طلبه نيوز
د. مفضي المومني

أن تكون رئيسا لجامعة فهذا منصب أكاديمي مرموق في كل بلاد العالم، وغالبية جامعات العالم لديها تقاليد أكاديمية رصينة في تعيين رؤساء الجامعات لا تبتعد عن الكفاءة الأكاديمية والحنكة الإدارية والخبرة والرصانة وفوق ذلك العمل وقيادة الجامعة نحو التقدم ، ويكاد رئيس الجامعة في الجامعات المتقدمة أن يكون متفرغا تماما لتنفيذ استراتيجيات عليا وكذلك جلب التمويل والمشاريع وقيادة الجامعة نحو التقدم الأكاديمي والبحثي، ولا ينشغل يوميا بقضايا تنفيذية إدارية صغيره تشغله عن مهامه الكبرى التي يجب أن تنحصر بالدور الإشرافي على الأقسام الأكاديمية والإدارية ، وفي بلدنا ترى الأمور عكس ذلك فتعيين رؤساء الجامعات يخضع لتجاذبات سياسية ومناطقية وتدخلات مراكز القوى أحيانا وأحيانا أخرى تكون الواسطة سيدة الموقف، وقد مرت جامعاتنا سابقا بمثل ذلك ونستبشر خيرا بما تم أخيرا من إجراءات لمجلس التعليم العالي من تشكيل لجنة اختيار وان يتقدم من هو مؤهل للتنافس مع أن ذلك قد لا يقود لاختيار الأفضل دائماً.
والشئ الغير مفهوم في سياسات التعليم العالي هو تغول الإدارات التنفيذية أي الحكومة ووزارة التعليم العالي على الجامعات وخير مثال على ذلك ما تم سابقا من عمليات النقل لرؤساء جامعات وهي سابقة في تاريخ الجامعات الأردنية مع أن المنطق يقول إذا كان رئيس الجامعة ناجحا في إدارته فيجب إبقاءه في منصبه ودعمه لينفذ برامجه وأما إن كان غير ناجح فيجب تنحيته وإعطاء الفرصة لغيره، ومثال آخر تغيير رؤساء الجامعات بالجملة وهذا غير مفهوم أيضا مع أن بعضهم كانت خدمته قصيرة جدا ولم يأخذ وقته ليثبت نجاحه، والأمر أللآخر المحير ما يحدث حاليا وتكرر سابقا من إشاعات وتصريحات من أطراف حكومية وغير حكومية أن هنالك تغيير كبير بالجملة كما أسلفت على رؤساء الجامعات وأتخيل موقف رؤساء الجامعات والإرباك الذي يسود الجامعات وحالة الترقب والانتظار وتحرك أشباه الاكاديمين الباحثين عن المناصب وتجييش الواسطات وإثارة الشائعات والردة على الرئيس المهدد بالتغيير، وتعطل القرارات أو أحيانا اتخاذ قرارات في غير صالح الجامعة كما حدث سابقا (هواة مقفي) كل ذلك مربك وغير نظامي ولا يليق بجامعاتنا، الأصل أن يأخذ رئيس الجامعة وقته الذي عين له إلا في حالات موجبه وواضحة تحتمل التقصير، أو الفشل الواضح في إدارة الجامعة ، أما أن تصبح قضية تغيير رؤساء الجامعات خاضعة لمزاجية جهات أو تصفية حسابات أو عملية موسميه من باب الحركة دون هدف واضح فذلك قمة الفشل.
يحسد بعض رؤساء الجامعات في هذه الأيام على وضعهم فهم في منطقة الخطر (مثل برامج المسابقات) للأسف، مع أن غالبية رؤساء الجامعات الأردنية يعملون ضمن موازنات تقشفية لا تبتعد عن (تسليك الحال) وليس هنالك ثمة ميزانيات للتفكير بأكثر من ذلك لان الحكومة استولت على ضريبة الجامعات وتدعم الجامعات بالفتات منها، وأصبح بعض رؤساء الجامعات يستجدون وزير المالية أو مدراء البنوك لتدبير رواتب العاملين في كثير من الأحيان، وأيضا فالكل يعرف الضغوط التي تمارس على رؤساء الجامعات من أطراف عدة حكومية او تشريعية أو شعبية.
في النهاية منصب رئيس الجامعة واحترامه والتعامل معه بغير ما أسلفت ينم عن حضارة الأمة وتقديرها للعلم والعلماء ويجب ان لا يخضع لكل هذه التجاذبات والتصريحات الإعلامية بهذه الطريقة الممجوجة، لان ذلك في النهاية من العوامل السلبية التي تؤثر على مسيرة التعليم العالي في بلدنا...حمى الله الأردن.