TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
د.أسامة حسن عايش يحاضر حول فلسفة التاريخ السياسي الأردني وصفي التل
05/01/2015 - 1:30am

طلبة نيوز-

 

للحديث حول أهمية الأرشفة العلمية لفلسفة التاريخ السياسي الأردني، لشخصية وصفي التل، وأرشفة وثائق والده مصطفى وهبي التل/ عرار، التاريخية والسياسية، ودعماً وتأكيداً لدور جامعة إربد الأهلية في شراكتها مع مؤسساتنا الأردنية الوطنية، رسمياً واجتماعياً، استضاف مجلس شباب الغرايبة، في ديوان عشيرة الغرايبة، في بلدة حوارة في محافظة إربد، الدكتور أسامة حسن عايش صالح/ كلية الآداب والفنون- رئيس قسم متطلبات الجامعة، الباحث المتخصص في فلسفة التاريخ المعاصر/ التاريخ السياسي، والمؤرخ المختص في دراسة الأرشيف الوثائقي، والسيرة الشخصية لدولة المرحوم وصفي التل، والأرشفة العلمية بمنهجية تاريخية للوثائق السياسية والتاريخية لوالده، الشخصية الأدبية المؤثرة، والسياسية المحورية، مصطفى وهبي التل، شاعر الأردن الخالد عرار.

وقد عبر الدكتور أسامة صالح في بداية محاضرته، التي جاءت تحت عنوان: "وصفي التل والوجود الأردني: رؤية تاريخية"، عن شكره لديوان الغرايبة، الذي يعلي من قيمة الفكر والوعي التاريخي، مما يرتقي بمفهوم الدواوين ودورها التثقيفي في بناء الفرد والمجتمع حضاريا.

وأوضح قائلا: ستتمحور محاضرتي عن الشخصية المتفردة والفارقة في تاريخية الدولة الأردنية وبنائها السياسي، رجل الدولة وصفي التل، حول ثلاثة محاور رئيسة: يختص المحور الأول في الحفر المعرفي عن جذورية الأنا واستنبات الذات التطورية، تشكلاً ونسقاً. بمعنى ماهية الأبعاد السسيولوجية التي تشكل من خلالها وصفي التل تاريخياً، مولداً، وتنشئة، وتأثيراً. أما المحور الثاني فقد أُفرد للتعمق في مسألة غياب المنهجية العلمية التأصيلية في بحثه ودراسته وتأريخه، نصاً، وأرشفة، وتصنيفاً، وفهرسةً، ونقداً. في حين تهيكل المحور الثالث عن تغييب، وليس فقط غياب، النزعة الفلسطينية في ذاتية وصفي التل العروبية القومية، خاصة في مواجهة تحدي ندرة الدراسات التاريخية التي تخصصت في تاريخه، سواء أكانت دراسات أنوية وطنية، أم غيرية أجنبية.

   وتعمق الدكتور أسامة صالح في محاضرته بقوله: عندما يستحضر المؤرخ المختص جزيئات التاريخ من رحم الثرى المؤنسن، زمناً وأرشفةً، يستنبت مفاهيم الذات التاريخية، تأثيراً وتشكلاً. وفي خضم الذكرى الثالثة والأربعين، لتوثيق أطوار الغياب والتغييب لشخصية وصفي التل، كشخصية مؤثرة في تأطير المعنى الانتمائي الوجودي للوطنية الأردنية، لا بد من ضرورة الاتكاء على الركاز المنهجي المعرفي، والبعد الموضوعي العلمي للبحث في شخصيته من وجهة النظر التاريخية النقدية، وأبعادها الفكرية والاجتماعية والسياسية، وذلك بعيداً عن الشخصنة، والأدلجة، وإساءة قراءة التاريخ. ومن هنا، يجب إدراك الدلالات العلمية التاريخية، والمفاهيم السياسية المحورية في عنونة الأطروحة الأكاديمية التي أسستها لوصفي التل تحت عنوان: "وصفي التل: إعادة قراءة". وبالرغم من صعوبة المنهج، دقةً، وتعمقاً، ونقداً، بحثاً عن الحقيقة  التاريخية، وجذورها المؤصلة، إلا أنه يُؤسس لمفردات الوعي التاريخي، قراءة وتدويناً، ويُجَذِّر للموضوعية العلمية فكراً وغايةً. ومن وجهة نظري المتواضعة، بصفتي أرَّخْتُ لشخصية وصفي التل بحثاً علمياً موثقاً، وتفكيكاً منهجياً نصياً، أميل إلى الاعتقاد أن شخصيته إشكالية جدلية، في تفردها نسقاً، واستفاهية مؤدلجة في دراستها وتأطيرها وعياً. الإشكالية الجدلية في تأثيره وتغييبه، ونمعن هنا للتدقيق في دلالة مفردة التغييب، التي تطغى على لفظ الغياب. والاستفهامية المؤدلجة هي غيرية وليست ذاتية. وللتوضيح أقول: إن الأقلمة المفاهيمية الملصقة بشخصية وصفي التل تكمن في جدلية التداخل بين الفرد التاريخي وبين حالة وعي الذات، الذي هو أساس الشخصية ومحور البحث فيها. وعندما تُختزل المادة التاريخية كمصدرية وثائقية، تتناقض المنطلقات وتتباين الآراء. ومن المروءة الإنسانية كمحتوى قيمي إبستمولوجي، والأخلاقية المنهجية، والموضوعية العلمية، أن أنسب الفضل إلى أهله، فيما يتمحور تحديداً حول الثراء المصدري لوثائقية وصفي التل، وتوثيقه علماً وأرشفة، الذي ما كان ممكناً لولا وفائية طيب الذكر والذكرى، أستاذي وصديقي مريود مصطفى وهبي التل، نجل عرار، والشقيق الأوفى والأنقى لوصفي التل، ووالد الصديق الصدوق، والباحث الأسمى الدكتور طارق مريود مصطفى وهبي التل، الذي حافظ على وصية والده في احتضان التراث الوثائقي لثلاثية الجدود والعمومة والأبوة، وتسرمدت في ذاتيته قداسة الوفاء للحقيقة التاريخية العلمية، وخدمة المعرفة الإنسانية، وتجذير الوعي التاريخي لبنائية الدولة الأردنية وفكرها السياسي، وذلك عندما اُتِّفِقَ تنسيقا بإيداع وثائق عرار في أروقة جامعة اليرموك البحثية، ممثلة بكرسي عرار، كوديعة مؤتمنة عليها جامعة اليرموك. لقد أدخلني مريود التل إلى المكتب الخاص لدولة وصفي التل، وفتح لي أرشيفه التاريخي الوثائقي الشخصي، ومنحني شرف الإقامة والمكوث في عرين وصفي التل السكني في منطقة الكمالية، منزلاً، ومكتباً، ومكتبةً. كما شَرَّفَنِي في إقامتي المطولة في مكتبته الخاصة لقراءة وغربلة وثائق والده مصطفى وهبي التل/ عرار، وأغدق عَلَيَّ كرماً بأن منحني شرفاً آخر بأن أُدَوِّن تاريخه الشفوي، الثري بمادته التاريخية، وعمق أسراره السياسية.

   لقد أمعنتُ في قراءة شخصية وصفي التل كمقاربة وثائقية مؤرشفة لفلسفة التاريخ السياسي، ولكن وفق محاولة حداثية احتلت فيها خطوة المزج المنهجي أهمية أولية. أي أنها محاولة ثلاثية الأبعاد لإدراك التاريخ وعياً من منظور سايكولوجي نفسي، ومنطلق سوسيولوجي بنيوي، ولكن بتمركز تاريخي تحقيبي. بمعنى، هناك أبعاد ثلاثية لدراسة وصفي التل منهجياً وفق رؤية فلسفة التاريخ السياسي، ممثلة بالجانب السايكولوجي الخاص ببنائية الذات، والجانب السوسيولوجي المؤطر ببنائية المجتمع، والجانب السياسي المتداخل بتشكل الدولة تطوراً. إنَّ خصوصية النسق الأسري لوصفي التل انبثق من ثنائية البيئة والنشأة الاجتماعية، ويعتبر المؤثر العراري الأبرز في شخصيته، خاصة بتمثله لفلسفة البساطة اعتقاداً وسلوكاً، والنتاج الأدبي نثراً وإبداعاً.

   والتفت المحاضر إلى المفهوم الوصفي للهُوية الأردنية وجوداً ومعنى، قائلا: أعتقد وصفي التل بأن الهوية الأردنية، وطناً وشأناً خصوصياً، وليس شأناً عنصرياً أو إقليمياً، يجب أن تكون كلاً غير قابلة للتجزئة. ومن هنا جعلها من الأسس الراسخة لتعزيز بنية الكيان السياسي الأردني، ومحوراً استنادياً في بنائية الدولة الأردنية، واستعادة سيادتها التاريخية التي كانت مهددة في حقبة ما من حقب التاريخ المعاش. لقد انبثق إدراكه هذا من فهمه بأن من أهم وظائف الهوية الوطنية حماية النظام السياسي، ببعديه الاجتماعي والوجودي، وليس الاصطدام معه أو تقويضه. ومما يجدر التنويه إليه أن وعيه لمسألة الهوية الوطنية الأردنية لا يتعارض أو يتنافى أو يلغي أو ينتقص من هوية الدولة الأردنية، عروبة وقومية. وفي الزاوية الأخرى لثنائية الهُوية – الوجود، أوجد وصفي التل مفهوماً متمازجاً لثنائية الدولة – المجتمع. لقد اعتقد بصوابية الطرح الذي يرى بأن الوظيفة السياسية لوجودية الدولة سوسيولوجيا  تتجسد لأجل تحقيق غايات أخلاقية قيمية لإنتاج مفاهيم الولاء والانتماء، مع أنه المسوَّق تبريرياً إبعاد الاعتبارات الأخلاقية عن الممارسة السياسية. وانطلاقاً من هذه الرؤية، أعتَقدَ أنَّ أخلاقية الغاية وطنياً تفرض أخلاقية الوسيلة سياسياً، بمعنى أنَّ الغاية تُقَرِّر الوسيلة ولا تُبررها. وبالرغم من وجود صعوبة مُعاشة لإحداث تمازج بين القيم الأخلاقية والوظيفة السياسية، أي صعوبة تجسيد القيم الأخلاقية في مفردات النظام السياسي تراتبياً، إلا أنَّ وجودها كقيم معنوية لا يكفي لمنح النظام السياسي القدرة المطلوبة لفرض وجوده، كمأسسة سياسية متمازجة اجتماعياً، وكضمانة تاريخية لديمومة بقاء الدولة وتطورها.

   ومما يُعَمِّقُ من أشكلة المفهوم في شخصية وصفي التل ماهية وعي النزعة الفلسطينية في ذاته وفكره، وأثر ذلك على جذورية العلاقة الأردنية الفلسطينية، موضوع أطروحتي الدكتوراة، بأطوارها المختلفة، تداخلا وتباعداً، اتفاقاً واختلافاً، تبايناً وتناقضاً. آثرتُ من وجهة نظر المؤرخ المتخصص أن أَنْحَت مصطلحاً لغوياً تاريخياً يحوي في جوفه أبعاداً سياسية اجتماعية لحقيقة العلاقة بين وصفي التل والعمق الفلسطيني في شخصيته التاريخية، وجوداً مادياً، وتمثيلاً سياسياً، وفداءً عسكرياً استراتيجياً. هذا المصطلح اللغوي التاريخي يكمن في الآتي: الفَلَسْطَنَة الوَصْفِيَّة. لقد نشأ فلسطينياً في حقبة ما من تاريخه الشخصي، كما تشكل مقاوماً في دروبه العسكرية فوق الجغرافيا الفلسطينية المجتزءة استعمارياً وصهيونياً. وعندما اسْتَحَضَرَ المفردة الفلسطينية في ممارساته السياسية، فقد تولدت من تجربته الشخصية فوق الثرى الفلسطيني محارباً، ولكن بعيداً عن امتهان الذات خطاباً مؤدلجاً، وبعيداً عن أزقة الارتزاق حرفة. لقد آمن بأن الأرض الفلسطينية، على قداستها، فُقدت واقعاً وضُيعت قيادة، إلا أنها يجب أن تسترجع يوماً ما دام لها رجال أشداء يعبدونها أملاً وعزماً وتصميماً. إن الوجود الفلسطيني في هيكلة وصفي التل الفكرية يُستشف وثائقياً من خلال تدوينه لمؤلفه النقدي الذي جاء تحت مسمى: "فلسطين دور العقل والخلق في معركة التحرير". لقد اعتقد جازماً أن التغلب على واقع النكبة الفلسطينية لن يتم ما لم تقود العقلنة الأخلاقية القضية الفلسطينية، وضرورة تَمَثُّل طريق يقظة العقل والوعي التاريخي للوجود العربي فلسطينياً، مشدداً على أن صراع الوجود العربي تاريخياً مع الأيديولوجيا الصهيونية هو من الحقائق التاريخية المقر بصوابيتها.

   عندما يحاول الباحث أن يؤرخ لشخصية وصفي التل اتساقاً ومنهجية البحث التاريخي العلمي، ببعديها النقدي البنيوي، والتفكيكي النصي، يدرك أن هناك الكثير من الجزيئات الخصوصية المهملة. بمعنى، عليه أن يقرأ ويبحث ويؤرشف ويدون لتاريخ يُجْتَنَى من بين غبار الأوراق، وصدأ الأيام، وغِيَر الأزمان. وما بين القراءة والتدوين، هناك سقطات وإساءة قراءة تؤثر على تاريخ ما أسقطه التأريخ قصداً. وفي المنحى الآخر، علينا أن نَعِيَ أنَّ الذات الماورائية لشخصية وصفي التل تعني في أحد مفاهيمها التوليدية غربة الأبجدية صمتاً، وأَنَّة اليراع تاريخاً، واصفرار الوثيقة تغييباً. إنَّ الأشكلة المفاهيمية لشخصيته الحاضرة في حضرة غيابه بحاجة إلى عميق الدراسات العلمية والبحوث التاريخية، التي يجب أن تتصف منهجياً بالحيادية العلمية وأخلاقية المعرفة. فالرؤية التي آثرتها، تأريخياً لشخصيته وتجذيراً لفلسفته، انبثقت من البحث واستندت إليه. وهي في حقيقتها العلمية المجردة ما هي إلا وجهة نظر بحثية علمية مُؤَرَّخَة قابلة للحوار، والاستقصاء، والنقد، وتشكل الرؤى التاريخية المستقبلية لحياضنا الأردني الوطني، ورموزه الوطنية الخالدة.

   وكان التلفزيون الأردني / القناة الأولى الرئيسة، قد استضاف الدكتور أسامة صالح، صباح يوم السبت الموافق: 18/10/2014، في برنامج يوم جديد، من تقديم الإعلامية المتميزة فخر عبندة، للحديث عن قراءته، ودراسته، وعنونته، وتصنيفه، وفهرسته، وأرشفته لوثائق مصطفى وهبي التل/ عرار، بتكليف رسمي من رئاسة جامعة اليرموك. كما استضافت فضائية رؤيا الدكتور أسامة صالح، صباح يوم الجمعة الموافق: 28/11/2014، للحديث عن شخصية وصفي التل، من وجهة النظر العلمية، وتسليط الضوء على الأبعاد الثَّرَّة المغيبة في نسقه، ومنهجه، وفكره. وللاطلاع أكثر فيما يلي روابط المقابلتين على الشبكة العنكبوتية/ الإنترنت:

http://youtu.be/1xSsfvhnQKQ

 

http://youtu.be/W5VKe2s8T1I

 

 

 

 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)