TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
《 التّعلُّم عن بُعد بالجامعات بعد انتهاء جائِحة كورونا 》
03/05/2020 - 3:00am

بقلم: إبراهيم هادي الشبول
... لقد كثُر الحديث مؤخرًا عن التعليم الالكتروني، كطريقة للتدريس والتقييم عن بُعد، ومن مبدأ الشفافية والصراحة والوضوح علينا الاعتراف أن موضوع التّعلُّم عن بُعد جاء طارئًا وقسرًا وحلًا لظرف طارئ، ولم يتم التحضير والإعداد له عبر السنين الماضية كما حصل في بعض الدول، وعلى نطاق ضيق في بعض جامعاتنا، أي أن التّعلُّم عن بُعد جاء بالفَزَعة، وكما قيل بكبسة زِر؛ وطبعًا هذا لن يُحقق الهدف المنشود كاملًا، لأن التّعلُّم عن بُعد بالأساس عبارة عن "رؤية متكاملة، ومفهوم ذو مزايا استراتيجية وتَكْتِيكيَّة كبيرة."، رغم كل هذا إلا أنه يجب علينا القبول به وتشجيعه ودعمه، بدلًا من الجلوس وراء شاشات الأجهزة الذكية وانتقاده، علمًا أن الخلل ليس بالتّعلُّم عن بُعد بحد ذاته، فهو أحد طرق التدريس الناجحة والناجعة لمن استعد له منذ البداية، ولكن هذه الطريقة للتدريس التي فرضتها التكنولوجيا الحديثة تحتاج إلى سنين من العمل وإعداد بُنى تحتية مناسبة، وخلق ثقافة للمدرس والطالب والمجتمع، وقبلهم (وللأسف) لبعض ممن يُعنى بالتعليم الالكتروني، وربما لبعض من بيده القرار في وضع سياساته واستراتيجياته ...
.. هناك تساؤل حَيَّرَني كما حَيَّرَ الكثيرين غيري، وهو لماذا لم يبدأ هذا النوع من التعليم منذ سنوات ؟ رغم إننا سمعنا الكثير عنه وعن الأتمتة وتطوير التعليم وشراء الحواسيب والخوادم وغيره الكثير، ولماذا لم يتم العمل على استراتيجياته، ووضع الاسس والمعايير والتقنيات اللازمة لمنظومته، ومنها ضمان جودة التعليم، والتقييم، والامتحانات عن بُعد وإيجاد طريقة لضبط جودتها، والدليل ما لمسناه مؤخرًا، طبعًا لا بد من ذكر أن هناك من طالب وعمل على ذلك ولكن على نطاق ضيق وربما لم يكن هو صاحب القرار، ومن الأمانة ان نقول أن التعليم الالكتروني عن بُعد قد بدأ فعلًا في بعض الجامعات، ولكنه بالغالب كان متواضعًا لم يرقَ إلى مستوى ما تم اعلانه إعلاميًا، إلا من رحم ربي.
.. يقولون لكل أزمة إيجابيات تأتي في ثنايا السلبيات، لهذا أرجو أن يستمر العمل بالتّعلُّم عن بُعد، ووضع أسسه ومعاييره، وإيجاد تقنياته، وأن لا يكون حلًا للازمات والظروف الطارئة فقط، وإنما أسلوبًا ونمطًا اساسيًا كما هو التعليم التقليديّ، لأن التعليم عن بُعد أصبح مُلحًا وضرورة للبقاء والتطور والمنافسة وذلك لمزاياه العديدة التي لا يمكن حصرها في مقالة، وقد يأتي يوم يكون فيه هو الأساس، بينما التعليم العادي هو الاستثناء، وذلك إن حصل ما يُعطل الاتصالات، ويقطع الانترنيت لفترات طويلة كالكوارث والحروب والعواصف الشمية وما يُخبئه المُستقبل للأجيال القادمة، مع الخوف والحذر أن ترجع حليمة لعادتها القديمة، إن ذهبت الأزمة وانتهت الجائِحة، فيعود من بيدهم القرار على تناسي الموضوع، ووضعه على الرف بحجج كثيرة، أملين نجاحه وأن تنعكس ثقافته على "العمل عن بعد"، وأن تتغير الجهات التي ما زالت غير قادرة على تبنيه، وغير قادرة على التعامل مع كوادرها بشكل غير شخصي، وأن تُستغل إيجابيات هذه الجائِحة، ويتم تبني التعليم والعمل وتقديم الخدمات عن بُعد، والتي كانت ربما ستبقى أعوامًا عديدة في حالة رفض وتجاهل عند البعض، رغم إنها باتت أمرًا واقعًا عند من سبقونا مُنذ سنين خلت.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)