طلبة نيوز-
كتب- حاتم العبادي - كشفت دراسات متخصصة عن واقع «صعب» تعاني منه كليات المجتمع في شقيها العام والخاص، الى حد ان الكليات الخاصة باتت مهددة ب»الاختفاء» من المشهد الاكاديمي، رغم المناشدات والمطالبات المتكررة للحكومة بضرورة الالتفات الى هذه المؤسسات.
وبحسب احدى الدراسات التي اعدتها لجنة عمداء كليات المجتمع الخاصة، فإن (6) كليات اغلقت خلال السنوات الخمس الماضية، في حين ان هنالك عشر كليات على «وشك الاغلاق» من اصل (40) كلية مجتمع.
وهذا مصير انذرت به دراسة اعدتها لجنة شكلها التعليم العالي برئاسة الدكتور فايز الخصاونة في تشرين ثاني من العام الماضي حول «واقع التعليم الجامعي المتوسط في الاردن»، والتي عند ذكرها للكليات الخاصة اشارت الى ان «عددا منها اغلق حديثا او يوشك على الاغلاق».
وتذهب تلك الدراسات الى ان سياسات التعليم العالي وتحديدا المتعلقة بالقبول في الجامعات الرسمية والتي تدفع بإتجاه القبول الجامعي هي السبب في الوضع «الصعب» الذي الت اليه كليات المجتمع.
ورغم ان كليات المجتمع راعت التطورات في حاجات سوق العمل، الى حد بعيد، من حيث التركيز على التخصصات التقنية والتطبيقية والابتعاد عن التخصصات الانسانية، إلا ان ذلك لم يخدمها، بسبب ان سياسات التعليم العالي من حيث التركيز على القبول الجامعي، وما تبعه من تعامل «دوني» مع خريجي هذه الكليات من التخصصات التقنية والتطبيقية.
الى جانب: سياسات وزارة التربية والتعليم منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وخصوصا فيما يتعلق بسلم التدرج في الصفوف الاولى لغاية العاشر، والتي تخضع حاليا لمراجعة وتمحيص، كانت من اسباب عزوف الطلبة عن الالتحاق بالتعليم الجامعي المتوسط.
وحددت الدراسات الاشكاليات التي تعتري التعليم الجامعي المتوسط، ، التي اعتبرتها مترابطة وتغذي بعضها بعضا:ضعف إقبال الطلبة على هذا النوع من التعليم مقارنة بالإقبال على التعليم الجامعي، إشكالية التمويل، إشكالية الطاقة الاستيعابية، إشكالية إدارة وحوكمة التعليم الجامعي المتوسط، إشكالية البطالة بين خريجي هذه البرامج، وخصوصا خريجي البرامج التربوية والإنسانية.
إشكاليات التعليم
الجامعي المتوسط
وفي تفاصيل تلك اشكالية الإقبال على التعليم الجامعي المتوسط، فإنها تعتبر الاشكالية الكبرى التي أثقلت كاهل التعليم الجامعي المتوسط هي ضعف إقبال الطلبة عليه عموما، وعلى النوع التقني منه خصوصا، وتفضيلهم التعليم الجامعي في أي تخصص عليه. وهذه ظاهرة آخذة في الازدياد رغم توفر عدة أسباب كافية لتراجعها.
فمن ناحية الحاجة لخريجي التعليم التقني المتوسط فهي ضرورية وأساسية لإذكاء أي تنمية اقتصادية تستند إلى التحول الصناعي المنشود سواء في الأردن أو في المنطقة العربية، والضرورة لها تقتضي أنه في حال عدم توافرها لا بد من استيراد قوى عاملة من الخارج.
ارتفاع نسبة البطالة
الى جانب: ارتفاع نسبة البطالة في صفوف خريجي عدد كبير من التخصصات الجامعية، وخصوصا التخصصات الإنسانية، ورغم ذلك لم تكن هذه البطالة رادعا للطلبة ولا لأولياء أمورهم لمراجعة خياراتهم عند اتخاذ القرار الدراسي بعد مرحلة الثانوية العامة.
وبحكم أن الحد الأدنى للقبول في البرامج الجامعية فإن معظم من يقبلون على الدراسة في كليات المجتمع ينتمون إلى فئات: فئة تقبل عليه قسرا من أصحاب المعدلات الاقل من القبول الجامعي أو فئة تقبل عليه على مضض، وهي فئة غير مقتدرة ماديا فتضطر لاختيارالتعليم المتوسط لانخفاض رسومه. والفئة الأخيرة محبطة بطريقة أخرى، لأنها إذا اختارت البرامج الجامعية، فهي مضطرة لاختيار تخصصات ذات رسوم متدنية، وهي نفس التخصصات التي يعاني خريجوها من بطالة عالية ومزمنة.
سياسات وزارة التربية والتعليم
ولا شك أن من أهم أسباب عزوف الطلبة عن الالتحاق بالتعليم الجامعي المتوسط يتعلق بسياسات وزارة التربية والتعليم منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي وخصوصا ما يتعلق بسُلًّم التدرج في الصفوف الأولى لغاية الصف العاشر، ورغم علم اللجنة بأن تلك السياسات تخضع حاليا لمراجعة وتمحيص.
أما الإشكالية الثانية: في هذا الجانب تخص هذه معضلة الكليات العامة التابعة لجامعة البلقاء حصريا، لأن الكليات العسكرية والحكومية ممولة بشكل كامل، والكليات الخاصة تتعامل مع قضية التمويل بتعديل رسومها. أما في الكليات العامة فالوضع أقسى من حالة التمويل الجامعي، حيث أن الخزينة تساهم في تمويل بعض الجامعات الحكومية بقدر بسيط، ومساهمتها تراجعت بشكل كبير عبر العقود الماضية، إلا أن مساهمتها في تمويل التعليم الجامعي المتوسط في جامعة البلقاء موقوفة طيلة ما يقرب من عقدين من الزمان.
ويبلغ ما يدفعه الطالب من رسوم في الكليات العامة (400) دينارا سنويا، بينما بلغ معدل ما تنفقه الجامعة سنويا على الطالب (1800) دينارا، وبفجوة تمويلية مقدارها (1400) للطالب الواحد. وقد قامت الجامعة طيلة تلك الفترة بتغطية هذه الفجوة التمويلية من إيرادات البرامج الجامعية لديها.
اما اشكالية الطاقة الاستيعابية، فإنها محصلة حتمية للمشكلتين السابقتين، وتتمثل في عجز متأصل في قدرة الكليات على استيعاب أعداد إضافية من الطلبة دون إسناد مالي إضافي.
رفع نسبة الملتحقين إلى 40%
ووفقا للإستراتيجيات الوطنية المتلاحقة للتعليم العالي فإنها تنص على رفع نسبة الملتحقين بالتعليم الجامعي المتوسط إلى 40%، إلا ان تنفيذه، أي مضاعفة عدد الملتحقين، يتطلب توفير البنية التحتية الإنشائية و البنية التحتية البشرية من هيئات التدريس والتدريب لاستيعاب تلك الأعداد الإضافية.
أما الإشكالية الرابعة فهي تتعلق بالنقاش حول إدارة التعليم الجامعي المتوسط وحوكمته، حيث طرحت الحكومة قبل بضع سنوات مشروع قانون لإنشاء أكاديمية متخصصة تتولى سائر شؤون التعليم الجامعي المتوسط، إلا أن البرلمان لم يوافق على المشروع مما اضطر الحكومة إلى سحبه.
ولكن الأمر لا يزال يشغل بال صانع القرار، وهذا يدعونا إلى تقليب الأمر وتحليله ومناقشة البدائل الممكنة.
وحددت الدراسات خيارين في حوكمة التعليم الجامعي المتوسط: إما أن يختار إنشاء أكاديمية متخصصة تعنى بكل جوانب التعليم الجامعي المتوسط كما كان مطروحا في مشروع القانون المسحوب، أو أن يستمر في إناطة الأمر بجامعة البلقاء؛ وفي كلا الخيارين يجب أن يقع العبء التمويلي على الخزينة.
اما اشكالية البطالة بين الخريجين: فهي بطالة متفاقمة في بعض التخصصات، بينما هي شبه مفقودة في تخصصات أخرى، وخصوصا التقنية، ومعتدلة نوعا ما في التخصصات التطبيقية الإدارية.
وتشير إحصائيات ديوان الخدمة المدنية، وفقا للدراسة، إلى تراكم ما يربو على (40) الف طلب توظيف من حملة الدبلوم الجامعي المتوسط، جلهم إناث في تخصصات تربوية وإنسانية. والعدد الحقيقي هو أكبر ، لأن نسبة عالية من خريجي وخريجات تلك البرامج يئسوا من الحصول على فرص العمل وتوقفوا عن تجديد طلباتهم لدى ديوان الخدمة المدنية.
ورغم أن نسبة عالية من الطلبة وأولياء أمورهم يدركون أن فرص العمل لخريجي تلك البرامج شبه معدومة، إلا أنهم يقبلون عليها، وأحيانا تمثل تلك التخصصات في الكليات الأنثوية المخرج الوحيد لأي دراسة ما بعد الثانوية العامة لكثير من الطالبات الذي يحظى بمباركة أولياء الأمور.
الإجراءات المطلوبة
وبينت الدراسة ان احداث تحولا جذريا في سياسة الحكومة نحو التعليم الجامعي المتوسط يستوجب حزمة من الإجراءات تتمثل في حسم موضوع التعليم الجامعي المتوسط الرسمي بتكليف جامعة البلقاء وإجراء مسح كامل للاقتصاد بهدف تحديد التخصصات التقنية والتطبيقية كما ونوعا وتوقيتا التي يحتاجها سوق العمل، ووضع تصور استشرافي للتخصصات المتوقعة على ضوء ما يحدث في المحيط العربي.
الى جانب الشروع في توفير البنى التحتية الإنشائية والبشرية اللازمة لتعزيز البرامج الحالية إذا كانت تتواءم مع مخرجات الدراسة المسحية، ولاستحداث البرامج الجديدة التي كشفت عنها تلك الدراسة.
في ضوء تعثر عدد من كليات المجتمع الخاصة ، فالحكومة مدعوة لاعتماد عدد من السياسات والإجراءات التي من شأنها تشجيع وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في توسيع قاعدة التعليم الجامعي المتوسط في المجالات التقنية والتطبيقية حصريا عبر بوابتين: الأولى تحفيز شركات القطاع الخاص للدخول في تفاهمات واتفاقيات مع كليات المجتمع (كلها) لتأهيل عدد من الطلبة تعاقديا لصالحهم وتوفير فرص التدريب والتشغيل لديهم مقابل إعفاءات ضريبية؛ والثانية تحفيز الاستثمار في إنشاء كليات جامعية متخصصة في العلوم التقنية والتطبيقية ومعاملة هذا الاستثمار تحت مظلة قوانين تشجيع الاستثمار.
وطالبت وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في تدرج سلم التعليم العام كما تقدم ذكره، وذلك بإلغاء الترفيع التلقائي في الدراسة الأساسية، وإعادة هيكلة التعليم المهني في المدارس بهدف تنسيق مخرجاته مع مدخلات التعليم الجامعي المتوسط التقني والتطبيقي.
الى جانب الدعوة الى «مجانية» التعليم الجامعي المتوسط في الكليات العامة في تخصصات حصرية منتقاه يحددها مجلس التعليم العالي ، ولا يوجد ما يمنع من أن تشمل تخصصات معتمدة تحددها وزارة التعليم العالي في الكليات الخاصة على نظام رديات تصرف مقابل الطلبة الذين يجتازون الامتحان الشامل بتقدير 65 أو أكثر في تلك التخصصات، وبسقف يناظر الكلفة التشغيلية للبرامج المماثلة في جامعة البلقاء.
أزمة التعليم المتوسط بالأرقام
وتحت عنوان «ازمة التعليم التقني»، شخصت ارقام واحصاءات واقع كليات المجتمع، وتحديدا الخاصة منها، وذلك من خلال المقارنة مع «التعليم الجامعي العالي»، إذ تشير ان عدد الجامعات (29) في حين ان عدد الكليات (40) كلية، بالمقابل فإن عدد الملتحقين بالجامعات (285) الف في الجامعات.
وفيما ارتفع عدد الجامعات بواقع سبع جامعات خلال السنوات الخمس الماضية، لم تنشأ اي كلية، اغلق منها (6) كليات وعشرة على «وشك الاغلاق»، لم تغلق اي جامعة، وبلغ عدد الخريجين الجامعيين عام 2013(73) الف طالب بلغ عدد خريجي كليات المجتمع (6833) طالب.
وبينت الدراسة ان عدد طلبة كليات المجتمع (12387) وتشمل جميع الكليات بإستثناء التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية، في حين ان الطاقة الاستيعابية لها (17640) طالب.
ورصدت الدراسة ان عدد طلبة اخر دفعة التحقت بكليات المجتمع، حيث تبين ان عددهم (1978) طالب وطالبة.
وانخفضت الفئة التي تستهدفها كليات المجتمع، بحسب معدلاتهم في الثانوية العامة (50%-60%)، قبل رفع معدلات القبول الاخيرة، إذ تبين احصاءات انها انخفضت من اقل من اربعة الاف طالب في شتوية «التوجيهي» لعام 2012 لتصل بحدود (500) طالب عام 2015.
التعليقات
د جمال العمري/ ... (.) الثلاثاء, 06/16/2015 - 16:37
المشكلة محلولة بيد وزارة التربية التي ترحل المشكلات للتعليم العالي والمقترح تعيين مساعد معلم من حملة دبلوم في كل التخصصات
اضف تعليقك