طلبة نيوز
مسرحية رفض التمديد لرئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا..
د. نضال يونس
ليس أسوأ من قرارت مجلس التعليم العالي وتخبطاته إلا محاولة بعض أعضائه الاستذكاء على الوسط الاكاديمي برفضهم "التجديد" لرئيس التكنولوجيا، ثم الترويج لهذا القرار باعتباره "نصرا" مؤزرا يهدف لحل مشاكل الجامعات الاردنية التى يعاني اغلبها من العجز المالي، والترهل الادارى، و العنف الطلابي، والاحتجاجات المطلبية، في مسرحية بدت باهته من حيث النص، وباهته أكثر من حيث الأدوار التي تم توزيعها على الاعضاء الذين ارتدوا ثياب "الأبطال" فكان طبيعياً أن تكون النتيجة فشلاً ذريعاً فى واحدة من اصعب الامتحانات التى تمر بها الاكاديميا الاردنية!!

أول دلائل الفشل كانت في تصريح وزير التعليم العالي امام لجنة التربية والتعليم والثقافة النيابية "ان الوزارة تدرس استقلالية الجامعات عن مجلس التعليم العالي الذي يعتمد سياسة التغول على الجامعات"وهي العبارة التي كانت كافية لتجعل أعضاء مجلس التعليم العالي المشاركين في تلك الدراما، أن يصروا على موقفهم بالمشاركة فى لجان التقييم التي اتخموها بالحديث عن الفشل الاداري، وعبؤها بالانتقادات الوهمية، والحديث عن حلول خلاقة لمشاكل الجامعات عنوانها "التخلص" من الرؤساء الحاليين، ساندهم فى ذلك بعض الإعلاميين الذين كانوا شهوداً على بطولات وهمية ومواقف نارية لبعض الصقور من اعضاء المجلس..

الدليل الثاني تمثل في حالة الارتباك الواضح في اداء المجلس تجاه ما اشيع عن "تضارب المصالح وشرعية ومصداقية التقييم" من قبل الاعضاء الذين دخلوا المجلس عبر معادلات وعلاقات خاصة، بدون ان تكون لهم شرعية الرضى أو التزكية من قبل الاكاديمين الاردنيين، بمعنى أدق لم يخضع اي من اعضاء المجلس الحاليين لاى نوع من التقييم حتى "يتحدثوا و يمارسوا التقييم" على من سواهم، وإن كان هذا الارتباك قد اوضح شيئاً فقد اوضح الهدف من التقييم وهو محاولة استباق اجتماع المجلس لتعبئة الرأي العام بهذه البروباغندا، حتى إذا ما رفض التجديد للملكاوى يكون قد نجح في تهيئة الظروف لوقف التجديد لكل الرؤساء الذين قاربت مددهم على الانتهاء وبالتالي فتح المجال امام أعضاء المجلس للوصول الى رئاسة الجامعات..

الدليل الثالث أن المجلس حاول الالتفاف على الوسط الاكاديمي وايهامه بانه يعكف على دراسة "كافة" الاوضاع والمشاكل التى تعاني منه الاكاديميا الاردنية،عبر عملية تقييم "نوعية" لما يجري فى الجامعات الاردنية، وبما ان الحجة التي استند عليها مجلس التعليم العالي في رفضه للتجديد للملكاوي هي تقرير "لجنة التقييم"، وتماشيا مع الرسالة الملكية المتعلقة "بمنظومة النزاهة والشفافية"، التى ركزت على "ضرورة الانفتاح على الأفكار التي يطرحها المواطنون وأصحاب الخبرة، فاني اقترح على المجلس الموقر نشر التقرير "الموضوعي"، حتى يكون مرجعا تستفيد منه كل الجامعات فى ادائها لعملها حتى يتاكد الجميع من سلامة قرار المجلس من ناحية، و يتعرف رؤساء الجامعات الحاليين على المقصود بالانجاز والتقصير من ناحية اخرى!!

أما الدليل الرابع فيتمثل في ادعاء البعض، بأن مجلس التعليم العالي قد اتخذ قرارات غير مسبوقة لا يوجد لها مثيل حتى في اعرق الجامعات العالمية في دول اوروبا أو امريكا ، لا بل حتى في الاتحاد العالمي للجامعات، وكأنه يبشرنا بأن ذلك التصريح الموغل "بحبر التنظير" سيجعلنا في مصافهم حتى قبل أن يدق مسماراً واحد في استراتيجية اصلاح التعليم العالي التى نسمع عن جعجعتها ولا نرى لها سوى "التطاحن" على رئاسة الجامعات، وهنا سأتوقف عن سرد بقية الدلائل وما أكثرها، وصدق من قال شر البلية ما يضحك!

خلاصة القول ان الموقف اليوم يتطلب تدخلا مباشرا من المؤمنين بحتمية سيادة القانون بعيداً عن لعبة "الاصطفافات" وتصفية الحسابات، إضافة إلى كل الذين ينادون بحتمية الاصلاح والتحول الديمقراطي كثقافة تؤدى الى "الاختيار الحر" لاصحاب الخبرة والكفاءة ليتسيدوا المشهد الاكاديمي، عندها يصبح المجلس بحق جزء من منظومة يمكن ان تساهم فى بناء الدولة الديمقراطية الحديثة بجامعاتها وكفاءاتها لتصل إلى العالم الأول بهذه القدرات