TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
وزير الثقافة الأسبق الدكتور عادل الطويسي : هل نحن فعلا بحاجة لـ "مجلس أعلى للثقافة؟
24/05/2022 - 7:00am

الدكتور عادل الطويسي

جاء في توصيات "تقرير حالة البلاد لعام 2021" الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي (وهو مجلس رسمي استشاري) ضرورة انشاء "مجلس أعلى للثقافة"، وذلك بغية النهوض بالواقع "الواهن" و "الضعيف" للثقافة والفنون في المملكة.

في أواخر عام 2005 تشرفت بحمل حقيبة وزارة الثقافة في حكومة دولة الدكتور معروف البخيت الأولى، فوجدتها ممزقة ومتهالكة، وفي طريقها للاندثار؛ وليس أدل على ذلك من الغاء جميع مديريات الثقافة في محافظات المملكة آنذاك، وحصر الفعل الثقافي والفني في العاصمة عمّان، الى جانب إجراءات مماثلة كثيرة أخرى كانت قد اتخذت قبل مجيئي للوزارة.. وقد برزت حينها فكرة انشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون علّه ينهض بالحركة الثقافية والفنية في البلاد، وهو الدور الذي كان يجب أن تقوم به الوزارة.

تجربة وجود مجلس أعلى للثقافة والفنون ليست جديدة في العالم، وقد قمت آنذاك بدراسة والاطلاع على تجارب العالم العربي في هذا الشأن. فوجدت ثلاثة نماذج قائمة: الأول وجود وزارة بدون مجلس (كما في الأردن وسوريا ولبنان)، والثاني وجود وزارة ومجلس (كما في مصر والكويت)، والثالث وجود مجلس بدون وزارة (كما في البحرين). وهناك نموذج رابع (في العالم ) وهو بلا وزارة ولا مجلس كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية. تعاني الدول ذات الوزارة والمجلس من ازدواجية وتداخل وتضارب في العمل والصلاحيات وغيرها.

استقر الأمر على المضي في نموذج الوزارة وحدها في الأردن، ووضعت أول استراتيجية للتنمية الثقافية في المملكة للأعوام 2006 – 2008، تلك التي أنشأت برامج ومشاريع مازالت قائمة منذ 15 عام دلالة على نجاحها ونجاعتها.

ومنها مشروع مدن الثقافة الأردنية، وبرنامج التفرغ الإبداعي الثقافي، ومكتبة الأسرة الأردنية، ومكتبة الطفل المتنقلة، وغيرها. فنهضت وزارة الثقافة من جديد وأصبح لها شأن في البلاد وبين متلقي الخدمة من مثقفين وفنانين.

السؤال: كيف كان ذلك؟ الجواب ببساطة هو اهتمام الدولة بالملف الثقافي آنذاك، بدءا برأس الدولة جلالة الملك الذي عقد في عام 2006 اجتماعا كبيرا مع ممثلين من قطاعي الثقافة والفنون، وأمر بالاهتمام بهما ، وتخصيص الأموال اللازم لهما، فقفزت موازنة وزارة الثقافة في عام 2007 أربعة أضعاف ما كانت عليه في العام السابق. كما كان للتعاون الكبير للروابط والنقابات والهيئات والجمعيات الناظمة للفعل الثقافي والفني في المملكة دور مفصلي في تنفيذ الاستراتيجية المشار اليها آنفا.

اذن لم تكن المشكلة في الجسم الذي يدير ملف الثقافة والفنون؛ بل المشكلة كانت في اهتمام الدولة بالملف وتجاوب أصحاب الشأن مع ذلك الاهتمام.

وبالعودة الى توصية تقرير حالة البلاد بإنشاء "مجلس أعلى للثقافة"، يتضح أن المشكلة في ما أسماه التقرير ب "الوهن" و "الضعف" في حالة الثقافة والفنون في البلاد لا يعود لعدم وجود مجلس أعلى للثقافة، بل الى إرادة الدولة بالاهتمام بالأمر ووضعه ضمن أولوياتها. ناهيك عن تضارب التوصية المشار اليها مع توجه الحكومات المتعاقبة خلال العشر سنوات الأخيرة بتقليص عدد الهيئات والمؤسسات المستقلة، والتي وصل عددها أكثر من ستين ، أشارت كل السياسات والخطط الى ازدواجية عملها مع الوزارات المشابهة لها؛ فأصبح التخلص منها عبئا على كل حكومة. فكيف لنا أن ندعو الى خلق هيئة جديدة لن تغني أو تسمن من جوع؟!.

وعليه، أقول: لا لأنشاء مجلس أعلى للثقافة. نعم لدعم وزارة الثقافة، ونعم لإحياء صندوق دعم الثقافة والفنون.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)