TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ثورة بيضاء ؟؟
16/03/2015 - 12:45pm

طلبة نيوز- د.فاطمة عليمات

 

بات المجتمع يعاني من فساد وضعف وتخلف وظلم، وبدأ يستشعر الكثيرون من أفراده خطورة ذلك على مسيرة حياتهم، فأخذوا يتحدثون عن ثورات بيضاء في مؤسسات الدولة كافة ويدعون إليها؛ لإصلاح الواقع، ورسم المستقبل، والمحافظة على مقدّرات الوطن وصونها من الفساد والمفسدين، وتحقيق الحياة الآمنة، والمضي بالوطن قدما نحو الأمام بأمان، فما من مجال سياسي أو اقتصادي أو تعليمي أو اجتماعي إلا وطرق الحديث عن ثورة بيضاء بابه. وواقع الحال أن هذا الحديث لم يتجاوز الأذان، وبقي حيز التنظير ولم يرق إلى التنفيذ؛ فما زلنا نراوح مكاننا في مكابدة الظلم والفساد والتخلف والمعاناة، بل أصبحنا نلمس تناميها جهارا نهارا.

يعتقد بعضهم أن الثورة البيضاء تكون في تغيير نظام، أو في إسقاط حكومة،  أو تغيير وزير، أو إقالة مسؤول، أو حلّ مجلس نواب، والحقيقة أن الثورة يجب أن تكون ثورة على ذواتنا المسكونة بعوالم غريبة؛ فكل واحد منّا بحاجة إلى أن يعود إلى نفسه أولاً ويثور عليها، بدءاً من الأم، والأب، والطالب والمعلم ، والموظف، والمدير، والوزير، والنائب...، أفليس هؤلاء صنّاع قرار في مواقعهم؟ ، ألا يملك هؤلاء أن يغيّروا ويعدّلوا، وأن يكونوا مؤثرين وفاعلين؟ .

نحن بحاجة إلى ثورة نقف فيها على أمراضنا النفسيّة الساكنة في عقولنا وضمائرنا، أمراضنا التي نبذل قصارى جهدنا في سلوكها وممارستها للحصول على مكتسبات شخصيّة، نحن بحاجة إلى ثورة على أفكارنا ومبادئنا، ونحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتواصل مع الآخر، وكيف نحترمه، وكيف نفكر وكيف نخطط، وكيف نعمل بإخلاص، وكيف ننتمي، وكيف نحترم بعضنا، وكيف نكون صادقين مع أنفسنا قبل أن نكون صادقين مع الآخرين، ونحن بحاجة إلى أن نعرف كيف نبني جيلاً منتمياً  مؤمناً بالقيم والمبادئ التي تقوي الوطن وتجعله في مصاف الدول المتقدمة، وكيف وكيف وكيف...

الثورة البيضاء نظام متكامل، لا يتحقق بتغيير النظم السياسية، بل يتحقق بتغيير الذات والمساواة العادلة مع الآخر، وبالعمل الصادق، والابتعاد عن الشعارات ؛ فما من مصّلح أفضل للإنسان من نفسه، والنفس هي القادرة على حلّ أزماتها، والقصص ماثلة أمامنا؛ فلم يغيّر إسقاط رئيس دولة من هنا أو هناك من الواقع شيئا، بل إنّ الحال عادت إلى الوراء أكثر من ذي قبل.

قال تعالى: "إنّ الله لا يُغيّر ما بقوم حتّى يُغيّروا ما بأنفسهم" .فإن بدأنا بأنفسنا سنجني ثمار ثورتنا بصمت وهدوء ، وهذه الثورة التي نطالب بها  تنسجم  مع الفطرة الإنسانية السليمة ، وإن عملنا بها  فلا شك أن التغيير والتقويم الشامل المتكامل حادث لا محالة.

 

 

 

 

التعليقات

سمعة (.) الاثنين, 03/16/2015 - 14:55

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه..لو يدري الهوى لو يدري

د.عمر الخزاعلة (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 02:09

كلام رائع يا دكتورة ... وتكمن المشكلة في كثرة المنظرين ... فالكل سياسي والكل اقتصادي والكل مصلح اجتماعي ... والكل ذو فتوى وواعظ ... والكل ثورة في سبيل الموقع والثروة ... ان ما تقولينه صواب ويحتاج الى ثقافة جديدة منقحة مع توافر الوقت الكافي والارادة الجادة المخلصة لتحقيق رؤيتك حتى لو لم نقطف ثمارها فعلى الاقل نورثها لمن بعدنا ... اشكرك دكتورة ودائما متميزة ومبدعة ؟

حسين مناصر (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 07:59

!!!!!!!نحن بحاجة إلى ثورة نقف فيها على أمراضنا النفسيّة الساكنة في عقولنا وضمائرنا، أمراضنا التي نبذل قصارى جهدنا في سلوكها وممارستها للحصول على مكتسبات شخصيّة.....!!!!!!!!!!!!!!!

اكاديمي (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 09:18

المفال واقعي جدا ,وعلى ما يبدو ان هناك كثيرون يعنيهم هذا المقال,ومن معرفتي بالدكتورة فاطمة عليمات ان هناك الكثير من الامراض النفسية والعقد الاجتماعية عالجتها لكثير من المرضى,مرضى السلطة والانانية والاحتكار والنفاق والكذب, ولاشك ان اصحاب هذه الامراض يابون العلاج.

د. يسرى الحسبان (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 12:09

الدكتورة الفاضلة قلت فأبدعت وأوجزت فأبلغت ومقالك يعبر عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك "

اكاديمي (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 21:55

شكرا لك دكتورة لتشخيصك للواقع الذي نعيشه ولوجود اشخاص كثيرون من هذا النوع في الجامعات والمجتمع

ابراهيم العياصره (.) الثلاثاء, 03/17/2015 - 23:38

اشكرك يادكتوره واكثر الله من اثالك من الخيرين في بلدنا لقد اثرت قضيه يعاني منها الجميع فنحن مجتمع في عقله الباطن تقوده الانا التي قتلت فينا روح العطاء

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)