TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وصمة العار في زمن الكورونا"
08/04/2020 - 9:45am

"
كتب عالم الاجتماع المعروف ارفنج جوفمان عام 1963 كتابه الشهير الموسوم ب "وصمة العار: ملاحظات حول إدارة الهوية الفاسدة" وفيه قام بطرح ثلاثة أنواع للوصمة: وصمة العار الشخصية, ووصمة العار الجسدي, ووصمة العار الجماعية. لكن ما يهمنا هنا هوأن هذه الوصمات الثلاث تمتلك نفس الميزات الإجتماعية من حيث نظرة الغالبية العظمى من المجتمع (أو غير الموصومين) لهذه الفئة وما يترتب عليها من تصرفات ونظرات مهددة وغير مريحة قد تؤدي بالمحصلة الى أمراض نفسية تصيب أصحاب الوصمة.
وعلى الرغم من تحذيرات جوفمان عن الأثر النفسي الذي تتركه النظرة المجتمعية على أصحاب الوصمة, والجهود الحثيثة التي يقوم بها ممثلو المجتمعات المدنية وأخصائيو علم الاجتماع على تطبيق المساواة وتقبل الآخر, إلا أن البشرية مازالت توضع انسانيتها على المحك حين يصاب العالم بمأساة عالمية كالتي نعيشها اليوم—وباء كورونا.
فمنذ بدأ عاصفة الكورونا في الأردن, ونحن—كمجتمع— نشهد ردود فعل عنصرية لكل من يتم اكتشاف إصابته بهذا المرض. لا بل أعطى الكثير من فئات المجتمع لأنفسهم الحق في التعدي على الآخر المصاب والتنمر عليه على منصات التواصل الاجتماعي.
آخرها كان التنمر على صبحي—الصيدلاني الذي يعمل باحدى شركات الأدوية في الأردن.
لذلك, وبسبب التهديدات المجتمعية لمن يصاب بهذا المرض وما يلحقها من وصمة عار مجتمعية, فضل صبحي, على ما يبدو, أن يرمي عن كاهله تبعات هذه الوصمة وأن يمارس حياته بشكل طبيعي متجاهلا حجم الضرر الذي سينتج عن هذا التصرف طالما أنه يبعد عن نفسه وعن زوجته وعائلته وصمة العار المجتمعية. وربما أيضا قرر صبحي أن اصابته بهذا المرض يعني ضعفا في شخصيته, فانتابه, نتيجة لذلك, شعور بالخجل من نفسه ومن ضعفه منعه من طلب يد العون.
صدقوني, كل فرد منا—بطريقة أو بأخرى—مسؤول أمام المجتمع وأمام العدالة عن عدم خضوع العديد من المخالطين لفحص الكورونا وذلك بسبب معاناة الآخر المصاب من التنمر الأجتماعي وشعورهم بالعار والحرج من هذا المرض.
علينا—كأفراد في هذا المجتمع الملئ بالنشامى والنشميات— أن نتحلى بالمسؤولية المجتمعية لمواجهة هذا الوباء وأن نتعاطف مع الآخر المصاب, ونقدم لهم الدعم النفسي والاجتماعي المطلوب بدلا من نهر العار الذي نلاحق به المصابين. وتذكر أنك لو—لاقدر الله—كنت أنت المصاب, فبالتأكيد ستود لو أن المجتمع ينظر لك على أنك ضحية ويقدم لك يد العون والمساعدة لتخطي هذه المحنة نفسيا ومجتمعيا.
د. آيه وليد عكاوي
أستاذ مساعد في الأدب الانجليزي/جامعة اليرموك

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)