طلبة نيوز-
أ.د. محمد خازر المجالي
كلية الشريعة/الجامعة الأردنية
تابعت وزملائي ما تم من إقرار رفع معدل القبول لدراسة الشريعة في الجامعات، وتمهلت في المتابعة والتقصي، فمثل هذه القرارات تأتي إملاءات أكثر منها دراسات متأنية وفق أسس علمية، وزاد من قناعتي بهذا ما صرح به وزير التعليم العالي من أن هذا قرار لمجلس الوزراء، ضمن سياسة مكافحة التطرف!!
لن أناقش كثيرا من حيثيات الموضوع، فقد كتب فيه كثيرون، وهو الآن في مجلس النواب، وتمت لقاءات بين عمداء الشريعة والوزير، ولكن الذي يستوقفني هو هذه العلاقة بين الشريعة والإرهاب والتطرف!!
من هو صاحب الصلاحية الذي قرر هذا الحكم؟ من هو هذا الألمعي الموسوعي الملهم الذي توصل إلى هذه العلاقة؟ ليكون القرار برفع معدل الشريعة دون غيرها من الكليات إلى 80%، ويرافق هذا القرار وجود حوافز مغرية لخريجي الشريعة، تشجعهم على دراسة الشريعة، وبهذا نضمن طلبة أكثر وعيا وأهلية لدراسة الشريعة!!
كلام جميل في ظاهره ولكنه مستحيل في تطبيقه، خاصة من دولة تعاني المديونية، وتعودنا أن تكون الحوافز فيها مزاجية شكلية. لو كان القرار لكل الكليات بأن يكون معدل القبول فيها 80% لفتح مجال أمام التعليم المهني لقلنا إن هذا معقول، ولكن تخصيص الشريعة دون غيرها فغير مقبول، أنرضى لطلبة الآداب واللغات والحقوق والآثار والدراسات الدولية والأعمال والفنون والتربية والعلوم والزراعة والحاسوب وغيرها أن تقبل طلبة بمعدل 65، أو 70% ونشدد على الشريعة، فهذا غير مقبول أبدا.
ثم لنأتي لجوهر الموضوع، ما العلاقة بين الشريعة والتطرف؟ هل مَن معدله أقل من 80% عرضة للتطرف؟ ومن هو أعلى فهم أكثر انضباطا، أليس المدرس هو نفسه، والمنهاج هو نفسه؟ ومتى كان الدين تطرفا يا وزير التعليم العالي، ويا حكومتنا الرشيدة!
في كلية الشريعة يتعلم الطلبة أصول دينهم، وكيفية الفهم للقرآن والسنة، يفهمون عقيدتهم وغيرها من الأديان، ويفهمون الاجتهاد والاستنباط والمدارس الفقهية وأدب الاختلاف، يضبطون الفهم الصحيح والمعاملة بين الناس، وكيف يكونوا دعاة صالحين على مستوى العالم كله، ويدرسون بعض المساقات باللغة الإنجليزية تأهيلا لهم ليكونوا دعاة، يضبطون فهم النصوص فلا ينحرفون في الفهم، وهم بالتالي يصبحون أئمة ودعاة يوجهون الناس التوجيه الصحيح، فالقرآن موجود والسنة موجودة، ولكن كيف يتم الفهم الصحيح؟ هذا ما نؤهل له طلبة الشريعة، لا بأن يفهم كل شخص ما يريد، ويطبق ما يريد ويفهم هو من تلقاء نفسه، وهنا تكون الخطورة.
لا أريد أن يفهم أحد أننا لا نريد الارتقاء بالطلبة، وللعلم فبعض كليات الشريعة معدل القبول فيها أعلى من 80%، كما هو في الجامعة الأردنية، ولكن ماذا عن الجامعات الأخرى؟ وماذا عن طلبة كثيرين من خارج الأردن، يأتون إلى الأردن خصيصا لسمعتها الطيبة، من دول عربية وإسلامية وغير إسلامية، من ماليزيا وبروناي وتايلند وسنغافورة وألبانيا والبوسنا والشيشان وتركيا ونيجيريا والسنغال ونيجيريا وغانا، وعلى مستوى الدراسات العليا يأتون من ليبيا والكويت وقطر والإمارات والسعودية وغيرها؟
أتمنى على صاحب القرار أن يراجع نفسه، والأمر ليس بهذه البساطة، فهناك تبعات كثيرة، ووجود خريجي الشريعة ضرورة ملحة داخليا إذ معظم المساجد بلا أئمة، ومجالات العمل كثيرة من قضاء وإفتاء وإعلام وتدريس ودعوة، ولا ننس أن خريجي كليات الشريعة هم دعاة عالميون ومفكرون وعلماء في كثير من دول العالم، وهم يقودون الفكر ويضبطونه من الانحراف.
ليس صاحب معدل ال 65% بالإنسان السيئ، فأنا أؤمنه على التخصصات الأخرى وكلها مهمة، ولا شك أن التعليم الجامعي يصقل الشخصية ويعيد تأهيلها، فما عاد الطالب مراهقا، بل رجلا ينظر لمصلحة وطنه وأمته، وهو جدير بهذا.
وللعلم فأنا معدلي 90% في الفرع العلمي، ودرست الشريعة عن قناعة، وينبغي أن أقول شهادتي أن كثيرا ممن لم يحصلوا على معدلات عالية وهم دون ال 80% ولكنهم متميزون، حالت ظروف دون حصولهم على معدلات أعلى، ولكنهم يستعيدون عافيتهم في الحياة الجامعية، بل هم علماء متميزون.
التعليقات
علي (.) الخميس, 01/05/2017 - 20:50
كلام في الصميم.. يعطيك العافية دكتور
سالم (.) الخميس, 01/05/2017 - 20:51
يقولون ان القرار لا رجعة عنه
مزاجية واستفزاز
سلمان (.) الخميس, 01/05/2017 - 22:41
كليات الشريعة صمام أمان فلا تعبثوا بها
الدكتور عادل الطويسي (.) الجمعة, 01/06/2017 - 00:04
للتوضيح أنني قلت في نفس التصريح الذي بنى عليه الكاتب كل مقالته مايلي:
ان قرار رفع الحد الأدنى لمعدل القبول في كليات الشريعة جاء ضمن حزمة متكاملة ترى الحكومة أنها ستسهم في رفع سوية خريجي الكليات والارتقاء بالقيمة المجتمعية لهم كونهم الأقدر على تحصين الجيل ضد التطرف, فمنهم المعلم والقاضي والامام والخطيب, وبهذا جاءت هذه القرارات في اطار الخطة الوطنية لمواجهة التطرف.
يتضح من نص التصريح الكامل اعلاه وغير (المجتزأ) عكس ماذهب اليه كاتب المقال تماما من الربط بين الشريعة والتطرف.
الدكتور عادل الطويسي (.) الجمعة, 01/06/2017 - 00:05
للتوضيح أنني قلت في نفس التصريح الذي بنى عليه الكاتب كل مقالته مايلي:
ان قرار رفع الحد الأدنى لمعدل القبول في كليات الشريعة جاء ضمن حزمة متكاملة ترى الحكومة أنها ستسهم في رفع سوية خريجي الكليات والارتقاء بالقيمة المجتمعية لهم كونهم الأقدر على تحصين الجيل ضد التطرف, فمنهم المعلم والقاضي والامام والخطيب, وبهذا جاءت هذه القرارات في اطار الخطة الوطنية لمواجهة التطرف.
يتضح من نص التصريح الكامل اعلاه وغير (المجتزأ) عكس ماذهب اليه كاتب المقال تماما من الربط بين الشريعة والتطرف.
أز د. زكريا الق... (.) الجمعة, 01/06/2017 - 09:36
استوقفني ما جاء في مقال الدكتور محمد المجالي عميد كلية الشريعة السابق في الجامعة الأردنية تعليقا على تصريح وزير التعليم العالي بخصوص رفع الحد لمعدلات الراغبين بدراسة الشريعة إلى 80%.
فقد قرأت تصريح الوزير الكامل والذي جاء في رده على المقال والذي فحواه أن أصحاب المعدلات العالية أي أعلى من 80% هم الأقدر على دراسة الشريعة وفهمها بشكل دقيق وصحيح ولهذا فهم الأقدر على الدفاع عن الإسلام الوسطي الصحيح وتحصين الجيل ضد التطرف. لذلك فإنني أجد أن كاتب المقال قد فسر التصريح بطريقة غير صحيحة وطرح أسئلة ليس لها أي داع في هذا المقام مثل: ما العلاقة بين الشريعة والتطرف؟ أو هل مَن معدله أقل من 80% عرضة للتطرف؟
وقد حاولت أن أجد في تصريح الوزير ما يستوجب هذه التساؤلات فلم أجد. وفي الحقيقة أنني أؤيد وقوة أن يكون كليات الشريعة هم أفضل الطلبة وليس أن تكون دراسة الشريعة على الأعم الأغلب لمن لم يجد تخصصا يقبل به. فدراسة الشريعة تتطلب أن يكون الطالب ذكيا واعيا وقادرا على فهم الأمور الشرعية بكل تفاصيلها ودقتها كي يكون إماما أو خطيبا أو قاضيا متميزا وأن يكون قادرا على تفنيد معتقدات المتطرفين بكل اقتدار. وربما يكون مثل هذا القرار حافزا للراغبين بدراسة الشريعة أن يبذلوا مجهودا أكبر كي يحققوا الشرط المطلوب لدراستها. وللعلم هناك عدد من القرارات الشبيهة التي صدرت من أجل وضع حد أدني لمعدلات الطلبة الراغبين في دراسة تخصصات الطب والهندسة وحتى الحقوق في الجامعات الأردنية. وهذا ما ساعد في المحافظة على مستوى متميز للخريجين من هذه التخصصات من الجامعات الأردنية كخريجي الطب على سبيل المثال.
والله من وراء القصد
اضف تعليقك