لنذهب أبعد من السؤال هل الجامعة الاردنية فرع العقبة استثمار ناجح ام خاسر؟ ونفتش عن واقع ما يجري في السر والعلن بمعنى كيف نرى مستقبل فرع الجامعة الأردنية في العقبة وهو يعانى من خسائر مادية انعكست على ميزانية الجامعة الأم، وهل لنا أن نفهم مجريات النقاشات والاستراتيجيات التي سبقت انشاء هذا الفرع، والتخصصات التي يدرسها وما ألت إليه الأحوال بعد خمس سنين من إنشائها كان للرؤساء المتعاقبين على الجامعة الاردنية اراء مختلفة فيها، منهم من رأى فيها امتدادا للجامعة الاردنية بسمعتها وقيمتها الأكاديمية ودورها التنويري، ومنهم من رأي فيها نزفا ماليا لا بد من ايقافة والسيطرة عليه!

كثيرون تحدثوا عن سلبيات إنشاء جامعة في مدينة العقبة، وعن عدم وجود تجمع سكاني كاف لإنشاء جامعة في مدينة غالبية سكانها من "العمال" الذين يعملون في الميناء أو شركة البوتاس أو الفوسفات، و لكن هناك بالمقابل "مدن جامعية" تتمحور الحياة فيها حول الجامعة والأنشطة الطلابية: في أمريكا وحدها يوجد أكثر من 30 مدينة جامعية وهناك 18 مدينة جامعية في بريطانيا، وهناك العديد من المدن الجامعية (University Towns) في شتى أنحاء العالم تلعب فيها الجامعات دورا كبيرا في صياغة الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية لتلك المدن من خلال خلق فرص عمل للمواطنين المحليين، ودر الكثير من الأرباح على المجتمع المحلي، فما الذي يمنع أن تؤسس الجامعة الأردنية \فرع العقبة لمدينة جامعية وتصبح العقبة مدينة جامعية تستقطب الطلبة للدراسة في تخصصات "مطلوبة ومرغوبة"، وما الذي يمنع الجامعة مثلا أن تتعاون مع الخدمات الملكية أو وزارة الصحة لإنشاء "كلية طب"، أو تتعاون مع جامعة البلقاء في إنشاء كلية "هندسة تطبيقية أو تقنية" فالقضية ليس مجرد أي تخصص و إنما تخصصات "محددة" يكثر الطلب عليها من داخل وخارج الأردن.
عندما طرح انشاء جامعة فى العقبة، جاءت الفكرة كهزة كهربائية، فسرته جامعات أخرى أنه تعدى على حقوقها فى "جنوب الأردن"، وأنها في حالة انشائها ستؤثر على جامعة مؤتة والحسين و الطفيله، وأخرى رأته محاولة لهيمنة الجامعة الكبرى على الصغرى، وهي شكوك طالما عطلت الكثير من أفاق التعاون بين الجامعات الأردنية، ولم تكن الدعوة لإنشاء جامعة في العقبة بعيدة عن دعوات سابقة لانشاء جامعة امريكية او جامعة خاصة، لكن مجرد أن أخذ الطرح صفة الدعوة الجادة برزت حقيقة أن الجامعات الأردنية والمؤسسات العامة تلتزم بمظاهرها الشكلية في التعاون وتتنافر عن أي عمل يخلق تكاملا ويضعها قطباً علميا او اكاديميا يؤمن كياناتها الصغيرة والكبيرة.

السؤال المتداول بين العاملين فى الجامعة الأردنية، وليس ما يدور في كواليس صانعي القرار، هل من مستقبل لفرع العقبة؟ سيما و أن هناك شكوك تتعالى على الطريقة التي أدير بها ذلك الفرع، والتخصصات التي يطرحها، وهل يمكن وضع مشروع ما لانقول يسهم في زيادة دخل الجامعة منه ، وإنما فتح تخصصات " مرغوبة" يمكن أن تغطى رسوم الطلبة منها -على الأقل- مصاريف الجامعة، للاطمئنان بأن فرع العقبة ممكن ان يكون رافدا للجامعة الاردنية لا عبئا عليها!

حالياً أخذت الأوضاع المالية للجامعة الام بالتراجع، وبدأت الجامعة بالاقتراض من البنوك المحلية لتغطية العجز، والترشيحات توصلها بأحسن الأحوال في المستقبل إلى تغطية نفقاتها الجارية، وهذا بالتأكيد سينعكس سلباً على استمرار الجامعة في أدائها لدورها التعليمي، وعلى قدرتها في المنافسة الأكاديمية والبحثية، فهل نرى سياسة ادارية تطرح الأبعاد السلبية، وتعظم الجوانب والمكتسبات المادية من وجود "أول" جامعة في ثغر الأردن الباسم مدينة العقبة؟
في الأحوال العادية والطارئة تدار السياسات بالعقل والخطط الإستراتيجية ، فهل لدينا التصور ثم العمل لما سنواجهه في الوضع الراهن والمستقبل البعيد للجامعة الأردنية\ فرع العقبة خارج كل الحساسيات والحسابات الخاسرة؟