طلبة نيوز- .أ.د نضال يونس

ماذا نعرف عن الجامعات الطرفية؟ ربما يأتي الجواب عن مشاكلها المالية والعنف الذى يمارسه طلابها والتدخلات العشائرية، وربما بعدها عن العاصمة ومشكلة المواصلات، فى حين ان بعض هذه الجامعات تحولت الى مراكز بحث واستقطاب عقول ونشاط طلابي قلبت الموازين بسرعة خطوات التطوير والتحديث، وصارت الجامعات الاطول منها عمرا تدرس ظاهرة "الجامعة الناشئة والجامعة الفتية، كيف استطاعت جامعات انشأت في عمق الصحراء الاردنية و في وسط ظروف مجتمعية صعبه تحمل كل هذه التحديات ومع ذلك تخرج منها بقوة وثبات؟، هل كان ذلك بتحالفات اكاديمية وبحثية ومؤتمرات وايام علمية مشتركة، أم بجهود جماعية ترفض الاستسلام للواقع الصعب ولا تعرف المستحيل!!!.

طاقات بشرية عاملة فى تلك الجامعات بهرت الجميع، الكلّ ينظر إليها من زاوية فكره وتقديراته وتحليلاته، ومع ذلك فالمارد انطلق ومسألة إيقافه صعبة بل مستحيلة، فصار البديل هو التعامل معها كمؤسسات "علمية" حقيقة تفرض نفسها بقوة وربما تتجاوز غيرها علميا وبحثيا وناثيرا فى بيئتها الاجتماعية في الحاضر والمستقبل، نعود لسؤالنا ماذا تعرف عن الجامعات الطرفية؟ مواقعها الجغرافية الطاردة، ام مكتسباتها المادية المحفزة، علاواتها التاسيسية" وأقوال رؤسائها ومؤسسيها " على قدر اهل العزم " ام الطائفية والمخاوف من الصراعات العشائرية بأننا "نقلع العين ان لدت تلانا "!!

وإذا كانت هذه الأدبيات والمعلومات "الخاطئة" همّاً محليا لراصدي التغيرات المتسارعة في عالم اليوم، فالجامعات الطرفية دخلت الميدان بقوة تاركة خلفها إرث التخلف ومسلسل العنف الجامعي للمساهمة فى خدمة مجتمعاتها المحلية، حتى إن ما سمي «الواجهات العشائرية» ممن استفزهم وجود منارات علمية على حافة مدنهم وقراهم، بدأوا يمارسون الضغط على الحكومة فى اعطائهم حقوقا فى ادارة تلك الجامعات والتحكم بعملها منكرين الدور الكبير الذى تقدمه تلك الجامعات فى تنمية البيئة المحيطة بها.

أعود وأقول ماذا نعرف عن الجامعات الطرفية؟ فها هي "الهاشمية" مثلا تفوز فى جائزة الحسن بن طلال للتميز العلمي لهذا العام، تنشأ القاعات التدريسية الضخمة، وتستثمر في مشاريع الطاقة الشمية وتسعى لان يكون لها مكان فى مجال الطاقة المتجددة، ترسل المبعوثين وتعين الاساتذة والباحثين فى كل التخصصات بلا عجز مالي ولا قروض بنكية، تشارك مع بقية الجامعات الاردنية فى بناء وطن يطمح ان يكون مركزا علميا وتعليميا مميزا بين دول الجوار، لكن هل وضعنا استراتيجيات طويلة تنتج طلبة مثقفين وعلماء خبراء قادرين على تلمس حاجات الوطن ومعالجة تداعياتها؟ هل وضعنا استراتيجية فى انشاء تجمعات ومدن جامعية حول تلك الجامعات؟

أعلم أننا لا نسير بنفس العمل الجاد الذي تقوده الجامعات العالمية العريقة، لكننا ملزمون بأن نطور عملنا بما يجعلنا نفهم تاريخ هذا الوطن، كيف يسير ويتطور، والى اين يتجه؟ لماذا لا نتشارك في انشاء مراكز البحث المتميزة ونتبادل الخبرات الاكاديمية و البحثية، وكل ما يوسع دائرة التكامل بين الجامعات الاردنية؟؟، فنحن أمام بلد يزحف للمستقبل، وعصرنا اليوم يجبرنا على أن تكون الجامعات الطرفية جزءاً من اهتماماتنا الأساسية لأنها قادمة لا تنتظر الآخرين، والمؤسف أن معلوماتنا عن هذه الجامعات حتى عند صناع القرار والمؤسسات الاعلامية لا تتعدى بعض المعلومات "البسيطة والسطحية" أو المغلوطة بينما الذين يعملون بصمت وانكار للذات لا يجدون من يقدر جهودهم وانجازاتهم فى تلك الجامعات، وعلى هذا الأساس لابد من إيجاد مراكز بحث ومعلومات تهتم بكل الجوانب وتضعها بصدق امام المواطن وصانع القرار أسوة بما تعمله الجامعات العريقة، حتى نكون على دراية تامة بما يجري في تلك الجامعات كي نتمكن من ترسيخ خطوات لأعمال تصب فى مصلحة كل المدن والبوادي الاردنية..

قد لا يغرينا أن لا تحقق الجامعات الطرفية المستوى العلمي والبحثي المطلوب، لكنها بدايات يجب أن تعطينا الحافز لأنْ نبني هيكلاً تعليميا وبحثيا لا يقتصر على التعليم العالي، وإنما من أولى درجات التأسيس التي تبدأ بالروضة، إلى المرحلة الابتدائية فالثانوية، لأننا يجب أن نختزل الزمن في الإنسان المتعلم والمؤهل، اغلى ما نملكه فى هذا الوطن ، وبدون أن نعلن التحدي وجعل الخيار متفقاً مع أهدافنا وآمالنا، فسنبقى محبوسين فى عنق الزجاجة التى لا بد وان نتجاوزها بما تسمح لنا الفرص...