طلبة نيوز

الدكتور نضال يونس
هل من صحوة ضمير لدى اعضاء لجنة الاختيار غداة التنسيب برئيس اليرموك؟

مستقبل جامعة اليرموك وهي واحدة من أعرق الجامعات الاردنية، سيكون مرهوناً فى الايام القادمة بأيدي اربعة اشخاص انيطت بهم مسئولية اختيار الرئيس المقبل للجامعة، وهم الذين سيقدمون لائحة تنسيباتهم لمجلس التعليم العالي الذى سيقوم بدورة بالتوصية باحدهم لخلافة الرئيس عبد الله الموسى الذى لم يمدد له.

القضية دراماتيكية بكل تفاصيلها و ابعادها، إذ تروي عمق مأساة التعليم العالي، والازمة التى يمر بها منذ قرر مجلس التعليم العالي السابق تشكيل لجان لتقييم واختيار رؤساء الجامعات تضم فى عضويتها اعضاء من المجلس، فيكفي أن تختزل قيمة "الرئيس"، وهو الموقع القيادي الاول فى الجامعة وقبل كل ذلك مستقبل التعليم العالي فى الاردن بهذه اللجان "الصورية"، وهو ما يبين بجلاء حجم الخلل في اليات عمل المجلس، وغياب دور النزاهة والشفافية في تفعيلها، وعدم حرص المجلس على إنجاحها، وهو ما جعل مجلس التعليم العالي مختطفا في غالبية قراراته إما لأصحاب القرار في الحكومة أو للمتنفذين خارجها.
هذا ما سيحدث الاسبوع القادم او الذى يليه فى تنسيبات المجلس، إذ الخشية قائمة بأن يكون غالبية اعضاء لجنة الاختيار ورقة في يد هذا المرشح أو ذاك، وبالتالي لن تفرز لجنة الاختيار "الأكفأ" بالضرورة لقيادة مسيرة الجامعة القادمة، وإنما ستفرز الأدهى والأمكر والأقدر على توجيه بوصلة الاعضاء فى اتجاهه وهو ما سيجعل الرئيس القادم لليرموك معبراً عن نفسه وعن من يحركون خيوطه من خلف الكواليس، في وقت كنا نأمل فيه أن يكون الرئيس معبراً عن خيار اعضاء هيئة التدريس والموظفين بمختلف مكوناتهم، ولكن هيهات وعمل مجلس التعليم العالي ولجانه العتيدة تتم على طريقة "الاقربون اولى بالمعروف"!.

أمر واحد يمكن أن يسهم في انقلاب الأحداث في موضوع اختيار رئيس اليرموك القادم، هو "صحوة ضمير ووازع خلقي" في وجدان اعضاء اللجنة وهم يرفعون تنسيباتهم لمجلس التعليم العالي، تلك الصحوة التى ستزيح أثقال التبعية والوصاية التي ظلت تفرض على اعضاء المجلس واللجان من هذا أو ذاك، ولن يحضر في ذلك الوقت إلا عبء المسؤولية في اختيار الأفضل للجامعة وفق قناعتهم الشخصية لا وفق التزامات وصفقات من تحت الطاولة كلها مرفوضه عرفيا واخلاقيا قبل أن تكون مدانة قانونياً. 

المؤسف في التعليم العالي الغارق في "الشللية والمحسوبية والتنفيعات المتبادلة" أن الشركاء في اختطاف الصوت، ليسوا فقط المتصارعين على مقعد الرئيس، ومن يتحكم باللعبة ب"الريموت كنترول"، وإنما يشترك في ذلك بعض الزملاء المتنورين أو ممن يحبون ان يسموا انفسهم " العارفين" بامور التعليم العالي، ممن هم مؤتمنون على كلمة الحق، ومسؤولون عن توجيه الرأي العام نحو آفاق الوعي لا باتجاه أزقة التضليل، لكنها لعبة المصالح التي اختطفت أفكارهم وتوجهاتهم، ولوثت ألسنتهم بتعليقات فارغة لا قيمة لها. 

لقد شاهدنا في الأسابيع الماضية كيف تسابق بعض الزملاء إلى حد التدافع فيما بينهم نحو "تلميع" انفسهم و"تعظيم" قدراتهم، وتشويه الراي الآخر بشكل تقزمت فيه المهنية، وتعملقت فيه المصالح الخاصة إلى مستوى تجاوز اخلاقيات العمل الاكاديمي ومبادىء الديمقراطية التى تقوم على التعددية واحترام الرأي المعارض، زملاء اعمتهم "الوصولية" في المجلس السابق الذى سادت فيه الوصاية، وطغت عليه التبعية، وجرته الخلافات بين اعضاءه الى الحل المبكر، لكن رغم ذلك يظل الأمل معقوداً والتفاؤل قائماً، وإن بنسبة ضئيلة في صحوة الضمير والوازع الاخلاقي لدى اعضاء اللجنة المكلفة باختيار رئيس اليرموك، مما قد يساعد على بلورة موقف "حيادى" و"منصف" فى اختيار الرئيس القادم على اسس الكفاءة والاهلية والقدرة، في بادرة تستحق ان يطلق عليها صحوة الضمير الاكاديمي ..