TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مشوار الأردنيين الطويل مع الظلم والمعاناة
05/07/2014 - 1:45pm

طلبه نيوز

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة
الأردنيين لهم حكاية طويلة مع الظلم وعدم العدالة وحرمان الحقوق والتجبر بمصالح العباد والبلاد من ذوي السلطة وأولي الأمر. لم يعرف أجدادنا الأوائل عندما وضعوا القانون الأساسي للدولة الأردنية عام 1928 والذي تم تطويره وإعادة كتابة نصوصه ومواده بعد الوحدة أو "الضم" للضفة الغربية في مطلع الخمسينات من القرن المنصرم أن الدستور قد أعطى الملك صلاحيات وسلطات شبه مطلقة تجعل منه حاكما مطلقا أو ما يشبه ظل الله على الأرض حيث لا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن الا بإرادته المعلنة أو المستترة فهو من يمتلك زمام الامور وهو من يعلن الحرب وهو من يرأس الجيش والأمن والدرك وهو من يحل البرلمان وهو من يختار رئيس الحكومة وهو من يراس السلطات الثلاث . أما الصلاحيات التي يمارسها الملك ولم ينص عليها الدستور فعدد ولا حرج فهو يسن السياسة الخارجية والدفاعية ، وهو من تأتي المساعدات العربية بملياراتها باسمه الشخصي، وهو من يسجل الأراضي الأميرية باسمه، وهو من يهب القصور والامتيازات للمقربين منه مكافئة لهم أو لمناوئية لامتصاصهم واحتواء معارضتهم، وهو من يغدق على من يشيخهم علينا "شيوخا" وشيوخ "مشايخ" ونحن نعرف بعضهم من أصحاب السوابق والقيود الأمنية ،وهو من يقرر مدح المعارضة السياسية والحزبية حينا ويصفها بالمعتدلة والحريصة على الأردن واستقراره وفي حين يهاجمها أحيان كثيره ليصفها بالشريرة والماسونية وغير ذلك مما هب ودب من الأسماء التي لا تليق لا بالمعارضة ولا برجال الدولة.
أليس كل ما ذكر فيه ظلم للأردنيين الذي يستحقون أن يكونوا أصحاب رأي وقول في شؤونهم دون إرادات سامية ورغبات وتوجيهات ملكية يتم التعامل معها كأنها آيات الله البينات أو سنة أشرف الخلق محمد ابن عبدالله صلوات الله عليه وآلة ! هل من المعقول أن يتم معاقبة من يتعرض للذات الملكية بعقوبة وغلظة أكثر ممن يشتم الذات الإلهية في العشرة الأواخر من رمضان! وهل من المعقول أن يسند الى مواطنين أردنيين تهم مفبركة ويحالون الى محكمة أمن الدولة بتهم قدح المقامات العليا وتقويض نظام الحكم في حين أن الرؤساء وقادة الدول في الدول التي نالت حريتها وتخلصت من ظلم الحكام والملوك والأمراء يتم نسج الحكايات والنكت الظريفة والساخرة عليم لا بل وأحيانا شتمهم وقذفهم بالبيض الفاسد وغيره من الأجسام الصلبة والسائلة دون عرضهم على محاكم أمن الدولة غير الدستورية !
أجالس كثيرا من الأردنيين في ديوانياتهم ومقاهييهم ومراكز عملهم وفي سهراتهم ومآتمهم وأفراحهم وجامعاتهم فكل يروي قصة أو "قصص" من الظلم والحيف الكبير الذي لحق به من قبل السلطة من أعلى هرمها الى أدناه. بعض هؤلاء ضباط متقاعدون في الجيش، والأمن، والمخابرات العامة، والقضاء، والجامعات، ووزارات الخارجية والداخلية وغيرها. أما الظلم الذي يقع بحق كثير من الأردنيين في المؤسسات المستقلة فحدث ولا حرج وكأن مصطلح مستقلة عني به من قبل المشرع إطلاق يد المسؤولين في التنكيل في الموظفين والعاملين في مؤسساتنا "المستغلة" وليست المستقلة.
قصة الأردنيين مع الجور والظلم يرويها لك أي مواطن تجده ويثق بك ويطمئن الى أنك لست رجل عسس أو مخابرات يمكن أن تستخدم ما يقوله لك ضده وضد مصالحه يوما ما. استمع لهؤلاء المواطنين فإنه لديهم قصص مثيرة وأليمة كيف هضمت حقوقهم سواء كان عطاء رسي على مقاول أو متعهد محدد تواطئ معه مسئول معين، أو حق مهضوم في بعثة جامعية داخلية أو خارجية، أو ترفيع لموقع قيادي ، أو تعيين في وظيفة ذات امتيازات عالية ومعتبرة، او إحالة غير مبررة على التقاعد من أجل ترتيب أوضاع شخص معين ،أو مكافآت مالية مجزية لشخص لم يفعل شيئا ،أو افتئات على حقوق فكرية أو إنجاز لشخص معين، أو تلفيق مكيدة أو تهمة غير صحيحة لشخص، أو تشويه سمعة شخصية معينة نظرا لعدم إعطائها الثقة للحكومة، أو تجاوز على حقوق الناس في تعيينات الملحقين والسفراء في وزارة الخارجية ، أو تزوير الانتخابات النيابية لصالح مرشح سحيج من قسم "الألو" ، أو رؤساء وزراء يؤتى بهم من أجل الإصلاح ليكتشفوا أن أولي الأمر هم المعوق الرئيس للإصلاح، أو دعم حزب برداء إسلامي غير حقيقي نكاية بحزب آخر، أو مياومات مليونية لأولي الأمر عند سفره خارج البلاد في حين أن المواطن "يأخذ دينا ليسد به دينا آخر" وأمثلة أخرى لا يتسع المكان والمقام لذكرها. هذه القصص من الظلم وغيرها يمكن أن يرويها لك الآلاف من المواطنين ولكنهم أمام المسؤولين أو أجهزة الإعلام لا يملكون إلا كيل المديح الزائف للسلطة رغبة منهم في إنصاف بعيد المنال وإن حصل فهو يستغل من السلطة لتعظيم شأنها وإنسانيتها وعطفها على الناس المظلومين والبائسين دون التساؤل عن دور السلطة في التسبب في وقوع مثل هذا الظلم أصلا.
الظلم وعدم المساواة هما آفتين كبيرتين مهلكتين للحرث والنسل ومفجرتين للثورات أكثر من الفقر والبطالة ومن يستعرض تاريخ الحركات السياسية الثورية والتطورات السياسية العنيفة في معظم دول العالم وخصوصا النامي منها يجد بأن الظلم وعدم المساواة والإجحاف بحق المواطنين والتجبر فيهم هي عوامل ووقود الثورات في هذه المجتمعات. المواطنون يقبلون بالفقر وربما يقبل الفقر بهم اذا شعر هؤلاء أنهم متساوون حتى في الفقر وحتى في القسوة وحتى في العوز والبطالة ولكنهم يصبحون قنابل مؤقتة اذا شعروا بأن الظلم هو صديق الفقراء الذين يعيشون على هامش المجتمع وأن شرائح أخرى تتنعم بحقوق مزيفة وامتيازات وألقاب مصطنعة وأسماء هم اخترعوها " جلالة ، فخامه ، باشا، بيك، عطوفة، دولة معالي سعادة".
الظلم في الأردن وأي دولة أخرى هو ظلمات لا يمكن أن يتحول الى نور وأنوار حتى وإن استمرأها المظاليم المظلومين ،وحتى وإن استطاع ظلمتهم وجلاديهم أن يروضوهم ويغرسوا في أذهانهم أنهم أقل من الناس أو أنهم ينبغي أن يحمدوا الله بكرة وأصيلا على أنهم يعيشوا في الأردن وليس في سوريا أو دول تشهد عنفا وقتلا كثيرا. لن تستطيع مستشارية العشائر في الديوان الملكي ولا رئيس الديوان ولا الملك نفسه أن يحتووا الأردنيون بالعطف ،والهدايا، والأعطيات ،ورواتب الشيوخ، والبنزين المجاني للمسؤولين السابقين، ولا بالقصور المهداة الى من لا يستحقها، ولا بتقريب المنافقين المتزلفين الذي يجيدون الحديث عن الانتماء والإخلاص للوطن ولكنهم لا يمارسونه على الأرض. ينبغي أن يعي النظام وأولي الأمر أن الاستقرار يعتمد على العدل والإنصاف والابتعاد عن الجور والظلم والتعسف فقد اهتزت عروش كسرى وبابل قديما ونيكولاي شاوسيسكو، ومبارك، وزين العابدين بن علي ،والقذافي ،وعلي عبدالله صالح في الماضي القريب وسينهار الانقلابيون السيسيون في مصر الكنانة وسيطاح بعرش السفاح الأسد في المستقبل القريب فهل من دروس تستفاد وهل من يتعظ ؟ رحم الله الفاروق عمر ابن الخطاب الذي قال فيه أعداءه عندما وجوده مستغرقا في نومه تحت شجرة وقد وضع خرقة على وجهه دون حراسات أو أمن وقائي او دركي "عدلت فأمنت فنمت" فهل من مدكر؟

التعليقات

نبيل (.) الأحد, 07/06/2014 - 11:49

رائع يا الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

اربداوي (.) الأحد, 07/06/2014 - 11:51

مشوار الأردنيين الطويل مع الظلم والمعاناة سيبقى مستمر الى ما شاء الله

اردني (.) الأحد, 07/06/2014 - 11:54

قصة الأردنيين مع الجور والظلم يرويها لك أي مواطن اردني صغير وكبير الجميع يعيش هذه القصة

تكنو (.) الأحد, 07/06/2014 - 11:57

نعم رؤساء ووزراء يؤتى بهم من أجل الإصلاح لنكتشف أن أولي الأمر هم المعوق الرئيس للإصلاح

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)