسم (فانون) أو (بيشون)، ومن اسمائها الأخرى التي اشتهرت بها باسم جبال حسب ما يذكر بيركهارت وذلك نسبة إلى جبال الشراه، أما عودة القسوس فقد ذكر بأن الطفيلة عرفت باسم (شمس) أيضًا، أما اسم الطفيلة فيظهر من خلال دفاتر الطابو العثمانية اعتبارًا من القرن (10هـ = 16م)، على أن هذا الاسم كان معروفًا لهذه المدينة قبل ذلك بزمن طويل.
وفي العصر الحديث أطلق عليها المرحوم الملك الحسين اسم المحافظة الهاشمية.
ب- الموقع الجغرافي والتضاريسي للمدينة: تقع الطفيلة بين مدينتي الكرك ومعان، وتبعد عن عمّان (العاصمة) جنوبًأ حوالي 185كم، ويمكن الوصول إليها عبر الطريق الصحرواي، ومن خلال طريق وادي الموجب المعروف بالطريق السلطاني، وأقيمت مباني المدينة بالأصل على منحدر الجبل الذي يقع عند سفحه وادي الطفيلة والذي يصب في البحر الميت، وهذه الموقع يتميز بالطابع الطبوغرافي المركب يدخل فيه الجبل والهضبة والوادي، وقد أهل هذا الموقع لأن تكون حلقة وصل بين مصر والشام والحجاز وفلسطين، لذلك كانت ممرًا للقوافل التجارية بين الجنوب والشمال والشرق والغرب.
أما بالنسبة لتضاريس المدينة ومحافظتها فهي تقع في منطقة تكونت في بيئة جبلية مرافقة للصدع الفوي، كما تشير الدراسات إلى أن الكتلة الجبلية لمنطقة الطفيلة تتعرض لزحزحة باتجاه اليسار نحو وادي عربة، وميل نحو الهضبة الشرقية، ويقول القوابعة في كتابه عن الطفيلة بأن الصدوع والتعرية بأنواعها كانت سببًا في تشكيل السطح كما هو وادي ضانا والسلع وميل الطفيلة وميل عيمه ووادي الحسا، كما تعتبر هذه الصدوع من أهم العوامل التي أثرت في التركيب الجيولوجي للأردن، حيث أخذت هذه الصدوع الاتجاه الطولي (شمالي ـ جنوبي) والذي نتج عنه غور الأردن والبحر الميت ووادي عربة.
وتقع المدينة على ارتفاع (900-1140م) عن سطح البحر، أما موقعها الفلكي فتقع خط العرض (31o) شمال خط الاستواء، وعلى خط الطول (45o) شرق خط غرينتش، وترتبط المدينة مع غيرها من المدن الأردنية بشبكة من الطرق التي ترتبط بمدينة معان والعقبة، والكرك والبتراء، كما ترتبط الطفيلة مع القرى والبلدات التابعة لها بشبكة طرق داخلية مع بصيرا (22كم)، ضانا، غرندل، وغيرها.
أما بالنسبة لمناخ هذه المدينة فهو مناخ قريب من مناخ شرق المتوسط، حار جاف صيفًا، أما في الشتاء فهو بارد وماطر.
أما محافظة الطفيلة والتي مركزها (مدينة الطفيلة) فهي إحدى المحاضرات الأردنية الجنوبية، فيحدها من الشمال محافظة الكرك ومن الشرق والجنوب محافظة معان ومحافظة العقبة، ومن أهم المواقع الطبيعية التي تقع ضمن حدود المحافظة فمن الشرق هناك وادي الحسا والصحراء الشرقية الأردنية التي تعتبر جزءًا من بادية الشام، ومن الغرب وادي عربة والغور الجنوبي، وهناك وادي فينان والذي يلتقي مع نهاية وادي ضانا والذي يصب في وادي عربة، ويعتبر هذا الوادي طريقًا طبيعية للتنقل بين الهضبة الأردنية المرتفعة ووادي عربة ثم إلى فلسطين الجنوبية وصحراء سيناء.
ومن توابع محافظة الطفيلة بلدة (بصيرا) والتي تقع جنوب الطفيلة بحوالي (22كم)، وقد كانت عاصمة الآدوميين في العصر الحديدي ثم آلت إلى الأنباط ومن بعدهم الرومان، ومن توابع المحافظة أيضًا قرية ضانا والتي تقع على سفح جبل العلمي، وتعتبر هذه القرية من أهم القرى التراثية الأردنية في الوقت الحاضر، وبالقرب من ضانا هناك محمية ضانا الطبيعية والتي تأسست عام ( 1989م)، والتي تحتوي على مجموعة من الحيوانات البرية المتعددة.
وتبلغ مساحة المحافظة ( 2132كم2)، ويتبع لها من الناحية الإدراية ما يلي :
1. لواء قصبة الطفيلة (المركز): ومركزه مدينة الطفيلة ويضم 19 بلدة وقرية، وتبلغ مساحته ( )، ويبلغ عدد سكانه (47 ألف نسمة) حسب إحصاء عام (2004م).
2. لواء بصيرا: ومركزه بلدة بصيرا، ويضم 9 بلدات وقرى وتبلغ مساحته ( )، ويبلغ عدد سكانه (20 ألف نسمة) حسب إحصاء (2004م).
3. لواء الحسا: ومركزه بلدة الحسا، ويضم 3 بلدات وقرى وتبلغ مساحته ( )، وسكانه (10 آلاف نسمة ) حسب إحصاء عام (2004م)، وقد بلغت الكثافة السكانية (37,55 شخص/كم2)، بينما بلغ عدد سكان المحافظة في عام 2010 م (58600 نسمة) وبلغت الكثافة السكانية (40,15 شخص/كم2).
ج- سكان الطفيلة وجوارها: يبلغ عدد سكان الطفيلة حوالي (45 ألف نسمة حاليًا )، وينتظم هؤلاء السكان في مجموعات عشائرية مختلفة وهي :
ـ الحميدات : وهي أكبر عشائر الطفيلة، ومن الممكن أن هذه العشيرة هي من بقايا حلف الحميدات العشائري السابق.
ـ العبيدين.
ـ البحارات.
ـ الهلالات.
ـ الكلالدة.
ـ القطيفات.
ـ الوهيبات.
ـ الشوابكة.
ـ الثوابية.
ـ السوالقة.
ـ الشتيتات.
ـ العمرو.
ـ الحساسنة.
ـ السعوديين.
ـ العطاعطة.
ـ الحجايا.
ـ من عائلات الطفيلة أيضًا : آل جمعة، ويرجعون إلى جدهم (شيخو مصطفى) وكان من بقايا القوات العثمانية والتي استقر في الطفيلة.
وحول أنساب وأصول عشائر الطفيلة فإن هناك اختلافًا كبيرًا حول هذا الموضوع، وفي هذا السياق فإنه حتّى الآن لم تجرِ أية دراسة علمية حول تاريخ السكان في الطفيلة، وكل الذي نشر كان مصدر معظمه المصادر الشفوية.
ومن خلال المصادر التاريخية فإن منطقة جنوب الأردن بما في ذلك (الطفيلة) شهدت الكثير من التقلبات السكانية والهجرات العشائرية والقبلية خلال العهد العباسي، ففي القرن (4هـ = 10م) هاجرت قبلية بني كلاب (طي) القحطانية من قلب نجد إلى جبال الشراه واستقرت في نواحي جبال الشوبك والطفيلة، وتبعتها قبيلة ربيعة (طي) القحطانية في القرن (6هـ = 12م)، وخلال فترة الحروب الصليبية والعهد الأيوبي ظهرت مجموعات أخرى من القبائل القحطانية في منطقة البلقاء والكرك وجوارها كان منها : بني مهدي ( البلقاء) وبني عقبة ( بلاد الكرك) ولم يختلف الأمر في العهد المملوكي، حتى في بداية العهد العثماني كانت بني عقبة تقيم في بلاد الكرك والطفيلة في القرن (10هـ = 16م)، لكن المنطقة بدأت تشهد تحولًا كبيرًا في الحركة السكانية في القرن (11هـ = 17م)، مع بداية النزاع بين الأمير فخر الدين المعني والدولة العثمانية حول المنطقة، وما أعقبها أحداث الكرك (التي عرفت باسم حرب الأغوات والعمرو) والتي استمرت حتى عام (1090هـ = 1680م)، وبعد ذلك سكنت المنطقة بما في ذلك (الطفيلة) مجموعات عشائرية أخرى، وبدأت كتب الرحالة تتحدث عن سكان الطفيلة في نهاية القرن (13هـ = 19م) بشكل مختلف عن المجموعات العشائرية السابقة، وينقل لنا أوبنهايم عن مصادره بأن سكان الطفيلة يطلق عليهم (الجوابره) أو (عيال جابر) وصيحه أو نخوتهم العشائرية، وينقل لنا أوبنهايم عن موزيل معلومات أخرى عن سكان الطفيلة، واليت يقول بأن سكان الطفيلة هم :
1. المحمديون.
2. الكلالدة.
إلا أن أوبناهم نشر قائمة عن عشائر الطفيلة (جبال)، وقال أن شيخ مشايخ الطفيلة هو الشيخ صالح باشا العوران، أما قائمة عشائر الطفيلة فهي :
ـ الحميدات (أو تحالف الحميدات).
ـ الحوامدة.
ـ الكلالده.
ـ الهلالات.
ـ الوهيبات.
ـ البحرات.
ـ القطيفات.
ـ العبيدين.
وعلى أية حال فإن هذه المعلومات عن عشائر الطفيلة لم تتأكد بعد، فإننا نأمل بإجراء دراسات أكثر دقة عن تاريخ سكان الطفيلة في الفترات التاريخية المختلفة.
• ثانيًا : الجوانب التاريخية لمدينة الطفيلة :
تعاقبت على الطفيلة العديد من الحضارات منذ عهد العمالقة والكنعانين والآدوميين والرومان والبيزنطين، كما شهدت حضارات الآشوريين والبابلين والفرس، وتعاقبت عليها العهود الإسلامية المختلفة، وقد تم العثور على مخلفات أثرية تعود إلى العصر الحجري الحديث (8-4آلاف ق.م)، ولعل أوضح حضارات هذه المنطقة هي حضارة الأدوميين الذين أنشأوا مملكتهم بين وادي الحسا ووادي الحمى (تبوك) ووادي عربة غربًا والصحراء شرقًا، وكانت الطفيلة من أهم وأبرز مراكزها الحضارية، وقد تعرضت المنطقة لغزو الفراعنة في عهد رمسيس الثاني، ثم أخضعها الآشوريون في القرن الثامن قبل الميلاد، ثم خضعت أدوم للسلوقين ومن بعدهم الأنباط الذين ازدهرت في عهدهم الطفيلة ازدهارًا لم تشهده من قبل.
وقد ظلت الطفيلة بيد الأنباط حتى تم القضاء عليها من قبل الرومان في عام (106م)، واستمرت كذلك حتى بدأ العهد البيزنطي والذي استمر حتى بداية العهد الإسلامي والذي سوف نتحدث عنه كما يلي :
أ- العهود الإسلامية المتقدمة: كانت الطفيلة قد دخلت العهد الإسلامي في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، حيث فتحها يزيد بن أبي سفيان صلحًا، ثم أصبحت المدينة والجبال المجاورة لها ممرًا للجيوش الإسلامية المتوجهة لفتح الشام ومصر، وبعد ذلك استمرت المدينة حتى الحكم الإسلامي في العهد الأموي حيث تم العثور في منطقة الطفيلة على نقود أموية مما يدل على ازدهارها في العصر الأموي، وبعد العهد الأموي جاء العهد العباسي وأحداثه الطويلة، حيث كانت المدينة ضمن مقاطعات الدولة العباسية، أما في العهد الفاطمي فقد حاول الفاطميون في مصر السيطرة على المدينة لموقعها الاستراتيجي الذي يسيطر على الطرق والممرات بين الشام ومصر والصحراء.
ب- في العهد الصليبي تعرضت الطفيلة للغزو الصليبي وقد بنى الصليبيون فيها قلعة حربية، كما أسسوا اسقفية في غرندل التي كانت مركز الجبال، غير أن أهالي الطفيلة كانوا يثورون ضد الصليبين بين الفينة والأخرى، ثم قام ملك القدس الصليبي بلدوين الثالث بقيادة حملة عسكرية ضد الطفيلة، حيث تم إخضاع المدينة للسيطرة الصليبية، أما في العهد الأيوبي فقد تم تحرير المدينة من الصليبين في عام (584هـ = 1188م)، وأعطيت إقطاعًا للملك العادل شقيق صلاح الدين مع الشوبك والسلط والبلقاء، وفي عهد المعظم الأيوبي نقلت أنواعًا مختلفة من الأشجار حتى صارت تضاهي دمشق بذلك.
وبعد الأيوبين خضعت الطفيلة للمماليك الذين بسطوا نفوذهم على المدينة، وأصبحت من مراكزهم المهمة، وقد ذكر القلقشندي في صبح الأعشى بأن (زعُر = الطفيلة) كانت تابعة لنيابة الكرك الشامية المملوكة، وقال عنها : وهي مدينة قديمة متصلة بالبادية، كما يتحدث القلقشندي عن سكان المنطقة مثل بني مهدي وبني عقبة في منطقة البلقاء والكرك، وهكذا استمرت المدينة حتى نهاية العهد الملوكي.
ج- العهد العثماني : خضعت الطفيلة للحكم العثماني والذي سيطر على معظم أجزاء الوطن العربي، وذلك بعد معركة مرج دابق في عام (922هـ = 1516م)، ودخلت المدينة ضمن الممالك العثمانية، وتفيد معلومات ووثائق ودفاتر الطابو العثمانية لعام (945هـ = 1538م)، بأن مدينة الطفيلة كانت تتبع للواء عجلون والكرك، وتبين دفاتر الطابو العثمانية الأوضاع السكانية والاقتصادية للمدينة في القرن (10هـ = 16م)، كما تبين أيضًا قيمة التكاليف المترتبة على السكان والتي واجب دفعها للدولة العثمانية، على أن الوثائق العثمانية لم تبين أية معلومات أخرى عنها، ولكن من ناحية أخرى كانت الطفيلة إحدى المراكز الهامة القريبة من طريق الحج الشامي في العهد العثماني، حيث كانت منزلة الحسا من أهم مازل الحجيج ما بين الزرقاء ومعان، ويذكر البديري عن بعض الحجاج قولهم عن هذه المنزلة :
بوغار الحسا ... مـــا ينتسـى
كــلــه أســى ... رمل وحصا
وفي بداية القرن (11هـ = 17م) دارت أحداث هائلة في بلاد الكرك وشملت الطفيلة أيضًا، بدأت اعتبارًا من عام (1022هـ = 1613م) حروب وصراعات طويلة الأمد، وقد بدأت ضمن النزاع المعني العثماني والذي استمر حتى عام 1635م، ولكن هذه الأحداث استمرت على شكل حروب داخلية وتدخلت القوات العثمانية أكثر من مرة في هذه الصراعات، وقد عرفت هذه محليًا باسم (حروب الأغوات والعمرو) أو (حرب الأغوات والامامية) وقد أرسلت عدة حملات عسكرية كانت أهمها حملات آل النمر، ثم أرسلت الدولة حملة عسكرية كبيرة بقيادة عثمان باشا (والي الشام) في (1090هـ = 1680م) والتي أدت إلى إخضاع الكرك وجوارها إلى السلطة العثمانية، بعدما كانت تخضع لقوى محلية خارجة على الدولة العثمانية وخاصة الوحيدات، وتتحدث العديد من الروايات الشفوية عن الأحداث التي دارت في الطفيلة خلال تلك الأحداث، ومنها تبدل مشيخة الطفيلة من آل المنصوري (بني عقبة) إلى العمرو، وهناك من يقول بأن مشايخ الطفيلة في تلك الأحداث كانوا هم الحميدات وهم حلفاء الوحيدات مشايخ الكرك ثم جاء من بعدهم العمرو، وقد شهدت الطفيلة أثناء تلك الأحداث تقلبات سكانية عديدة، حيث تذكر العديد من الروايات بأنه تم رحيل مجموعات عشائرية وحلت مكانها مجموعات أخرى، وأما في القرن (12هـ = 18م) فلا تذكر المصادر التاريخية أحداثًا هامة في الطفيلة، ولكن في القرن (13هـ = 19م) شهدت الطفيلة أحداث الحملة المصرية على بلاد الشام في عام (1253هـ = 1832م) وقد شارك أهالي الطفيلة في ثورة عام (1255هـ = 1834م) ضد قوات إبراهيم باشا المصري، وقد قتل عدة من مشايخ الطفيلة في تلك الثورة.
أما في عهد التنظيمات العثمانية، فكانت هناك ناحية الطفيلة والغور الجنوبي في عا (1285هـ = 1868م)، وكانت هذه الناحية تتبع للواء حوران، ثم اختفت هذه الناحية من خريطة التقسيمات الأغدارية العثمانية منذ عام (1288هـ = 1871م)، ولكنها تتبع لقضاء الكرك، ولكن في عام (1310هـ = 1892م)، ثم تشكيل قضاء الطفيلة ضمن تشكيلات لواء معان والذي عرف فيما بعد لواء الكرك، وكان هذا القضاء من الصنف الثالث ثم رفع في عام (1318هـ = 1900م) إلى الصنف الثاني وكان مركز مدينة الطفيلة، وقد اتصف هذا القضاء بصغر مساحته وكان يضم الأراضي الواقعة ما بين وادي الحسا شمالًا إلى وادي الفيدان جنوبًا، كما كان القضاء قليل السكان ويخلو من الثروات الطبيعية باستثناء الزراعة.
وكان القضاء يضم (5) قرى بما فيها المركز (الطفيلة) وبصيره، ضانا،ضبعا،عيمه، وقد شكل مجلس إدارة لهذا القضاء في عام (1312هـ = 1894م)، وضم من أعضائه المنتخبين عدد من مشايخ الطفيلة مثل : الشيخ ذيان العوران، الشيخ محمد العوران والشيخ محمود خضير، وفي عام (1316هـ = 1898م)، شكل هذا المجلس الذي ضم من أعضائه المنتخبين ما يلي :
ـ سالم العطيوي.
ـ عبدربه العوران.
ـ عبدالله العوران.
ـ عبدالعزيز الجرابعة.
وقد افتتحت العديد من الدوائر والمراكز الرسمية العثمانية في مركز القضاء بالإضافة لقائمقامية القضاء، ومن تلك الدوائر :
ـ مكتب التحصيلات الضريبية.
ـ دائرة الأراضي والطابو.
ـ شعبة المعارف : وكان في الطفيلة مدرسة ابتدائية يدرس فيها عدد من الطلبة.
ـ المحكمة الشرعية.
ـ دائرة البريد والهاتف.
وقد تعرض قضاء الطفيلة في عام (1899 ـ 1900م) لموجات من الجرات والذي أتلف قسمًا من المحاصيل الزراعية، وقامت إدارة القضاء بالتعاون مع متصرفية لواء الكرك بمكافحة هذه الموجات، كما شارك أهالي الطفيلة في ثورة الكرك ضد الدولة العثمانية عام ( 1328هـ = 1910م)، كما ساهم أهالي الطفيلة في أعمال الثورة العربية الكبرى ضد الأتراك في 1916 وحتى 1918 م حيث خرج العثمانيون من البلاد ودخلت المدينة العهد الوطني الأردني اعتبارًا من عام 1921م.
• ثالثًا : آثار الطفيلة ومحافظتها :
يوجد في مدينة الطفيلة ومحافظتها العديد من المخلفات الأثرية التي تعود إلى عدد من العصور التاريخية المختلفة وأهم تلك المخلفات ما يلي :
ـ قلعة الطفيلة: ويشرف موقعها على أخدود وادي الأردن وبنيت القلعة على أسس آدومية ثم الرومانية، واستخدمت كحصن عسكري في المملوكي والعثماني.
ـ قلعة السلع: تقع إلى الجنوب من الطفيلة على بعد (16كم) وتشير الدلائل التاريخية إلى أنها قلعة قديمة تعود إلى العصر الحديدي والبرونزي، ثم إلى العهود الأدومية والنبطية والإسلامية.
ـ قلعة الحسا: تقع إلى الغرب من بلدة الحسا على بعد (7كم)، وقد كانت هذه القلعة تقدم خدماتها لطريق الحج الشامي في العهد العثماني، حيث يوجد فيها أماكن للنوم والطعام ومسجد للصلاة، وغرف للتخزين والطبخ، بالإضافة لوجود بئر ماء عميقة فيها.
ومن الأماكن الأثرية الأخرى في محافظة الطفيلة :
ـ كنيسة غرندل.
ـ خربة التنور.
ـ خربة الذبح.
ـ العديد من المعابد والأماكن المقدسة المسيحية.
ـ التمثال النصفي.
ـ رباط الأعمدة.
ـ خربة بصيره.
ـ خربة الفريديس.
ـ خربة عابور.
ـ خربة الربابة.
ـ خربة غرندل.
ـ خربة النحاس.
ـ خربة بصيرا.
ـ خربة الصيره.
ـ خربة العلمي.
وغيرها الكثير من المواقع الأثرية الموجودة في المحافظة.
• رابعًا : الأضرحة والمقامات الإسلامية في محافظة الطفيلة :
تضم محافظة الطفيلة العديد من مقامات الصحابة والتي تعود إلى بداية العهد الإسلامي، ومن أهم هذه المقامات :
1. مقام جابر الأنصاري الخزرجي : يقع هذا الضريح في وسط مدينة الطفيلة، بالقرب من مقبرة البلدية في منطقة البقيع (والتي سميت بذلك تكريمًا له)، ويعتقد غالبية السكان بأن سبب تسمية سكان الطفيلة بالجوابره نسبة إليه.
وهو الصحابي جابر بن عبدالله بن عمرو الخزرجي الأنصاري وقد اعتنق الإسلام في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم وتفقه في أمور الشريعة الإسلامية، وغزا تسعة عشر غزوة، واستقر مدة من الزمن في الطفيلة، وكان يدعو الناس إلى أمور دينهم، وقد اختلفت المصادر التاريخية في تحديد مكان وفاته ودفنه، فهناك من المصادر تقول بأنه توفي في المدينة المنورة ودفن بها، ومن المصادر ما تقول بأنه مات في الشام، وهناك من يقول بأن هذا الصحابي الأنصاري مدفون في الطفيلة بالأردن، وقد أقيم لهذا المقام ضريح على الطرف الجنوبي من مبنى شرطة الطفيلة القديم.
2. مقام الصحابي الحارث بن عمير الأزدي : يقع مقام هذا الصحابي في المنطقة الواقعة بين بصيرا وأم سراب على بعد (20كم) من الطفيلة، حيث بعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إلى حاكم بصرى (الشام) من أجل دعوته إلى الإسلام، وتعرض له شرحبيل الغساني والذي قتله، وبعد علم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك قام بإعداد الجيش الإسلامي لغزو بلاد الشام، حيث كانت غزوة مؤتة بقيادة زيد بن حارثة الذي استشهد فيها، كما استشهد فيها عبدالله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب، وتولى قيادة الجيش الإسلامي من بعدهم خالد بن الوليد، وقد قامت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بإعمار مسجد ومقام الحارث بن عمير.
3. مقام الصحابي فروة بن عمرو الجذامي: يقع هذا المقام إلى الشمال من مدينة الطفيلة، في منطقة تشرف على حمامات عفرا من الجهة الشرقية، ويبعد عن المدينة (27كم)، ويعتبر هذا الصحابي صاحب أول دم زهق في سبيل الله خارج الجزيرة العربية، وكان عاملًا للروم في معان، وقد أعلن إسلامه في العهد النبوي، وبعد أن علم الروم بذلك أمر هرقل (ملك الروم) أمر الحارث الغساني (وكان من أمراء العرب في عهد الروم) بأن يقبض عليه ويسجن ثم صلبه، وقد قامت وزارة الأوقاف ببناء مسجد ومقام لهذا الصحابي.
4. ضريح الصحابي كعب بن عمير القفاري: يقع هذا الضريح في منطقة ذات اطلاح في الجنوب الغربي من محافظة الطفيلة على الطريق الممتد بين العقبة ومعان، وكان هذا الصحابي يقود سرية إسلامية في تلك المنطقة حيث التقوا بجمع من قبيلة قضاعة وكانوا بقيادة (سدودس) وقد أسفر القتال بين الطرفين عن مقتل هذا الصحابي ورفاقه وقد أقيم له مقام أو ضريح على شكل قوسين متقابلين في مكان استشهاده في سنة (8هـ = 629م).
• خامسًا : الطفيلة الحديثة :
تعتبر مدينة الطفيلة الحديثة من أهم المدن الأردنية وخاصة المدن الأردنية الجنوبية، وهي الآن مركز لمحافظة الطفيلة التي تأسست في عام ( ) ويتوفر فيها عدد كبير من المؤسسات والدوائر الرسمية الحكومية بالغضافة لتوفر كافة خدمات البنية التحتية والخدماتية، وقد تأسست في المدينة جامعة رسمية في عام 2005م، وجامعة الطفيلة التقنية، وقد خرجت العديد من أفواج الطلبة وتقوم الجامعة بتدريس تخصصات الهندسة والعلوم والعلوم الإدارية والمحاسبة والفنون وغيرها من التخصصات العلمية والتربوية.
المصادر والمراجع
1. ياقوت الحموي، معجم البلدان.
2. القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا.
3. بيركهارت: رحلات إلى سورية والبلاد المقدسة.
4. البخيت: دفتر طابو مقفل لواء عجلون رقم (970)
5. العبادي: الأردن في كتب الرحالة والجغرافيين المسلمين.
6. د.محمد حتاملة: موسوعة الديار الأردنية.
7. القوابعة: الطفيلة تاريخها وجغرافيتها.
8. الخطيب: الطفيلة الإنسان والتاريخ.
9. بيك: تاريخ شرق الأردن وقبائلها.
10. معلومات مختلفة من شبكة "الإنترنت" حول الطفيلة.
11. ادبنهايم: البدو، ج2.
12. شقيرات: تاريخ الإدارة العثمانية في شرق الأردن.
13. د.الخطيمي: بلدانيات الأردن في كتب الرحالة والجغرافيين.
14. د.كفافي: تاريخ الأردن وآثاره.
15. سترايخ: فلسطين في العهد الإسلامي.
16. البخيث: مملكة الكرك في العهد المملوكي.
17. غوانمة: إمارة الكرك الأيوبية.
18. الحياري: الإعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة والشهداء.
19. البديري (الحلاق): حوادث دمشق اليومية.
20. النمر: تاريخ جبل نابلس والبلقاء، ج1.
التعليقات
ضحى ربابع (.) الجمعة, 03/14/2014 - 16:28
مساء الخير ممكن اعمل انتداب ﻷعمل بهذا المجال
طفيلي (.) السبت, 03/15/2014 - 10:21
شكرا ايها الصريحي من جبال الطفيلةلكن هناك بعض الناس عتبانة عليك مع احترامنا الك بعض العشاير غير مكتوبة ليش
58Haya (.) الثلاثاء, 04/01/2014 - 20:36
Not good very bad im american and i cant understand anything Do you know ??another website about altafeeleh
مجهول (.) الاثنين, 04/07/2014 - 11:40
متى صارت محافظة
حلا (.) السبت, 10/17/2015 - 18:37
مش سيء بس مش حلو كثير
اضف تعليقك