TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
نحو الثقافة الثالثة و سد الفجوة بينهما
24/11/2020 - 10:45am

طلبة نيوز- عبد الله العزام

مفهوم "الثقافة الثالثة" مقتبس عن كتاب "الإنسانيون الجدد" تحرير الكاتب الأمريكي جون بروكمان و يشير المفهوم إلى بناء الجسر الثلاثي ما بين الفنون والعلوم والإنسانيات؛ بمعنى إزالة الحواجز بين ثقافة العاملين بالفنون والآداب والإنسانيات، في مقابل ثقافة العاملين بالعلوم الطبيعية مثل الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا والرياضيات وغيرها وبالتالي تجديد الخطاب الفكري وتقديم أنماط جديدة من الحوار الثقافي.

ويعد الأمريكي جون بروكمان أبرز منظري هذا المصطلح، بالرغم كون هذا المصطلح في مضامينه الأصليّة الحقيقيّة يعود عمره إلى قرون عديدة ربّما نستطيع تأريخها بكتاب "فن الشعر" لأرسطو، وهو الكتاب التأسيسيّ الملهم لقواعد الدراما الإغريقيّة وفق قوالب كونية.

لقد اشتغل أرسطو بكتاب "فن الشعر" من خلال رؤية العالم المجرّد من أيّة مرجعيات سابقة و وفقًا لقواعد منطقية وعلمية صارمة للوصول إلى القوالب التي لا تعني نتائجها النهائية أنَّها يقينية محضة. وهذا يعني أنه قارب موضوعًا أدبياَ بحتًا من خلال مقاربة منطقيّة عقلانيّة للشعر اليونانيّ ممتزجة بروح العالم.

أي أن الحضارت الإغريقية دمجت بين مختلف المعارف وفعل ذلك العلماء المسلمون في القرون السابقة من أبرزهم ابن النفيس، والخوارزمي، وجابر بن حيان والحسن بن الهيثم وغيرهم الكثير الذين هم أول من ابتكروا الأسلوب التجريبي في تناولهم للمعطيات العلمية والكونية من حولهم ما أدى ذلك إلى تأسيس قواعد المنهج العلمي التجريبي الذي ما زال العلم المعاصر يسير على هديه، ولم تكن هناك هوة بين مختلف أشكال العلوم وكان الفيلسوف أو العالم في تلك الحقبة بمثابة ثقافة موسوعية في زمانه. بينما في عصرنا الحاضر بات هناك فصل واضح بين العلوم الطبيعية والانسانية.

و فكرة الثقافة الثالثة تكمن في بعدين الأول سرعة التطور المعرفي بمعنى أن معلومة الأمس كصحيفة الأمس أي أن الكثير من المعلومات وفي شتى صنوف المعرفة قد تصبح منتهية الصلاحية في غضون زمن قصير، ويصبح البناء عليها أو الاستثمار فيها أشد خطرا من المتاجرة باللحوم الفاسدة التي تقتل ملايين البشر.

والبعد الآخر مشكلة الاختصاص المعرفي المحدود، مهما كان عميقا، ولا سيما حين يتولى صاحبه أمرا في ميدان الحياة العامة، التي تحتاج في صيرورتها إلى ثقافة أكثر غنى. فعلى سبيل المثال كبار الساسة في العالم جاؤوا من اختصاصات علمية لا تؤهلهم بخصوصيتها للتعامل مع الشأن العام.

و يتوقف المفهوم عند محور عام للثقافة تتمحور حول العلوم الإنسانية أو الاداب وآخر يتمحور حول العلوم المادية الفيزيائية أو العلوم البحتة؛ ليؤكد فكرة ضرورة إنجاز مجال للثقافة الثالثة الجامعة والشاملة التي يفهمها الجميع، بعدما أصبح العلم قوة مرئية في ظل التسارع المعرفي و التقني والتي هي ضرورية للجميع.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)