طلبة نيوز
" أ.د. عبدالله يوسف الزعبي
التعليم العالي؛ وفي العالم بأسره، يتعرض إلى جملة من التحولات التي تفرض عليه التفكير الجاد في مواكبة العصر ومتغيراته، والبحث عن سبل وآليات جديدة في إدارة مؤسساته، فعوامل العولمة والتدويل والحاكمية والإنتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتقدم أدوات التدريس والتعلم وتنوع الجسم الطلابي، وتحول دور الجامعة في بناء مجتمع الإقتصاد المعرفي، كلها عوامل تدفع بإتجاه إعادة التركيب والبناء لمنظومة التعليم العالي ومؤسساته في معظم دول العالم، والأردن ليس بمعزل عن هذه التحولات بل هو في قلبها، ويعاني من تداعياتها خصوصاً أنه يقع جغرافيّا في عمق إقليم يحترق، فالأردن يتعرض أكثر من غيره لتداعيات آثار الصراعات والتحالفات، التي تسعى لألفية ثالثة عنوانها التنافس الإقتصادي ونتيجتها مزيد من الهيمنة السياسية والإقتصادية على العالم بأسره.التعليم العالي هو جوهرة التاج، في مملكة تنادت في عهدها الثاني بأهمية إنسانها وقيمته، فأوكلت لهذا القطاع مسؤولية ومهمة بناء مواطن قادر على إقامة دولة حديثة، أساسها العلم والعمل، فنجحت بذلك رغم التحديات والصعاب ونجح معها القطاع، وسعى نحو التوسع كماً وشكلاً، وفي البنية التحتية، وكان سباقاً في إشراك رأس المال الوطني، في إنشاء الجامعات الخاصة، رغم كل ما لهذه التجربة من سلبيات وإيجابيات.ثم إنطلق القطاع بخطوات ثابتة في العهد الثالث للمملكة، فاعتمد سياسة إدماج أدوات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في العملية التعليمية، وإنشاء الشراكات الجامعية الدولية، والجامعة الألمانية الأردنية مثالاً. كما تنبه لمسألة النوعية وضبط الجودة، فأنشأ هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، وأولى البحث العلمي إهتماماً ملحوظاً، فأقام صندوق دعم البحث العلمي، كما توسع في إنشاء الجامعات الحكومية وأجاز إنشاء مجموعة من الجامعات الخاصة. وما زال القطاع ملتزماً بمسؤولياته تجاه المواطن الأردني، فأبقى على مجموعة من القوائم التي تتيح للطلبة المتميزين والأقل حظاً وأبناء قطاعات بعينها، الحصول على التعليم الجامعي بتكلفة زهيدة. ومن أجل مواكبة هذه التطورات، صدرت مجموعة من التشريعات والقوانين التي منحت درجة من الإستقلالية للجامعات، عبر تشكيل مجالس أمناء للجامعات، ومنحتها صلاحيات ومسؤوليات واسعة، وأتاحت تلك التشريعات هامشاً من الديمقراطية للجسم الطلابي، وحريته في إنشاء مجالس طلبة منتخبة بإقتراع مباشر من الطلبة أنفسهم. ورغم ذلك كله يشهد قطاع التعليم العالي حالياً مرحلة انتقالية، يشوبها القلق والتململ ويسودها غياب الرؤية الواضحة والجدية المؤسسية، والعجز في صنع القرار، ويتجلى هذا في موضوع الساعة المتمثل في تعيين رؤساء الجامعات، التي بدأنا نرى عواقبه السلبية وآثارة المحزنة التي تمس مجموعة من خيرة أبناء الوطن الذين بدأوا الشعور بأنهم يشاهدون مسرحية بإخراج متواضع. فالمطلوب من صانعي قرار التعليم العالي التفكير بتأني، عند تعيين أي رئيس جديد، والعمل على القيام بمجموعة من الإجراءات التي تؤسس لمرحلة جديدة من الحاكمية في الجامعات الأردنية، ومنها على سبيل المثال: 1. حل مجلس التعليم العالي الحالي، وتعيين مجلس جديد أقرب ما يكون لمجلس حكماء، يتكون من وزراء تعليم عالي سابقين، ورؤساء جامعات سابقين، مشهود لهم بالإنجاز والحكمة والحيادية.2. منح مسؤولية التنسيب بتعيين رئيس الجامعة لمجلس الأمناء، عملاً بأحكام القانون الذي تم تغييبه تماماً. وإذا كان هنالك من شكوك في تشكيلة تلك المجالس، فيجب حلها أيضا ثم إعادة تشكيلها على أسس موضوعية شفافة، تتوخى الإنجاز والخبرة في أعضائها، وتتجنب إشراك أعضاء فيها يتولون مواقع قيادية في غيرها. 3. أن يتولى مجلس الأمناء مسؤولية إختيار قائمة مصغرة من ثلاثة مرشحين لموقع رئيس جامعة، من أصل قائمة مرشحين أو متقدمين، على أن يتم الأخذ برأي الجسم الأكاديمي والطلابي والمجتمع المحلي وكذلك الخريجين ومجالس الآباء. 4. يقوم مجلس التعليم العالي الجديد بتعيين احد المرشحين من القائمة حسب أحكام القانون. بعدها يحتاج القطاع إلى عقد مؤتمر وطني علمي جاد برعاية ملكية، لمناقشة كافة جوانب التعليم العالي والتحديات التي يواجهها، ويتولى رئاسته دولة رئيس الوزراء، وتتكون لجنته التحضيرية من أعضاء مجلس التعليم العالي أنفسهم، ثم يشكلون لجان علمية حسب المحاور المطروحة للنقاش، وتقوم باستقبال وتحكيم الأبحاث وإجازتها، تمهيداً لعرضها في وقائع المؤتمر.ونأمل بأن يخرج المؤتمر بإستراتيجية واضحة وعملية للتعليم العالي للعقد القادم، تؤسس لمرحلة جديدة، تبنى على العلم والمعرفة والمعلومة الدقيقة، والمساءلة والنزاهة والشفافية وقدر من الديمقراطية. فالدولة التي تفشل في تقدير جامعاتها ستفشل حتماً في بناء مستقبلها.
التعليقات
حكيم (.) الأحد, 06/14/2015 - 17:07
أعتقد سيدي أن الخلل بالمركبة؟
علينا النظر ألى سائقها أولا.....
كل ما أورده الكاتب الكريم موجود مع اختلاف الأسماء ولو تم تغييرها من أمناء إلى حكماء و من مجالس إلى هيئات و الأشخاص هم أنفسهم! ما هو الجديد؟!
استاذ الجامعه (.) الأحد, 06/14/2015 - 21:10
اقتراحك يادكتور زي رش الملح على الجرح. مجلس من وزراء التعليم العالي والجامعات السابقين احكي الحاليين !!!.بصراحه المجلس الحالي هو الافضل في تاريخ التعليم العالي.
اضف تعليقك