طلبة نيوز-
د. مفضي المومني.
بداية مخجل ما حدث ويحدث في جامعاتنا من تطاول على إداراتها وشخوص رؤسائها والأسلوب المتخلف غير الحضاري الذي يكرس فينا غلو الجاهلية وطغيان النكوص عن التحضر، نصعد في سلم الحضارة درجة وذات جاهلية نعود عشر درجات ولا تقدم، نطوع الديمقراطية كما نريد ونخضعها لمعايير الجهل والتخلف والويل الويل لمجتمع يقوده جهلته.
لست بمعرض المدح أو التزلف لأحد، لكن ما حدث يعد سابقة خطيرة في منظومتنا القيمية ، المنظومة التي ربتنا على احترام العلم وأهله، المنظومة التي كانت تحتضن المعلم وترعاه عندما كان يأتي للقرية لتدريس أبنائها أيام لم تكن وزارات او مجالس تعليم عالي، كان المعلم ضيفا على كل بيت ويدفع راتبه من الناس ولا تكون مناسبة إلا وهو أول المدعوين يجالس علية القوم، هي منظومتنا التي تربينا عليها والتي أضحت على يد مجموعة صغيرة لا تمثل الجسم الجامعي عار على نظامنا التعليمي وقد تكون المسمار الأخير في نعش التعليم العالي إذا لم تتحرك الحكومة لتعيد للتعليم العالي القه وتضعه على الطريق الصحيح.
وحتى لا افهم خطأً فانا مع القضايا المطلبية العامة للعاملين في الجامعات إداريين وأعضاء هيئات تدريس، فالكل يعاني من التضخم ومن مطالب الحياة المتزايدة، والرواتب لم تعد تفي بالحد الأدنى لمتطلبات الحياة، ولكني استنكر أي أسلوب همجي خارج عن قيمنا وعاداتنا في المطالبة بهذه الحقوق، سيما وان الاعتصامات السلمية الحضارية أصبحت جزءً من ممارساتنا اليومية ومؤطرة قانونا، والإدارات الجامعية تتعامل معها بشكل طبيعي وسبق للعاملين في الجامعات ان احتجوا للحصول على حقوق لهم بالاعتصام والطرق السلمية ووصلوا إلى حلول مع جامعاتهم.
أما القضية الأكبر والتي أوصلتنا إلى ما نحن عليه هو تجاهل الحكومات المتعاقبة وآخرها الحكومة الحالية لقضايا التعليم العالي، وعدم تقديم أي حلول تنفيذية لما تعانيه الجامعات الحكومية، سواء في مجال الدعم المالي أو السياسات الخرقاء التي أطاحت بكل ما هو جميل في التعليم العالي في بلدنا، مع أن الحكومة تتحدث كثيرا وتتحفنا بالتصريحات لكن في الواقع تتصرف مع التعليم العالي بشكل مريب وكان (العرس عند الجيران).
مجمل السياسات الحكومية في التعليم العالي أفقدت التعليم والجامعات هيبتها، وحجمت دور الجامعات ورؤسائها في مجلس التعليم العالي، حتى أن الجامعات التي يجب أن تكون مستقلة أصبح رؤسائها موظفون تنفيذيون لدى وزير التعليم العالي والحكومة من خلال ترأس مجلس التعليم العالي.وتخاذلت الحكومة في تقديم حقوق الجامعات مما تجبيه من جيب المواطن والذي يصل إلى 450 مليون دينار سنويا تذهب للمالية الأردنية ولا يصل الجامعات منها إلا القليل القليل وبعض الجامعات حجب عنها هذا الدعم الهزيل بحجة الملاءة المالية!!،مما جعل رئيس الجامعة يتسول كل شهر وزير التعليم العالي ووزير المالية أو مدراء البنوك المال لدفع رواتب العاملين، نفس السياسة التي خلقت التعليم الموازي والذي عليه شبهة دستورية لأنه يخل في مبدأ المساواة بين الأردنيين ويميزهم ويجعل من التعليم متاحا لمن يملك المال حتى ولو كان تحصيله متدني ويحرم أبناء الفقراء منه ولو كان تحصيلهم مرتفع، حيث لجأت إليه الجامعات مكرهة، كمخرج من ضائقتها المالية وتطنيش الحكومات عن هذه الأزمة مع أن الحكومة تكرس الجامعات لعطاياها ومكرماتها واستثناءاتها وتعييناتها. ولا ننسى تسخيف الحكومات لرئاسة الجامعات من خلال التدخل في تعيين رؤساء الجامعات لصالح بعض من لا يستحقون ذلك، وأتحفتنا إحدى الحكومات سابقا بعمل تنقلات لرؤساء الجامعات في سابقة لم يسبقنا إليها احد، وفي آخر الاجتهادات العرمرمية أدخلت رؤساء الجامعات في معمعة التقييم والذي نحترمه إذا كان موضوعيا ونظاميا يطبق دائما وليس نزوة عند احدهم لتصفية حسابات مع رئيس جامعة معين او غير ذلك،وما أدخلنا فيه هذا العقم الإداري من شائعات وأحاديث أفقدت رئيس الجامعة هيبته وجعلته موظفا لا حول ولا قوة له ينتظر من معالي وزير التعليم العالي ان ينعم عليه بالتمديد او يصرفه شر صرفة!ولا أنسى بركات الحكومة الحالية في تكريس تغول القطاع الخاص على القطاع الحكومي والأمر معروف للجميع في كثير من القضايا والسياسات، وهذا غيض من فيض لسياسات أضعفت منظومة التعليم العالي وعملت على تهجير صفوة أعضاء الهيئات التدريسية للعمل في جامعات عربية، متحملة الغربة مقابل توفير العيش الكريم، الحكومة وسياساتها ونسيانها أمر الجامعات وعدم جديتها في حل مشاكلها أسهمت وتساهم في دق المسمار الأخير في نعش التعليم العالي حتى وصلنا الى ما رأيناه البارحة من اقتحام لمكاتب رؤساء ثلاث جامعات من اجل قضايا مطلبية تحل ببساطة لو كانت الأمور المالية في الجامعات في سويتها، والاسوء قادم إذا ما استمرت الحكومة في سياساتها العقيمة لتاريخه.
رئيس الجامعة ذات عليا يجب احترامها لأنها تمثل الجسم الجامعي ككل ولأنها تمثل احترام الأمة لعلمائها ولان تعيينه يقترن بإرادة ملكية من رأس النظام ليس عبثا بل تقديرا للمنصب الرفيع الذي إذا ما احترمناه وقدرناه فإننا نقدر ذاتنا.
في النهاية ما حصل مخجل والحل لدى الحكومة من خلال دعم الجامعات ولا اسميه دعما بل إعطاء الجامعات حقوقها من ضريبة الجامعات وتكريس هذه الضريبة فقط للجامعات وتقدمها لان ذلك هو الاستثمار الأفضل في الإنسان عنوان التنمية وأساسها، والقضية الثانية إعادة صياغة السياسات والقوانين والأنظمة بما يحفظ للجامعات سبل تقدمها والمحافظة على هيبة العاملين فيها وأولهم رؤسائها، خطوات لا تحتمل التأجيل وإلا فالقادم أسوء كما أسلفت. ....حمى الله الأردن.
التعليقات
سامر خصاونه (.) الثلاثاء, 05/12/2015 - 09:38
ارى ان اصحاب القرار في اتخاذهم اجراءات حازمة بحق كل من شارك في اعمال العنف التي جرت مؤخراً في الجامعات الثلاثة هم من بحاجة الى اتخاذ اجراءات حازمة بحقهم وليس موظفي الجامعات الذين عاشوا رغماً عنهم حالة تقشف زادت عن حدها لدرجة الوصول الى ما وصلت اليه هذه الجامعات .
ان فرض حالة التقشف في كل مؤوسسات الدولة نتج عنه اتخاذ قرار من قبل وزير التعليم العالي قبل السابق وهو الدكتور وجيه عويس بربط امور الجامعات المالية بموافقة مجلس التعليم العالي وهذا القرار كان مجحف بحق الجامعات والعاملين فيها فهناك جامعات لديها اكتفاء ذاتي وتستغني عن الدعم السنوي من قبل الحكومة لها الــ 7000000 دينار وعائدات الموازي في هذه الجامعات بزدياد سنوي ورغم ذلك لم يلتمس اي موظف او عضو هيئة تدريس اي شيء من هذا الازدياد نتيجة قرار الربط هذا وبحجة ان هناك جامعات اخرى لا تستطيع زيادة موظفيها !!!! ما شأن الجامعات التي لديها اكتفاء ذاتي وشأن الجامعات التي لا تستطيع ان تستقطب طلبة موازي او تحقق اكتفاء ذاتي لنفسها ؟!!
وبما ان كل جامعة تعتبر مؤسسة مستقلة مالياً وادارياً فلا يجب على اي انسان كان ان يربط مصير جامعة بجامعة اخرى ....
لكن وللاسف اتضح ان هذا التقشف والتوفير تسلبه الحكومة لتغطية عجزها و عجز بعض مؤوسساتها وعلى حساب الجامعات وتقدمها وتحسن اوضاع العاملين فيها !!!
رؤوساء الجامعات الذين تم الاعتداء عليهم والاخرين الذين يرتجفون خوفاً من ان يحصل لهم ما حصل لرؤوساء الجامعات الثلاثة يجب عليهم ان يقاضوا صاحب قرار التقشف وصاحب قرار ربط الامور المالية والادارية بموافقة التعليم العالي .....
متابع (.) الثلاثاء, 05/12/2015 - 10:02
- الشكر لطلبه نيوز على اهتمامها وتركيزها على اخبار قطاع التعليم.
- المتتبع للصحف الورقية والالكترونية ووسائل التواصل الاخرى يلحظ بأنها جميعاً تتحدث بمساحات واسعه حول المسار التعليمي في الاردن.
- بعيداً عن التشنج والرأي المسبق فان العامل المشترك فيما بينها يتلخص بأن التعليم العالي الاردني ومؤسساته في خطر.
- القاعدة الكبرى من الشعب متفقة على أن هناك سياسه واضحة للحكومات تتلخص بالتهميش وعدم الاكتراث بما يحصل.
- التساؤل الكبير الذي يدور في الاحاديث العامة والخاصة هو هل أن الحكومة فعلاً لا تريد أن تقرأ بل وترسم الخطط والاستراتيجيات وهي جالسة في كوكب المريخ؟
- بالنهاية شكراً للدكتور مفضي وغيره من المهتمين المخلصين على كتاباتهم وارائهم التي تفيد عند من يريد الفائده، وعلها تفيد الحكزمه اللاحقة؟
اضف تعليقك