TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
التلطف في تحكيم الابحاث العلمية
23/12/2016 - 2:15pm

طلبة نيوز-  الدكتور محمود رمضان الجبور

 
لست في معرض سرد أسس تحكيم الأبحاث العلمية والكتب والمصنفات والأعمال المقدمة للنشر أو المسابقات، حيث يمكن الحديث عن معايير ثابتة وأسس متفق عليها تحددها الجهة المعنية، ومنها الجدة والأصالة ووضوح المنهجية وسلامة الوصول إلى النتائج وقيمتها ، وسلامة اللغة وحيادية الباحث، وكل ما يتصل بعلمية العمل المقدم وقيمته . غير أن ما استرعى انتباهي منذ أن بدأت تتاح لي فرصة الاطلاع على تقارير من يقومون بتحكيم الأبحاث في المجلات العلمية في الوطن العربي أمور يمكن إجمالها بما هو آت : 
أولا: أغلب الذين اطلعت على تقريرهم ، سواء كانت تخصني أو تخص غيري ، يدخلون إلى البحث بعقلية تفترض أن الباحث خائن خوان مدلس ، سارق لجهد غيره ، فيعمد إلى ترصد أي هفوة مقصودة كانت أو غير مقصودة ، وقد تكون تلك الهفوة ناتجة عن تقصير من الباحث لا يؤثر في سلامة المناقشات والنتائج التي توصل لها .
ثانيا : تركز أغلب المثالب التي يقف عليها المحكمون على نواحي شكلية ، هي من الأهمية بمكان ، غير أنها لا تمس جوهر العمل المراد تحكيمه . 
ثالثا : تتفاوت تقارير المحكمين أحيانا، فيمتدح أحدهم ما يذمه الآخر ، يشيد أحدهم بالعمل بينما يشنع الآخر عليه ، صحيح أننا قد نختلف في حكمنا على الأشياء وهذه سنة الله في خلقه ، لاختلاف مشاربنا والمرجعيات التي تحكم مواقفنا ، غير أن مرد الاختلاف أحايين كثيرة غياب الأسس والمعايير الثابتة التي نحتكم إليها .
رابعا : وهو الأهم ، تبدو لغة المحكمين بالإجمال متشنجة متوترة كأنما بين المحكم والباحث عداء وبغضاء ، فبين (فشل) و(أخفق ) و(سطا ) و(بحث لا يرقى لمستوى مقالة ) و (وتلفيق ) إلى غير ذلك من العبارات التي تنم عن سلطوية تجعل من يفكرون بالكتابة من الباحثين المبتدئين يحجمون عن البحث والكتابة . في المقابل تجربتي مع مجلات غير عربية بخلاف ذلك تماما ،حيث يبدأ المحكم تقريره بشكر الباحث على ما قام به من جهد وما أنفقه من وقت ومال ، ثم ذكر إيجابيات البحث ، إلى أن يستدرك بقوله " غير أن الباحث فاته أن يعود إلى دراسة فلان ، كما أن منهجيته لم تكن واضحة ، وغير ذلك من العيوب والنواقص التي وقف عليها المحكم ، إلى أن يوصي بعدم نشر البحث . 
تلك ثقافة توارثناها في التعاطي مع البحوث التي تصل إلينا بغية تحكيمها سواء كانت لطلبتنا أو لزملاء لنا ننظر في أبحاثهم ، إن هذا النوع من العمل على أهميته لم نتعلمه ولم توله مؤسساتنا العلمية العناية اللازمة على أهميته ، لذا أوصي بعقد دورات في التحكيم العلمي كالدورات التي تعقد في إعداد الامتحانات والمواد التعلمية .
 
 

التعليقات

مجهول (.) الاربعاء, 12/28/2016 - 11:42

احسنت قولا

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)