TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
د أسامة عايش يحاضر حول حضارة المكان الإربدي تراثاً وتاريخاً وتدويناً عن جامعة إربد الأهلية
23/03/2015 - 7:15pm

طلبة نيوز-

الدكتور أسامة عايش يحاضر في غرفة تجارة إربد حول حضارة المكان الإربدي تراثاً وتاريخاً وتدويناً عن جامعة إربد الأهلية

 

   تجسيداً لفلسفة جامعة إربد الأهلية في تمازجها مع الحياض الأردني، مأسسةً، ومجتمعاً، وثقافةً، ألقى الدكتور أسامة حسن عايش صالح، الباحث المتخصص في فلسفة التاريخ المعاصر/ التاريخ السياسي، والذي تعمق في دراسة شخصية دولة الشهيد وصفي التل، وأرشيفه الوثائقي الخاص، وكذلك قراءته، ودراسته، وتصنيفه، وفهرسته، وعنونته لوثائق مصطفى وهبي التل، الشخصية الأردنية الأدبية والسياسية المتميزة في بنائية الدولة والمجتمع الأردني، والأستاذ المحاضر في جامعة إربد الأهلية، ورئيس قسم متطلبات الجامعة فيها، ألقى محاضرةً علميةً، ممنهجةً ومعمقةً، حول حضارة المكان الإربدي، وعمقه التاريخي، وقيمته التراثية والحضارية والإنسانية، في قاعة غرفة تجارة إربد، بدعوةٍ رسميةٍ، وتنظيميةٍ من مركز تعايش، كأحد مؤسسات المجتمع المدني الأردني عزماً، والتي جاءت تحت عنوان:" التراث الإربدي مُؤرخاً".

   تمحورت الورقة البحثية للدكتور أسامة صالح حول ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول مفاهيمي، والثاني لغوي، والثالث تراثي تاريخي لقيمة إربد حضارياً، أو ما أطلق عليه المحاضر مصطلح الأزمنة المكانية، أو الهندسة الزمانية، تأريخاً وتاريخاً. وتم الإشارة إلى ضرورة إدراك مفردة التراث، اصطلاحاً، ودلالةً. وهو من المفاهيم الحضارية الإنسانية، خاصة ما يتصل بفلسفة التاريخ، والهوية، والمعتقد، ويحتل دوراً محورياً في تأصيل فلسفة القيمة، والكينونة الوجودية، وأوضح قائلا: عندما نتأمل الدلالة المعجمية لكلمة التراث، نجدها مشتقة من الفعل ورث، ومرتبطة دلالياً بالإرث والميراث والتركة. وكما في معجم لسان العرب لابن منظور، فالتراث ما يخلفه الرجل لورثته. وقيل: الورث والميراث في المال، والإرث في الحسب، ووظفت اللفظة تاريخياً بثلاثة أبعاد أساسية: بعد مادي، ومعنوي، والثالث تاريخي حداثي مُزج حضارياً، وهو كل ما خَلفهُ الأجداد للحفدة على صعيد المعرفة، والفنون، والعلوم، والهندسة، والعمارة. ومن وجهة نظر الحضارة الإنسانية، التراث مفهوم حضاري يحوي ذاكرة الأمة، روحاً، واجتماعاً، وعمراناً، ونسقاً، إن الدلالة المستحدثة للتراث زمناً بمثابة توظيف مجازي للدلالة المعجمية القديمة، ومن الملفت للانتباه، أن كلمة التراث لم تستخدم قديماً بمعنى الموروث الثقافي والفكري والمادي تشييداً وبناءً، ولكن لأن لغتنا العربية ثرية بمعانيها، وبلاغتها، وأبعادها، فقد جُسدت مفردة التراث في الحقل الدلالي اللغوي، والابستمولوجي الثقافي، والأنثروبولوجي الإنساني.

   وأفرد المحاضر مساحة لمعنى كلمة إربد، وأصلها اللغوي، أبجدية، ونطقاً، مشدداً على ضرورة ضبط الحروف استناداً إلى مصادر المعرفة اللغوية، ومعاجم اللغة، ومصادر جغرافية البلدان، موضحاً أن المسمى أُشتق من رَبِدَ، يَرْبَدُ، والمصدر رُبْدَةٌ، فهو إربد، وهي رَبْدَاء، والجمع رُبْدٌ. ورَبِدَ لونه: بمعنى اختلط سواده بكدرة، وإربد وجهه، أي إحمر حمرة فيها سواد، مشيراً إلى خصوبة تربة إربد وعلاقتها بصفة المكان مسمى.

   وتوسع المحاضر بهندسة العمارة الاربدية، تراثاً وتاريخاً، مسلطاً الضوء على نماذج منتقاة ككنيسة الروم الأرثوذكس، ومبنى المجلس البلدي– بلدية إربد، ومدرسة تجهيز إربد، ومبنى السرايا العثماني، وبيت عرار الثقافي، ودور عائلات إربد التاريخية في إدراك فلسفة الوعي التاريخي، وما قدمته من جهود علمية وعملية للمحافظة على قداسة المكان الإربدي.

   وفيما يتعلق بتراثية كنيسة الروم الأرثوذكس، فمن المرجح أن تاريخ بنائها يعود إلى 1870، كتراثية عمائرية وقفية، بنيت على نفقة بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، وبمساعدة أبناء الطائفة الأرثوذكسية الذين أقاموا في الحياض الإربدي، أو لجأوا إليه نشداناً للأمن والأمان، أو ارتحلوا إليه عيشاً ومعيشة. وتذكر بعض المراجع التاريخية أن ملكية الأرض التي بنيت عليه الكنيسة، كوقف ديني، تعود إلى عائلة إربدية مسلمة، يُرجح أنها عائلة التل، التي تبرعت بالأرض للأخوة النصارى، مما يحمل في طياته أسمى مفاهيم التعايش الديني، والأخوة الإيمانية، وتجسيداً للقيمة الروحية الإنسانية. ومما يجب التنويه إليه، أن المبنى الحالي للكنيسة، بني على أنقاض المبنى القديم، والذي تم تأريخه نقشاً عام 1954، كتاريخ مستحدث لانتهاء مراحل البناء.

   أما بلدية إربد، فيعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1881، كأول مجلس بلدي مؤسس في تاريخ الدولة الأردنية، وذلك بأمر من والي عكا آنذاك، في حين أُسست مدرسة تجهيز إربد عام 1882 ترجيحاً، استناداً إلى سالنامة ولاية سوريا، كمدرسة رشدية. وقد بُنيت المدرسة على الجهة الشرقية من تل إربد تراثياً وفق أربعة مراحل تاريخية تتأرخ ما بين 1881 – 1900. أما موقع المدرسة  الآخر، كمسمى تاريخي يحمل اسم مدرسة ثانوية إربد، فقد بُني على الجهة الغربية من تل إربد، وتعود فترته التاريخية خلال الأعوام 1942/1944، ومما يجب التشديد عليه، أن مدرسة إربد التجهيزية، كتسمية أخرى لها، كانت مدرسة ثانوية كاملة تامة تضم أحد عشر صفاً، خلال الفترة التاريخية 1925 – 1932.

   ويعتبر مبنى السرايا، المقر الحكومي الإداري العثماني الرسمي، معلماً تراثياً إربدياً مميزاً، فقد كان أصلاً قلعة يعود تاريخها إلى 1855 على وجه التقريب، وبني على أنقاضها هذا المبنى، الذي دون على أعلى مدخله الرئيسي نقشاً عثمانياً يؤرخ للعام 1403 هجري/1886 ميلادي، يعلوه طغرائية السلطان عبد الحميد الثاني.

   وإلى الغرب من مبنى السرايا العثماني، يوجد بيت عرار الثقافي، والذي تعود ملكيته إلى صالح المصطفى اليوسف الملحم التل، والد شاعر الأردن الخالد مصطفى وهبي التل، وجد دولة رئيس الوزراء وصفي مصطفى وهبي التل، ويرجح تأريخ تأسيسه، كتراث معماري بناءً  إلى 1888، حيث بُني من الحجر البازلتي الأسود متداخلاً مع حجر القرطيان البرتقالي الموشى باللون الوردي، شديد الصلابة وجاذبية الرؤى. وهو من البيوت الاربدية الآسرة في نسقها الهندسي المعماري الدمشقي، يحوي في جوفه قداسة التراث، وعبق التاريخ، وتسامي الروح الإنسانية، وقد تبرع به ورثة البيت من عائلة التل كوقف ثقافي يجسد ذكرى عرار، الذي نقلت رفاته إليه في 31/3/1989.

   واختتم الدكتور أسامة ورقته البحثية بقوله: ليس من السهولة الإحاطة بالتراث الإربدي، ومحاولة تأريخ ما اندثر منه، أو تم طمسه، أو غُيب بين تجاويف الزمن، وجحود الأيام، واجتناء الوثائق التاريخية من بين غبار الثرى، وحجارة الأجداد، ومن هنا أدعو، الأفراد، والنخب، وأصحاب المسؤولية الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني إلى أهمية الارتقاء بأنفسنا لإدراك فلسفة الوعي التاريخي لحضارة الذات، وسمو التراث، وتجاعيد الجغرافيا، تاريخاً، وحضارةً، وروحاً مؤنسنةً. إن الأمم المتحضرة تدرك أهمية التراث العمراني، وتعي ماهية وأهمية الموروث التاريخي في تشكيل ثقافة المجتمع، وتدوين ذاكرة المكان، وتأطير ممارسات الأفراد كنظرية سلوكية ارتقائية تذوقية، تتجاوز في أبعادها التأملية حدود الشواهد الحجرية الحسية، وصولاً إلى استنبات الوعي الجمعي من تاريخ المكان، وصمت الأبجدية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)