TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الوارث ، الودود ، الفتاح )
24/12/2021 - 11:15am

د. باسم عامر

بسم الله الرحمن الرحيم 

 
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴾ الحجر: ٢٣.
وقال تعالى: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ﴾ القصص: ٥٨.

- معنى اسم الله الوارث:
الوارث في اللغة اسم فاعل من وَرِث، يقال وَرِث من فلانٍ مالَه: أي صار إليه مالُه بعد موته، والوارث هو كل باقٍ بعد ذاهب.
فالله الوارث، أي: الباقي بعد فناء الخلق، المسترد أملاكهم وأموالهم، بل كل ما على الأرض راجع إليه سبحانه وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ مريم: ٤٠، فكل شيء راجعٌ إليه سبحانه بعد فناء الخلق وزوالهم كلهم وبقائه وحده جلّ جلاله، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ الرحمن: ٢٦، ٢٧، وقال سبحانه: ﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ﴾ القصص: ٨٨.

- مقتضى اسم الله الوارث وأثره:
اسم الله الوارث فيه إثباتٌ لعظمة الله تعالى وكماله وجلاله، ففناء الخلق كلهم وبقاؤه سبحانه دليل على كماله وعظمته وقوته، وعلى نقص الخلق وضعفهم وقلة حيلتهم.
كما أن هذا الاسم يكشف للناس حقيقة ملكيتهم للأموال، وأنها ملكية نسبية ناقصة مؤقتة، لأنها فانية زائلة، فكل ما يملكه الخلق مردّه إلى الله تعالى الوارث، فحري بالمسلم إذا تنبّه لهذه الحقيقة أن يبذل من ماله ويجود به في وجوه البِّر والخير، لأن البخل بهذا المال والإمساك به لا يضر إلا صاحبه، فما فائدة إمساك المال إذا كان مآله في نهاية المطاف إلى الله الوارث جلّ وعلا؟!، قال تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ الحديد: ١٠.

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الودود)

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ هود: ٩٠.
وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ البروج: ١٣، ١٤.

- المعنى:
الودود من الود، وهو الحب، وَوَدُود على وزن فَعُول بمعنى فاعل، فالله الودود، أي: الذي يحب عباده الصالحين، ويقرّبهم إليه، ويرضى عنهم، ويتولّى أمرهم.
ويأتي الودود بمعنى المودود، أي: الذي يحبه عبادُه المؤمنون، ويشتاقون للقائه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ المائدة: ٥٤، وقد بيّن الله تعالى أن محبة المؤمنين لربهم أشد من محبة المشركين لأصنامهم، فقال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ﴾ البقرة: ١٦٥.

- مقتضى اسم الله الودود وأثره:
اسم الله الودود يقتضي من العبد أن يتّبع ما يحبه الله ويرضاه، ويتجنب ما يبغضه ولا يرضاه، فالله تعالى يحب من العبد أن يمتثل الأوامر ويجتنب النواهي، فمودة الله لعبده مترتبة على إيمان العبد وعمله.
فالله وَدودٌ يحب عباده الذين يحبونه، ومحبة العبد لربه لا تكون صادقة إلا باتباع منهج الله تعالى، قال عزّ وجل: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ آل عمران: ٣١، فالعبد ربما يحب خالقه لإنعامه عليه، وإسباغه فضله عليه، ولكن هذه المحبة لا تكفي إلا بالقيام بما أمر الله تعالى، والانتهاء عما نهى عنه.

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الفتّاح)

بسم الله الرحمن الرحيم 

 
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ﴾ سبأ: ٢٦.

- المعنى:
ذكر العلماء عدة معاني لاسم الله الفتّاح، أبرزها ما يلي:
- الفتّاح، أي: الحاكم والقاضي بين عباده، قال قتادة رحمه الله: قوله: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ الأعراف: ٨٩، أي: اقض بيننا وبين قومنا بالحق، وقال ابن جرير في تفسير الآية السابقة: "احكم بيننا وبينهم بحكمك الحق الذي لا جَوْر فيه ولا حَيْف ولا ظلم، ولكنه عدل وحق، وأنت خير الفاتحين، يعني: خير الحاكمين". (تفسير ابن جرير)
- ومعنى الفتّاح أيضاً: الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده، ويفتح المنغلق من الأمور، ويفتح القلوب والبصائر للحق والهدى، ويفتح أبواب العلوم والمعارف والحِكَم، قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ﴾ فاطر: ٢.
- ومن معاني الفتّاح أيضاً: الناصر الذي ينصر عباده المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ ﴾ الأنفال: ١٩، أي: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر. (تفسير فتح القدير للشوكاني).

- مقتضى اسم الله الفتّاح وأثره:
يقتضي اسم الله الفتّاح أن يكون الله تعالى هو الحاكم بين عباده فيما هم فيه مختلفون، وأن يُطلَب الحكم منه سبحانه، فَحُكْمُه تعالى هو الحُكْم العدل والقسط عند النزاع والاختلاف، قال تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه ﴾ الشورى: ١٠.
ويقتضي هذا الاسم كذلك معرفة أن الله تعالى هو الذي بيده فتح مغاليق الأمور، فمن انغلق عليه شيء فليلجأ إلى الله تعالى ويدعوه باسمه الفتّاح لكي يفتح عليه، قال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ فاطر: ٢.
ومن طلب النصر والغَلَبَة فليلجأ إلى الفتّاح، فهو الذي بيده الفتح والنصر، قال تعالى: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ الفتح: ١.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)