طلبة نيوز-
ابراهيم ارشيد النوايسة
البداية كانت من البو عزيزي في تونس ، يعتقد بعض الناس بأن هذه الثورات جاءت لكي تزيل التراكمات للفساد وإسقاط الحكام البائدين لتنعم بالرخاء وتنتفض لحقوقها المسلوبة ففي مصر وصلت جماعة الأخوان المسلمين إلى سُدة الحكم ولكنها لم تدم طويلاً بسب التدخل من قبل اللاعبين الكبار وخصوصاً الكيان اليهودي .
لا يمكن إغفال الدور الخارجي لتلك الحالة التي نشهدها في دول الثورات العربية، فالدعم الكبير من الخارج ومحاولة شغل تلك الدول بأوضاعها الداخلية من أجل تحقيق المصالح الغربية في المنطقة والتي تأتي على رأسها الحفاظ على أمن واستقرار إسرائيل، وضمان استمرار هيمنة الغرب على المنطقة ووأد أي محاولة من دول المنطقة للخروج من تلك التبعية أو السير في طريق لا يخدم الصالح الغربي ويحقق أهدافه
إن المتابع للشأن الداخلي في العالم العربي وخاصة دول الربيع العربي يعلم جيدا حجم الدعم الخارجي الموجه لتلك الدول ولعدد من الهيئات والمنظمات والأفراد بعينهم، وهو الأمر الذي يجعل من تلك الدول مؤثرا بشكل كبير على مجريات الأحداث الداخلية، ومحددا لطبيعة العلاقة بين السلطة والمعارضة، بل ومؤثرا على تطور تلك العلاقة وتحديد أسسها.
وبالرغم من تلك العوامل، سواء المتعلقة بالبيئة الداخلية لتلك الدول، أو العوامل الخارجية والضغوط الممارسة من الخارج، لابد من التأكيد على أن هذه المعركة لا كاسب فيها ولا خاسر من أبناء الوطن، فالجميع خاسرون، فغرق السفينة لا يعني نجاح أحدهم في إغراقها، وإنما فقد الجميع لها، وبكاؤهم عليها.
الأنظمة العربية الجديدة التي امتطت أكتاف الشعوب البسيطة التي ثارت علي الفقر والجهل والفساد, لن تتمكن من السيطرة علي حدودها, وسوف تواجه صراعات دموية داخل مجتمعاتها.
كثير من المنظرين الغربيين كانوا قد وضعوا في قلب مراكز الأبحاث وخزانات الفكر, من بين الخطوط العريضة لهذه الخطة المنتظرة, أن تزدهر الجماعات الجهادية وسط فراغ في السلطة, ناشئ عن استبدال الأنظمة المركزية الحاكمة القوية والمستبدة, بآخري ضعيفة قادمة عبر صناديق الاقتراع, لكن هذه الجماعات الجهادية, سوف لن تركز علي التخطيط لهجمات ضد الغرب, أو هجمات عابرة للحدود المحلية, وستكتفي بالصراع من اجل السلطة السياسية داخل مجتمعاتها, إضافة إلي أن سقوط الحكومات العربية العلمانية التي كانت تلقي دعما من الغرب, سوف يفقد تنظيمات إرهابية وجهادية مثل القاعدة وغيرها, المبرر التي كانت تروج له من وراء هجماتها علي الدول الغربية أو المصالح الغربية داخل المنطقة العربية, حيث سيكون الصراع الرئيس ضد من يحاول أن يقوض أركان حكم الإسلام السياسي الوليد داخل الحدود الإقليمية, وأيضا ضد ما تبقي من الهياكل السياسية المتداعية, وهذا يعني أن تتزايد حمامات الدم الطائفية في دول مثل سوريا والعراق وليبيا, وان يدخل علي المشهد السياسي الجديد, أمراء حرب جدد, يتدفقون عبر الشوارع العربية ويرسمون ملامحها البائسة
كل هذه الفوضي, التي جاءت تحت ستار المصطلح الموسمي الرومانسي الربيع العربي هي بالتأكيد ما أدركته إسرائيل بكل دقة,وانتظرته بفارغ الصبر, حكام جدد غير قادرين علي تحمل مخاطر المواجهة, في ظل هذه الفوضي تستطيع إسرائيل أن تتوسع في بناء مستوطناتها كيفما شاءت, وربما في لحظة مواتية, قد تقوم بانسحاب أحادي استراتيجي من مدن الضفة الغربية والمناطق المجاورة التي كانت قد اختارت بالأساس عدم احتلالها.
وفقا لعدد من المحللين فقد استفادت إسرائيل أيضا في ظل هذه الفوضي الشرق أوسطية الجديدة, من أن تبعد مصر وسوريا ودول الربيع لوهلة عن أن تكون مرساة الغرب السياسية في المنطقة.
فيما يخص الجحيم العربي الدائر في سوريا, كتب داني دانون, نائب وزير الدفاع الإسرائيلي, في مقال له نشر مؤخرا في فورن بوليسي, هناك نتيجة واحدة تخص إسرائيل فيما يحدث في سوريا الآن, لا جدال فيها, لقد حسنت الأزمة السورية موقف إسرائيل الاستراتيجي في المنطقة, إن إضعاف بشار الأسد وتعطيل خطته للهيمنة الاستراتيجية بالتعاون مع إيران, هو نعمة لأمن إسرائيل, وانه فقط مع ضمان أن لا تقع أسلحة' لعبة التغيير' في أيدي من قد يهدد امن إسرائيل, فان ما يحدث لسوريا الآن هو في مصلحة إسرائيل, بعد التخلص أيضا من حزب الله المتورط حاليا في سوريا, مما يعني أن مواطني إسرائيل يمكنهم النوم آمنين...
اضف تعليقك