TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
الزميل علي العزام يكتب " التجربة الهندية ...الحكومات تدمر التعليم في العالم الثالث "
03/04/2014 - 6:45am

طلبة نيوز
كتب علي العزام
قبل أيام قليلة وبطريق الصدفة اتيحت لي فرصة حضور فلم سينمائي هندي بعنوان Aarakshan أو بالعربية " التحفظ " وهو من بطولة عملاق السينما الهندية أميتاب باتشان .
قد يكون محط تساؤل لدى البعض عن ماهية فلم هندي فنجن هنا نستخدم مصطلح هندي للإشارة على الخيال الواسع أو احيانا على الغباء فيقول البعض " بتفكرني هندي " ولكن الفلم المذكور أعلاه فلم ذو حبكة سينمائية مبنية على أفكار كبيرة سياسية واجتماعية تطال المجتمعات في العالم الثالث وأهم ما في هذا الفلم تناوله لمسألة التعليم الجامعي .
قصة الفلم تبدأ بنجاح أبن وزير التعليم العالي في الهند وحصوله على معدل 70.3 والطريف بالأمر أن التنافس والصراع هو على الالتحاق بإحدى الجامعات الخاصة (ليست الحكومية ) والسبب أن الجامعة تحظى باحترام الجميع لأسباب تتعلق باستقلالية رئيس الجامعة ومراعاتها للمدخلات حيث أن رئيس الجامعة وهو الممثل أمتياب بتشتان يضع أسس للقبول ولا يتجاوزها حتى لابنته التي لم تدخل كلية الطب بسبب علامة واحدة ودرست الهندسة مع أن الجامعة خاصة وبإمكانه قبولها دون حسيب ورقيب .
المهم أن الوزير تحرك بموكبه الكبير الى الجامعة من أجل قبول ابنه في تلك الجامعة وكان أخر معدل قبل في الجامعة 70.5 فرفض رئيس الجامعة الخاصة قبول ابن الوزير من أجل عشرين وعاد الوزير خائبا فأقسم أن يجعل تلك الجامعة مثل غيرها من جامعات الحكومة وبدأت التدخلات بتعيين نائب رئيس فاسد قام بقبول ابن الوزير دون علم رئيس الجامعة بطرق غير شفافة ولم يتوقف الأمر هنا بل عقد الوزير شراكه مع نائب الرئيس وبدأ بإنشاء معاهد خاصة اركز على الشكل وتهتم بجني الأرباح على حساب النوعية واستمر محاربة رئيس الجامعة الخاصة المستقلة الى أن استقال وتسلم نائبه رئاسة الجامعة وبدأت الجامعة تنحدر وراء رغبات الوزير والبحث عن الربح وإغفال الجودة ..وباختصار فقد قام رئيس الجامعة المستقيل البدء التدريس في مزرعة صغيرة وبدأ باستقطاب الأساتذة المتميزين الى أن اصبح اهم مؤسسة تعليمية بالرغم أنها في مزرعة وتقوم على تبرعات المواطنين الباحثين عن تعليم جيد وتصل حبكة الفلم لمرحلة تأزم في محاولة الوزير ورئيس الجامعة الجديد هدم ذلك المعهد البسيط إلا ان تدخل أعلى سلطة سياسية بالهند أوقف الموضوع بعد ضجة شعبية كبيرة .
وبتحليل محتوى الفلم فإن الفلم ركز على تراجع المستوى التعليمي في الهند والذي يشبه ما يحدث عندنا فتجار التعليم في بعض مؤسسات التعليم العالي الخاصة الذين تناسوا كل المعايير الأخلاقية والأكاديمية بتركيزهم على الربح فالجامعات بحاجة لرفع سويتها من خلال توفير الأستاذ المميز كما وأن التعليم الجامعي الخاص لا بد وأن يبدأ بتغيير الصورة وعد اللجوء الى القبول العشوائي من أجل المال فالطالب يبحث عن التعليم الجيد والناس تبحث عن التخرج من جامعة ذات سمعه .
في أمريكا أفضل الجامعات على التصنيف العالمي هي جامعات خاصة غير ربحية تعتمد بشكل أساسي على التبرع فيما أن نعيش هنا حالة معاكسة تماما فالطالب الذي يفشل بالقبول في جامعة رسمية يذهب الى الجامعات الخاصة فهي الخيار الثاني دائما باستثناء بعض الجامعات .
في الأردن نرسل أبناءنا ما قبل الجامعة الى المدارس الخاصة لأنها متميزة أكثر من الحكومية بعد الاكتظاظ الذي تعاني منه المدارس الحكومية وتسييس التعليم العام من خلال نقابة المعلمين وسياسات الحكومة بتخفيض دعم التعليم والتعليمات التي انتقصت من مكانة المعلم فأصبحت المدارس الحكومية " مضبة " للطلبة فقط وليست مكان للتعليم الجيد إلا من رحم ربي .
والطالب الذي ينهي تعليمه المدرسي في مدرسة خاصة وينجح بمعدل عالي يذهب الى الجامعات الرسمية لأنها تحظى بأعلى المعدلات . فيما أن الجامعات الخاصة هي دائما خيار اخير للطالب الباحث عن تعليم جيد بالرغم من وجود بعض الجامعات الخاصة المتميزة والتي تفوقت على الجامعات الحكومية في امتحانات الكفاءة .
لا بد من أن يكون هناك استقلالية للإدارات الجامعية الخاصة وأن يتم وقف تدخلات مالكي الجامعات في الشأن الأكاديمي تحت أي ظرف كما وأن الأمر لا يتوقف هنا فلا بد أن يتم ايضاء تغيير أسس القبول في الجامعات الحكومية وأن تمنح الجامعات استقلالية كاملة في القبول وأن يتم وقف القبول في البرامج الموازية وأن تقوم الدولة بتعويض الجامعات عن ما تجنيه من الموازي وأن يتم تخفيض أعداد المقبولين في الجامعات الحكومية وأن يتم تطبيق معايير جودة التعليم دون استثناء للجامعات الحكومية وليس هناك فرق بين 70 طالب في قاعة دراسية في جامعة حكومية وفي جامعة خاصة فالتحصيل لن يختلف بسبب ان صفة الجامعة هي رسمية .

وأخيرا لم لا يعرف فقد كانت الهند محج للباحثين عن التعليم الجيد في ثمانينات وبداية التسعينات من العقد الماضي بسبب تميز جامعاتها ومع أن هناك جامعات هندية على التصنيف العالمي لأول 500 جامعة إلا أن هناك تراجع في سمعة الجامعات الهندية ولأسباب ألمح لها الفلم من التدخل الحكومي .

التعليقات

مواطن (.) الخميس, 04/03/2014 - 08:46

يا رجل تسلم الأيادي على هالمقال الرائع جداً جداً ، والذي للأسف يلمس واقعنا المأساوي الذي يزداد تردياً من الواسطة والمحسوبية والفساد ، فحسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد خان الأمانة الموكولة إليه .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)