TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
تفوق الجامعات الأردنية الخاصة على الحكومية في تصنيف التايمز 2024: تحليل نقدي علمي
11/10/2024 - 10:15pm

طلبة نيوز - كتب أ.د هاني الضمور
صدر مؤخرًا تصنيف Times Higher Education للعام 2024، والذي أظهر تفوقًا واضحًا للجامعات الأردنية الخاصة على نظيراتها الحكومية، وهو ما أثار تساؤلات حول العوامل التي أسهمت في هذا التفوق. رغم أهمية التصنيفات العالمية، إلا أن هذا التحليل النقدي يستهدف تقييم مدى انعكاس هذه النتائج على الواقع الأكاديمي في الأردن، مع التركيز على الجوانب التي قد تكون قد أثرت في تقدم الجامعات الخاصة.

مرونة البحث العلمي في الجامعات الخاصة: ميزة أم خلل؟

إحدى النقاط الأساسية التي ساهمت في تفوق الجامعات الخاصة على الحكومية هي مرونة سياساتها في البحث العلمي والتشبيك مع الباحثين العالميين. الجامعات الخاصة تتميز بقدرتها على استقطاب باحثين غير منتسبين مباشرةً للجامعة، مما يسهم في زيادة الإنتاج البحثي وتحسين مكانتها في التصنيفات. ومع أن هذه الممارسات مشروعة في التصنيفات العالمية، مثل شنغهاي والتايمز وQS، إلا أنها تثير تساؤلات حول مدى تعبيرها عن جودة التعليم والبحث العلمي الفعلي داخل الجامعة.

من منظور علمي، يُطرح التساؤل: هل يعتبر الاستعانة بباحثين خارجيين مؤشرًا حقيقيًا لجودة التعليم؟ أم أن هذا الأسلوب يعزز فقط من عدد الأبحاث المنشورة دون أن يعكس التطوير الداخلي الفعلي للجامعات؟ وعلى الرغم من أن التشبيك البحثي يعتبر أداة لزيادة الأثر البحثي، إلا أنه يجب تقييم هذه السياسات في سياق قدرتها على دعم البحث العلمي داخل المؤسسات الأكاديمية.

التعديل على معايير تصنيف التايمز: أثره على الجامعات الأردنية

التغيير الذي طرأ على معايير تصنيف التايمز في 2024 كان له تأثير مباشر على دخول بعض الجامعات الأردنية الخاصة إلى التصنيف. تم تخفيض شرط نشر ما لا يقل عن 150 بحثًا سنويًا إلى 100 بحث، مما سمح لأكثر من 700 جامعة على مستوى العالم بالدخول إلى التصنيف. هذا التعديل أثر أيضًا على الجامعات الأردنية، حيث تمكنت بعض الجامعات الخاصة من الاستفادة من هذا التغيير لتحقيق تقدم في التصنيف.

التساؤل هنا من الناحية العلمية هو: هل يمكن اعتبار هذا التعديل معيارًا يعكس الجودة الأكاديمية الحقيقية للجامعات؟ من المعروف أن التصنيفات الجامعية تعتمد على معايير محددة تؤثر بشكل مباشر على التقييم، ولكن تقليص شرط الأبحاث المنشورة قد يكون قد سمح لبعض الجامعات بالدخول في التصنيف دون أن يعكس ذلك تطورًا فعليًا في بنيتها الأكاديمية أو البحثية.

الفجوة بين الجامعات الحكومية والخاصة: تأثير الهياكل التنظيمية

بالنظر إلى معايير التصنيف مثل جودة البحث والنظرة الدولية، نجد أن الجامعات الخاصة تفوقت بوضوح. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الهياكل التنظيمية المختلفة بين الجامعات الخاصة والحكومية قد تكون أحد الأسباب الرئيسية لهذا التفاوت. الجامعات الخاصة تتميز بعدد أقل من أعضاء الهيئة التدريسية، مما يجعل نسبة الأبحاث المنشورة لكل عضو هيئة تدريس أعلى بطبيعتها، وهو ما يؤدي إلى تأثير مباشر على التصنيف.

من وجهة نظر علمية، لا يمكن اعتبار هذه الفروقات في العدد بين أعضاء هيئة التدريس مؤشرًا على تفوق حقيقي في الجودة الأكاديمية. في الجامعات الحكومية، حيث الأعداد الكبيرة للطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية والضغوط البيروقراطية، يكون من الصعب الحفاظ على نفس المستوى من النشر البحثي الذي تحققه الجامعات الخاصة. هذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت هذه التصنيفات تعكس بشكل دقيق الواقع الأكاديمي لكل نوع من الجامعات.

إشكالية الاعتماد على التصنيفات: تأثيرها على العملية التعليمية

على الرغم من أن التصنيفات العالمية تلعب دورًا في تعزيز سمعة الجامعات، إلا أن التركيز المفرط على معايير مثل عدد الأبحاث المنشورة قد لا يعكس التحسين الحقيقي في جودة التعليم. على سبيل المثال، في معيار “بيئة التعلم” الذي يقيس جودة التعليم، نجد أن الجامعات الحكومية مثل الجامعة الأردنية تتصدر الترتيب المحلي، بينما تفوقت الجامعات الخاصة في معايير البحث والنظرة الدولية.

من الناحية النقدية، يجب التساؤل: هل يمكن اعتبار التصنيفات التي تعتمد بشكل أساسي على عدد الأبحاث المنشورة أو مدى التعاون الدولي معيارًا شاملاً لتقييم الجودة الأكاديمية؟ العديد من الجامعات الحكومية تقدم تعليمًا عالي الجودة وتعمل على تطوير مهارات الطلاب بشكل مستدام، لكن هذا الجهد لا ينعكس دائمًا في التصنيفات العالمية التي تركز على جوانب معينة دون أخرى.

استنتاج نقدي: هل تعكس التصنيفات الواقع الأكاديمي؟

في النهاية، على الرغم من أن تصنيف التايمز للعام 2024 أظهر تفوق الجامعات الخاصة في بعض المعايير، إلا أن هذا التفوق لا يعكس بالضرورة تفوقًا شاملًا في جميع جوانب التعليم العالي. يجب على الجامعات، سواء الحكومية أو الخاصة، أن تنظر إلى هذه التصنيفات كأداة لتحفيز التطوير الذاتي، وليس كغاية في حد ذاتها.

التركيز على تحسين البرامج الأكاديمية وتطوير البحث العلمي بشكل مستدام هو ما سيضمن التفوق الحقيقي، بعيدًا عن محاولة تحقيق تقدم سريع في التصنيفات العالمية. تحسين جودة التعليم والبحث لا يتحقق عبر التنافس في التصنيفات فقط، بل من خلال بناء بيئة أكاديمية قائمة على الجودة والاستدامة.
ا د هاني الضمور

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)