TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
أزمة الثقة بالتعليم العام والخاص
09/06/2014 - 2:45am

طلبة نيوز- د.باسم الطويسي 

نتوقف أمام التصعيد الذي اتخذته نقابة أصحاب المدارس الخاصة، ردا على التعليمات الجديدة التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم مؤخرا لتنظيم هذا القطاع. فمن حق النقابة أن تمثل مصالح أعضائها بالطريقة التي تراها مناسبة، لكن دعونا نكون أكثر وضوحا. فهذا القطاع بحاجة إلى إصلاح وتنظيم منذ زمن طويل، وهذه الخطوة التي تتخذها وزارة التربية والتعليم جاءت متأخرة، وإن كانت تحسب للوزارة ووزيرها الحالي. فلطالما طُرحت العديد من الخطط لإصلاح التعليم على مدى أكثر من عقدين، ودائما ما كانت تلك الخطط تتجاوز التعليم الخاص؛ وكأن مستقبل أبناء جزء كبير من المجتمع لا يحتاج التوقف والمساءلة.
الأوضاع في التعليم الخاص ليس كلها "قمرة وربيع"، بل هناك مشكلات مزمنة لا تقل خطورة عن مشكلات التعليم في القطاع العام. إذ هناك تفاوت حاد في المستوى والجودة؛ فبينما تتمتع أعداد قليلة من المدارس الخاصة بمستوى متقدم من التعليم، هناك ضعف وترد في أوضاع مئات المدارس، مع غياب نظام لتصنيف المدارس يضبط إيقاعها، ويوفر مسطرة يمكن أن يقيس عليها الراغبون في الاستفادة من خدماتها. وفيما توجد عشرات المدارس التي تراعي حقوق المعلمين، هناك مئات المدارس الأخرى التي تعامل المعلمين أقسى معاملة، حيث لا يتقاضى بعضهم الحد الأدنى من الأجور، كما تحرم مدارس معلميها من الإجازات السنوية المدفوعة الأجر. أما غياب البيئة الآمنة ورعاية الطلبة، فثمة حديث طويل لا يتوقف؛ ولعل الحوادث المؤلمة التي شهدها بعض المدارس مؤخرا مؤشر على الحال التي وصلت إليها.
يدفع القطاع التعليمي العام نحو 950 مليون دينار سنويا على المدارس الحكومية. في المقابل، يدفع الأردنيون نحو 650 مليون دينار على شكل رسوم للمدارس الخاصة، وهو رقم كبير يستدعى الكثير من الأسئلة، في ضوء الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها المجتمع. وبينما يوجد نحو 3500 مدرسة حكومية، يوجد نحو 2600 مدرسة للقطاع الخاص معظمها في عمان. وعلينا ملاحظة أن هناك 22 % من المدارس الحكومية في مبان مستأجرة، مقابل نحو 50 % من المدارس الخاصة المستأجرة. وتذهب سمعة عشرات المدارس الكبيرة التي تقدم تعليما بمستوى متقدم إلى التعليم الخاص، من دون تدقيق في مستوى مئات المدارس التي تتفوق عليها مدارس القطاع العام أحيانا.
ثمة أزمة ثقة معقدة بالتعليم العام، تبدأ من السؤال: لماذا يرسل رموز النخبة الحكومية، المفترض أنهم يديرون التعليم العام، أبناءهم إلى المدارس الخاصة؟ ولماذا تصر فئات واسعة من الطبقة الوسطى على إرسال أبنائها إلى مدارس خاصة غير مضمون مستواها، وبرسوم وكلف مرتفعة؟
اعترضت النقابة على ربط زيادة الأقساط المدرسية بموافقة وزارة التربية والتعليم، مبينة أن المدارس الخاصة مرتبطة اقتصاديا بحركة السوق المحلية؛ ارتفاعا وانخفاضا، وأن مسألة تقدير الكلف والأعباء المالية المترتبة عليها تعود للقائمين على تلك المدارس. وهذا الأمر يعد أهم مطلب مجتمعي، بعد الزيادة الجنونية التي شهدتها الرسوم المدرسية، والزيادة الجديدة المنتظرة.
التعليمات الجديدة تعالج زوايا محدودة من أزمة التعليم الخاص. وبانتظار إيجاد نظام لضبط وضمان جودة مدخلات وعمليات ومخرجات البرامج الأكاديمية التي تقدمها المدارس الخاصة، والتوصل إلى نظام لتصنيف هذه المدارس تبعاً لدرجة الجودة المتحققة في تلك العناصر (مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها). 
في الكثير من البلدان المتقدمة، تفوق سمعة التعليم العام وجودته كثيرا سمعة التعليم الخاص وجودته. وعلينا مراجعة هذه الطفرة التي يشهدها هذا القطاع قبل فوات الأوان.

التعليقات

السيد نزيه (.) الاثنين, 06/09/2014 - 15:13

ما يود القيام به الوزير يستحق التقدير والثناء اذ كان لا بد من زمن طويل ايقاف هذه المدارس الخاصة عند حدها وتلاعبها بالرسوم المدرسية وغيرها

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)