TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
(جدلية الإطار وفاعلية المضمون في التخطيط الاستراتيجي )
31/05/2014 - 6:00pm

طلبه نيوز
د. نواف أحمد سماره – باحث أكاديمي – جامعة مؤتة
في رحاب جامعة مؤتة وبين أهلها الطيبين وعلى ثراها المعطر بدماء الشهداء الأبرار، والذي فيها من شموخ زيد وعبدالله وجعفر ما نعتز به ونرفع هاماتنا اعتزازاً وإكباراً وإجلالاً . إنعقد قبل أيام مؤتمر إقليمي خرج عن الإطار التقليدي للمؤتمرات! من حيث العنوان، وزخم المشاركة، وعدد أوراق العمل التي تجاوزت الأربعين قدمت خلال انعقاده على مدى يومين متتاليين ومن حيث غياب الحضور إلاّ ما رحم ربي، ومن حيث انفراده بتوصية أجمع عليها المشاركون.
وعوداً على المؤتمر الذي تأطر بعنوان " التخيط الاستراتيجي في التعليم العالي ...جدلية الإطار وفاعلية المضمون" الذي نظمته دائرة المعلومات والتخطيط في جامعة مؤتة في الفترة ما بين (28-29/5/2014) بالتعاون مع كلية إدارة الأعمال وكلية العلوم التربوية وبدعم من مؤسسات المجتمع المحلي حظيت بالشكر والثناء، وما زاد المؤتمر تميّزاً هو افتتاحه برعاية أستاذنا الفاضل دولة الأستاذ الدكتور عبدالسلام المجالي وعطوفة رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رضا الخوالدة رئيس اللجنة العليا للمؤتمر ونواّب الرئيس وعمداء الكليات والمشاركين في المؤتمر من أقطار الوطن العربي وجمع من الأكاديميين والإداريين والمهتمين.
وبعيداً عن البهرجة الإعلامية، ناقش المؤتمرون على مدى يومين العديد من أوراق العمل والدراسات العلمية تناولت دور وواقع التخطيط الاستراتيجي في التعليم العالي. ومن جامعة مؤتة كانت إنطلاقة فعاليات المؤتمر بورقة علمية قدّمها زميلنا الدكتور نائل الرشايدة، مزج فيها فلسفة العقل العربي في التعاطي مع مفهوم الخطيط الاستراتيجي واتخذ من جامعة مؤتة انموذجاً.
ولأن التخطيط الاستراتيجي ينزع إلى التغيير فقد ركّز على العمى الإدراكي الذي يتجلى من خلال التبخيس اللإرادي للطاقات التغييرية والإمكانات الفاعلة، ولأن القناعة الظاهرية والاكتفاء الخادع يسهمان في الإبقاء على الوضع القائم ظناً بأن الأمور تسير بشكل جيد وأن لا حاجة إلى التفكير بطرق جديدة أو الانطلاق إلى غايات لا يمكن التنبؤ بنتائجها، حيث ما تزال عقلية المختار حاضرة في أذهان العاملين انطلاقا من مصطلحات العيب الاجنماعي، وعدم تلقي الأوامر من الآخرين، وإيماناً بنظرية الإزاحة والفكر الإسقاطي حيث يؤمن الفرد بنظرية المؤامرة والإحالة إلى قوى خارجية قاهرة، فلا يملك الإنسان تجاهها حولا ولا قوة، وهذا أشبه ما يكون بالفوضى الخلاقة حيث تتسابق المؤسسات في إعداد الخطط الاستراتيجية، وتزيين مواقعها الإلكترونية بالرؤية والرسالة، ليس هذا عن قناعة بأهمية التخطيط الاستراتيجي وفاعليته في تحقيق الأهداف المؤسسية، وإنما جرياً مع التيار وبحكم النزعة الفردية والحساسية العالية وتأويل الأمور في الجانب السلبي غالباً، الأمر الذي يؤدي إلى الانكفاء على الذات مما يولّد عجزاً مكتسباً أمام نجاحات الآخرين والانبهار بمعطيات التكنولوجيا.
وفي إطار النزعة الأكاديمية النظرية فإنّ الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي لا يكاد يخرج عن النطاق الأكاديمي، ولم يصبح حتى اللحظة جزءا من نسيج التفكير الاجتماعي الثابت واليقيني والقطعي لأن عقولنا ما تزال رهينة المسلمات والثوابت والمحكمات بينما التخطيط الاستراتيجي عملية ديناميكية تقود إلى التغيير.
وفي جميع مداولات المشاركين في ذا المؤتمر لم يخرج النقاش عن الإطار المفاهيمي للتخطيط الاستراتيجي الذي يهتم بتحديد الأهداف التي تسعى المؤسسة أو الجامعة إلى تحقيقها، حيث يترابط مع مفهوم الاستراتيجية خيارات الإدارة للاستفادة من الموارد والإمكانات المتاحة لها لتحقيق أفضل النتائج، فهو مفهوم يعبر عن فهم واقعي لما يدور في البيئة الداخلية للمنظمة أو المؤسسة، ومحاولة التعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف فيها، وفهم الببئة الخارجية ومحاولة التعرف على الفرص والمخاطر التي تنطوي عليها، يما يمكّن من استشراف المستقبل والإعداد له، وصياغة مجموعة من البدائل الاستراتيجية التي تقود المنظمة لتحقيق أهدافها، وتوفير شروط وظروف أفضل تساهم في تسهيل تحقيق هذه الأهداف.
كما أن الأهداف العامة للمنظمة أو المؤسسة هي الأهداف التي تعلنها للمجتمع، وتعبر عن غاياتها، وعادة ما توضح الهدف من وجود المنظمة في المجتمع. بينما الأهداف الإستراتيجية تتضمن النتائج التي ترغب المنظمة في تحقيقها خلال فترة قادمة، ويتم بموجبها ترجمة الأهداف العامة ورسالة المنظمة إلى أهداف يمكن تحقيقها ويمكن قياسها، محددة بإطار زمني محدد.
وتؤكد الشواهد الواقعية للعديد من المنظمات والمؤسسات التعليمية أن الأمر لم بعد قاصراً على مراعاة الإمكانات الداخلية والمؤثرات الخارجية القائمة لكي تتحقق الكفاءة في الأداء والفعالية في تحقيق النتائج، وإنما يقتضي الأمر أن يتوفر لدى المنظمة أدواتها المهنية للتعرف على إتجاهات عناصر البيئة الخارجية، واستكشاف مؤثرات الأهداف المتوقعة، بل والمبادأة لإحداثها أو تغيير خصائصها أو تأثيرها من جانب، وأن يتوفر لدى المنظمة أو المؤسسة القدرة على توظيف تلك الاتجاهات واستثمارها بما يحقق رسالتها ويخدم أهدافها من جانب آخر.
لقد شهد التعليم العالي تحولاً جذرياً في أساليب التدريس وأنماط التعليم ومجالاته، وقد جاء هذا التطور استجابة لجملة من التحديات التي واجهت التعليم العالي، والتي تكمن في تطور تقنيات التعليم وزيادة الإقبال عليه، والانفجار المعرفي الهائل وظاهرة العولمة، مما حدا بالقائمين علىه إلى ضرورة إحداث تغيير في طريقة التفكير نحو التوجهات الاستراتيجية، والقيادة الفاعله القائمة على استثمار الموارد البشرية، وإعدادها الإعداد الملائم لاستيعاب كافة المتغيرات، وحسن اختيار البدائل في ضوء رؤية واضحة ونظرة مستقبلية واعية لعملية التغيير.
ولكي تتمكن مؤسسات التعليم العالي من معايشة عصر العولمة والتعامل مع مفرداته، واستيعاب التقنية التي فرضت نفسها على مختلف قطاعات الحياة المعاصرة، فإن عليها أن تخوض عملية تغيير شامل وجذري يتعدى الشكل إلى المضمون، بحيث يحقق الصورة المناسبة مع متطلبات العصر.
لذا تتطلب عملية التغيير تحديد الأهداف الاستراتيجية والمبادئ الهادية للمنظومة القومية للتعليم الجامعي، لتكون أساساً ينطلق منه برنامج تطوير التعليم الجامعي في ضوء الرؤية الواضحة للتحولات الجذرية والمحلية والإقليمية والعالمية، وتستند استراتيجية التغيير إلى إدراك واع لطبيعة الدور الخطير الذي يلعبه التعليم الجامعي في نمو الأمم والشعوب.
لقد دأبت الجامعات الأردنية على اللحاق بركب التقدم العلمي ومسايرته في جميع النواحي، وأخذت بآليات متعددة لتحقيق ذلك منها: تغيير الهياكل التنظيمية وتعديل السياسات، وتطوير السلوكيات، والتركيز على جودة المخرجات، إلا أنها بقيت قاصرة في تحقيق جميع ذلك في سياق خطة استراتيجية جامعة لرؤى وفلسفات وغايات استراتيجية تراعي المعايير والمواصفات اللازمة.
ويبقى التخطيط الاستراتيجي وآليات تفعيله قاصرة عن تحولها إلى واقعاً ملموساً، حيث ما تزال موضع جدل ضمن إطار مفاهيمي.
لقد حاول المشاركون بعد يومين من طرحهم لأوراق العمل والدراسات التي تناولت التخطيط الاستراتيجي من كافة الزوايا والاتجاهات الوصول إلى رؤية واضحة يمكن صياغتها بشكل توصيات ختامية إلا أن هذه التوصيات ظلّت تقليدية وموضع جدل، إلاّ أنّ الاجماع كان واضحاً وشكّل ظاهرة فريدة في انعقاد هذا المؤتمر في أردن الأردنيين بلد الأمن والأمان والاستقرار بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه، فاعتبر إنجازاً بحد ذاته، حيث توحدت في بوتقة واحدة مشاعر المشاركين الأشقاء من أقطار الوطن العربي من الأردن والجزائر وفلسطين والمملكة العربية السعودية ومصر واليمن. وهذه التوصية الوحيدة التي أجمع عليها المشاركون فكانت بحق.... شهادة.
تنويه: الجلسة الختامية للمؤتمر وخروجاً عن الأعراف التقليدية، عقدت في قاعة مركز أوقاف المزار الجنوبي بجوار ضريح عبدالله بن رواحة.

التعليقات

د فايز محمد المجالي (.) السبت, 05/31/2014 - 19:58

عبارات وجمل خلاقة يا دكتور نواف اشكرك عليها وهذا يدل على تفكير عميق وفكر نير ، لكن يا صاح لماذا توصية واحدة كان هناك توصيات كثيرة ولا نستطيع اهمال
التوصيات المهمة والمنطقبة
شكرا لك

د فايز محمد المجالي (.) السبت, 05/31/2014 - 19:59

عبارات وجمل خلاقة يا دكتور نواف اشكرك عليها وهذا يدل على تفكير عميق وفكر نير ، لكن يا صاح لماذا توصية واحدة كان هناك توصيات كثيرة ولا نستطيع اهمال
التوصيات المهمة والمنطقبة
شكرا لك

د.فيصل الكساسبه (.) السبت, 05/31/2014 - 23:50

كل الشكر و التقدير لكل من ساهم في نجاح هذا المؤتمر.
و كل التقدير للدكتور نواف على جهوده.

د.فيصل الكساسبه (.) السبت, 05/31/2014 - 23:50

كل الشكر و التقدير لكل من ساهم في نجاح هذا المؤتمر.
و كل التقدير للدكتور نواف على جهوده.

عيسى البطوش (.) الأحد, 06/01/2014 - 09:37

كل الشكر والتقدير لشخصك النير بمنارة الاخلاق د. نواف كما عهدناك دائما متمنين لك كل التقدم بظل جامعتنا الموقرة ان شاء الله

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)