TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الشفافية الزائفة في القرارات الحكومية
10/07/2014 - 10:30am

طلبه نيوز

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

مصطلح الشفافية في الأردن من أكثر المصطلحات شيوعا واستخداما وخصوصا من قبل المسؤولين الحكوميين ابتداءا من رئيس الوزراء وانتهاءا بأي مسئول في أدنى حلقات الهرم الإداري في الحكومة ،لا بل فقد أصبح هذه المفهوم يستخدم بمناسبة أو بغير مناسبة من قبل الخطباء والمتحدثين في المجالس العامة والخاصة وحتى في الأسواق والكراجات لدرجه يعتقد ضيوف الأردن أن المملكة واحة من الشفافية، وحرية المعلومات وسهولة الوصول لها.والحقيقة تبدوا عكس ذلك تماما حيث أن معظم القرارات الحكومية وخصوصا تلك المتعلقة بالتعيينات في المواقع القيادية أو الدبلوماسية أو التنسيبات الأمنية بخصوص الموافقة أو عدمها على قرار حكومي معين تبدوا معظمها غير شفافة وغير متاح للصحفيين أو عموم المواطنين الوصول إليها أو إن تم الوصول إليها قد تبدوا الأمور أصولية ولا يشوبها شائبة قانونية أو إجرائية في حين أن القرارات تم الاتفاق عليها بشكل شخصي قبل انعقاد الاجتماعات وتم إخراجها بشكل رسمي وإلباسها رداء قانوني يصعب خرقه أو اختراقه وهو تماما ما حدث في كثير من قضايا الفساد التي وجد بأنها محبوكة بشكل يصعب من خلاله إدانة أو تجريم جهة معينة.
الشفافية تعني أنه يمكن للمواطن المعني أو المتضرر من قرارات حكومية معينة وكذلك الصحافة والصحفيين الوصول إلى المعلومات والحيثيات المتعلقة بالقرارات باستثناء القرارات المتعلقة بالأمن القومي ومصالح الوطن العليا وهذين الجانبين يصعب تعريفهما وتحديد المقصود بالأمن الوطني ومصلحة الوطن العليا . مصلحة الوطن العليا وتحقيق الأمن الوطني وقدح مقامات عليا مصطلحات مطاطة ليس لها معاني دقيقة وتستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو قمع جهات أو أفكار أو اتجاهات معارضة للقرارات الحكومية أو إخفاء معلومات وقرارات غير نزيهة وغير صحيحة عن الناس .
يتساءل بعض المواطنين عن مدى شفافية تعيين السفراء في وزارة الخارجية من داخل وخارج السلك الدبلوماسي؟ وعلى أي معايير تستند عملية التعيين هذه ؟وما مدى شفافية تعيين رؤساء الجامعات ونوابهم والعمداء في الجامعات الأردنية الرسمية وهل يستطيع أحد أن يكشف الأسباب الحقيقية والتدخلات من قبل الأجهزة الأمنية في مثل هكذا تعيينات ؟وهل يستطيع أحد أن ينكر أن جميع التعيينات لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات مشروط بموافقة من الدوائر الأمنية؟هل تصدقون أن أحد أعضاء هيئة التدريس يتم استدعائه من قبل الأجهزة الأمنية ويعرض عليه موقع عميد قبل أن يفاتحه رئيس الجامعة بذلك؟بالطبع عند رفض تعيين المتقدم يقال له أنه لم يقع عليه الاختيار لكنه لا يطلع على السبب الحقيقي وهو الرفض الأمني فأي شفافية هذه التي نتحدث عنها؟
معظم قضايا الفساد في الأردن جاءت نتيجة لغياب الشفافية التي يتشدق بها معظم المسؤولين الأردنيين الذي يخفون المعلومات ويضفون جميع صنوف السرية في العمل الحكومي لدرجة أن الإفصاح عن أي معلومات عامة يمكن أن يعرض الموظفين للمسائلة وكأنهم قد أفصحوا عن معلومات نووية أو عسكرية لجهات عدوه .أين الشفافية من غسيل الأموال والتي مضى عليها سنوات طوال،وأين الشفافية في التعيينات في وزارة الخارجية ،وأين الشفافية في تدخل أطراف من العائلة المالكة في تعيينات قيادية في وزارة الخارجية وغيرها ؟ أين الشفافية مما يدور حول فساد وليد الكردي والأموال التي" شفطها" من الفوسفات ؟وأين الشفافية في قضية قرار عمدة عمان المتصل بوقف الملاحقة القانونية بشأن تهرب السيد جمال الراسخ خال الملكة من الضرائب المستحقة لأمانة عمان على شركته ؟ واين الشفافية في قضية منح عشرة دونمات من أراضي سلطة وادي الاردن في الأغوار لعبقري الدبلوماسية الاردنية السيد ناصر جودة ؟وأين الشفافية في المصروفات الهائلة للديوان الملكي والتي تتجاوز الأرقام المعلنة في الموازنة؟ وأين الشفافية في الإنفاق العسكري الذي يناهز الألفي مليون دينار سنويا وهل هناك دراسة ومناقشة حقيقية لهذه الموازنة من قبل مجلس النواب؟ .
إن الاستخدام المتكرر لمصطلح الشفافية في الأردن هو مؤشر على غيابها وليس حضورها ووجودها في المجتمع، وكما يقولون بأن الأواني الفارغة هي الأكثر إزعاجا وضجيجا من الأواني الممتلئة تماما مثلما أن التجارة الكاسدة والمنخفضة الجودة يكثر أصحابها من الصراخ والتشدق بالجودة في حين أن البضاعة الجيدة لا تحتاج لنفس القدر من الدعاية والترويج. الأردنيون يروق لهم استخدام المصطلح انطلاقا من اللياقة الكلامية والخطابية في حين لا يعكس ذلك شفافية حقيقية في العمل لحكومي. في الدول الديمقراطية الحقيقية قلما تسمع حديثا الشفافية ولكنك تراها كل يوم وتسمع عن الفضائح والمخالفات والتجاوزات القانونية والأخلاقية ومعظم هذه الفضائح والتجاوزات تكشف من خلال وسائل الإعلام وحرية الوصول للمعلومات. الشفافية في الأردن كلام نظري وللاستهلاك المحلي فلا النظام السياسي ولا رؤساء الحكومات ولا المسؤولين بكافة شرائحهم يميلون للشفافية وهم يتمتعوا بالسرية في المعلومات والقرارات ويتمترسون خلف السرية لأنها تتستر على أخطائهم وفضائحهم وقراراتهم وسوء استخدامهم لصلاحياتهم ويخرج علينا بعض المسؤولين والنواب ليقولوا من لديه معلومات عن فساد أو شبهة فساد فليذهب للمحكمة أو لدائرة مكافحة الفساد ليدلي بمعلوماته فمن أين ستأتي المعلومات في ظل هكذا أوضاع من السرية وعدم الشفافية في القرارات الحكومية!

التعليقات

اربداوي (.) الخميس, 07/10/2014 - 13:30

كلام رائع يا دكتور وفقك الله

رحيل غرايبه (.) الخميس, 07/10/2014 - 15:42

الحكومه طايرة ان شاء الله

رحيل غرايبه (.) الخميس, 07/10/2014 - 15:42

الحكومه طايرة ان شاء الله

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)