TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
يا حَسْرَةً على العِباد ..!!
11/07/2015 - 11:15pm

طلبة نيوز-

بقلم : الشيخ سعيد نواصره آل عبادي "حفظه الله "

الحمدُ لله الذي جعلَ في كلِّ زمانِ فترةٍ مِن الرّسُل بقايا من أهل العلم ؛ يَدعونَ من ضلَّ إلى الهُدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، يُحيون بكتاب الله الموتى ، ويُبصِّرون - بنور الله - أهل العَمَى ..

أما بعد :

فإنّ الله – عزّ وجلّ – يقول : { ما أصابكَ من حسَنَةٍ فمن الله وما أصابك من سيّئَةٍ فمن نَفْسك }

وقال – جلّ ثناؤه - : { وما أصابكم من مُصيبةٍ فبما كسَبَت أيديكم ويعفو عن كثير }

( الفسادُ ! ) مُصيبةٌ .. نعم ! فلِمَ ظهَرَ ، وعمّ وانتشرَ ؟
وما سبيلُ الخلاص .. ؟

فأمّا أهلُ العلم والأثر ، والتحقيق والنظر فيقولون : هو سيفٌ سلّطه الله – تعالى - علينا بذنوبنا .. عقوبة على سوء أعْمالنا ، وقبْح أفعالنا ..

مُستدلين بالنصوص ؛ لا يزيغون عنها إلى هوى النّفوس ..

وعلاجُه : التوبةُ ، والأوبةُ ، والقُرْبةُ ..

التوبة من المنكرات و الذنوب ، والرجوع إلى الله علاّم الغيوب ، وابتغاء مرْضاته بالطاعات والقُرُبات ..

فهذا الذي يحيي الله به القلوب ، ويفرّج الكروب .. ويصْلح البلادَ والعبادَ ..

و { ويومئذٍ يفرحُ المؤمنون }

وأمّ الجهلاء ، وأصحاب الأهواء ، وأهل الزيغ والإغواء .. فمناهجهم ما أنزل الله به من سلطان !
ولن تجرّ إلا الخراب للأوطان ..

وإنّي سائلٌ بالله العظيم كلَّ مسلم عاقل منصف : ما نُعانيه و نعاينه ونسمعه اليوم ؛ ألا يضع العقلَ في الكفّ ؟!

كيف يُطالِبُ ( العلمانيّ ) بإصلاح أحوال المسلمين ! ؛ وهو بالإصلاح أولى ، وما أحدثه فيهم أكبرُ – عند الله – مما أفسده مسئولٌ ، أو وزير ، أو مدير – مجتمعين ! – بكثير .. وكثير جداً !

{ ولكنّ أكثر النّاس لا يَعلَمون }

ومثلُ العلمانيّ : الشيوعيُّ ، والليبراليُّ ، و .. و ..
ومثلهم : أتباع المناهج الفلسفيّة الواهية ، والمذاهب الفكريّة الواهنة !

كيف يطالب بالإصلاح مَن لا علم عنده ولا سنّة ، ولا اتّباع ، ولا اطّلاع على منهج أسلافنا في النوازل و المُحدثات .. ؛ ليس إلا المظاهرات ، والإضرابات ، والإعتصامات .. بما فيها من منكرات ، ومحظورات جلبت للأمة الأسى والويلات والدّمار .. !!

ومهما رأوا هنا وهناك من مُلمّات .. ، أو سمعوا من إنكار ! ؛ فما لذلك – عندهم – أدنى أدنى اعتبار !

فالعجب : كيف يسير ( بعض ) النّاس وراء أولئك .. ؟!

{ أيبتغونَ عندهم العزّة } ؟!!

ثمّ .. كيف نطالب بالإصلاح وفينا – وهم كثير - : من تركوا الصلاة وغيرها من الفرائض ، وأكلوا الرّبا ، وقطّعوا الأرحام ، وأكلوا المال بغير حقّ ، وشربوا الخمر ، وأتوا الزنا ، وتبرّجت نساؤهم .. !!

والله لا نستسيغ – مع علمكم و الألم – زيادة العدِّ ..

فصار الواقع العام لمجتمعنا : البعد عن الدين ، والقربُ من المُضلَّين ..!

إنّ هذه ( الوضعيّة ) أفرزت واقعاً بلغَ من التعقيد غايته ؛ ثمّ – من بعد – عواقبَ خطيرة أفضت إلى ما ترونه – في أوطاننا - من التشرذم ، والفرقة ، والقسوة ، والعنف ؛ فضلاً عن ضعف ارتباط المسلم بوطنه وتغليب مصلحته .. !!

فكان ماذا ؟

إنّ ( صنّاع الفتن ! ) لهم ( خطّةٌ أو خلطةٌ سريّةٌ ! ) مكشوفة .. إذ يجعلون لفتنتهم أذرعاً ورؤوساً كثيرة ومتفرّقة .. فهي كالأفعى بألف رأس ؛ تقذف بكل واحد سمّاً بـ ( مذاق خاص ! )
فأيّ ما رأسٍ قطْعتَ – أو قاطعتَ ! – أصابك غيرُه .. ! ؛ وأمّا ما يعتريك من الآثار والأعراض ؛ فهي بحسب الإقبال – على وسائلهم أو مسائلهم ! – والإعراض .. !

ومع الوضعيّة – التي ألمحتُ إليها – صار البلد ( الإسلامي ) الواحد ميداناً واسعاً ( تلعب! ) فيه تلك الرؤوس .. ، وتمارسُ ( نشاطها ! ) والطقوس ..

بحريّة .. وسحْريّة وسخرية !

وإليكم بعضاً من ( الصور و الأشكال ) ، وما تصنعه – بين الناس - من الإشكال ..

* القنوات الفضائيّة ( العربيّة ) على أرض ( الأمّة ! ) والتي لا ترقبُ في المسلمين ( إلاً ولا ذمّة ) ؛ فما برحت تثير القلاقل والفتن بين أبناء الدين ؛ بأخبارها ، وتقاريرها ، وبرامجها ! ، لا سيّما تلك ( الوثائقيّة ) التاريخيّة المتعلقة بالتحارب بين المسلمين : إظهاراً لما خفي – على البعض – منها ! ، وبيان ( الحقائق ! ) التي تنصر أحد الطرفين على الآخر .. !
( والنتيجة! ) من نبش المدفون : تحريض القلوب على العداوة والبغضاء بين المتآخين في الدين والنسب ..
وقد رأينا بأم أعيننا ( بعضاً ) و ( بُغْضاً ) من ذلك ..

ثمّ ما كان- لتلك القنوات - من ( دور ! ) فاعل في( الربيع العربي المزعوم ! ) من : إعداد وتمهيد ..! ، ثمّ ( تغطية ! ) للأحداث وتمجيد .. !

* كتّابٌ ، ومحلّلون ، ومفكّرون سياسيون ( دأبوا وتأدبوا ! ) في كتاباتهم ، ومقالاتهم على : تشريح الفساد – طبعاً في الحكومات العربيّة – وما جلبه على البلاد والعباد ..
والناظر في تلكم المقالات يلحظ ما يريدون : باختصار .. ( الثورة ! ) على الظلم والاستبداد والفساد .. ولو كان الثمن : دماء المسلمين الزكيّة ! ، ودمار أوطانهم الفتيّة .. !
ولو ( حدّثتهم ) عن أثر المعاصي و الذنوب على الأمّة .. ، وحشدت لهم النصوص الشرعيّة ، وأقوال الأئمة .. ، وتعليم الناس و ( إصلاح ) ما فينا من العيوب ، و { إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم } ، وأنّ درء الفتن والمفاسد مقدّم على جلب المصالح ...

لقالوا : { إنْ هذا إلا أساطير الأوّلين } ، وما أنتم إلا من الخانعين المتخاذلين ، وللنصوص من المؤوِّلين .. !!

{ فلعلّك باخعٌ نفسكَ على آثارهم إنْ لم يؤمنوا بهذا الحديثِ أسفاً }

* ( بعض ) المواقع الإخباريّة ، والمنتديات التفاعليّة ، والشبكات التواصليّة ! والتي لا ( تنفكُّ ! ) عن نشر الفضائح ، وكتم الفضائل ..! ، و ( التركيز ) على الفقر ، وإظهاره كسبب ( وحيد ) لكل بليّة وشرّ .. ثم ما تراه من التشهير بالأخطاء عند ( الحكومات ) ولو لزم هذا التكرار بعد التكرار .. !!

فأضحت الإضرابات ، والمظاهرات ، وما أشبهها ( سلاحاً فريداً ) لانتزاع الحقوق ، و ( تحسين مستوى المعيشة ) و ( محاربة أو محاسبة الفاسدين ! )
الفاسدون الماديون ! لا الفاسدون في الدين ..

* ( علم السياسة الشبابيّة ) : وهي الاختراع المُحدث المبتدع .. !
فزينوها بعمليات ( تجهيليّة ! ) ؛ فوضعت البرامج التي تشجع الشباب على ( العمل السياسي ! ) و( الانخراط في الأحزاب ! ) .. ففتنوا فيها ، وانكبّوا على تعلّم معانيها ، و نشطوا في ( تحقيق ) أحاديثها ! ، و أبدعوا في ( تأليف ) مقالات تحليلها وتنقيحها..!

والنتيجة : اختلاف القلوب والعقول في ( مسائلها ! ) ، وهُجرَ العلم الشرعيّ النافع ؛ وما علموا أنه أعلى الوسائل – على الإطلاق – في الإصلاح ودرء ( الفساد ) ، وفي العزّة والتمكين ..

خاتمة ..

كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قد ولّى نافعَ بن عبد الحارث على مكة ؛ وعنده موْلىً ( أي : عبْداً مملوكاً ) اسمه عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي ؛ فخرج نافعٌ يوماً ليلقى عمر – رضي الله عنه – بعُسْفان ( منطقة ) ؛ فلما لقيه قال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي ؟ ( يعني مكة ) ، قال : ابن أبزى ، قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : موْلىً من موالينا ، قال : فاستخلفت عليهم موْلىً ؟!

قال : إنه عالمٌ بالفرائض قارئٌ لكتاب الله .
قال : أما إنّ نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ، ويضع به آخرين "

التعليقات

احمد عبد الله ا... (.) الأحد, 07/12/2015 - 14:33

نسخة كربون والواقع متفسخ .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)