TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (القابض والباسط والعليم والعالم )
11/02/2022 - 11:45am

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(القابض الباسط)

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
عن أنس رضي الله عنه، قال: غلا السِّعرُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، سعِّر لنا، قال: (إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ، القابِضُ، الباسطُ، الرَّازق، وإنِّي لأرجو أن ألقى ربِّي وليسَ أحدٌ منْكم يطلُبني بمظلِمةٍ في دمٍ ولا مالٍ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، وصححه الألباني.

- المعنى:
القابض اسم فاعل من القبض، وهو في اللغة الأخذ بجميع الكف والإمساك، والقبض خلاف البسط، قال ابن الأثير: "الباسط: الذي يبسط الرزق لعباده ويوسّعه عليهم بجوده ورحمته، والقابض: الذي يمسكه عنهم بلطفه، فهو الجامع بين العطاء والمنع". (جامع الأصول لابن الأثير)
وهذان الاسمان من الأسماء المتقابلة التي لا ينبغي إفراد واحدٍ منهما عن الآخر، خصوصاً اسم القابض، فالكمال أن يُذكرا معاً لبيان كمال قدرة الله تعالى في قبضه وبسطه، ومنعه وعطائه.
فالله القابض الباسط، أي: الذي بيده تضييق الأرزاق وتقتيرها، كما أن بيده بسط الأرزاق وتوسعتها، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ البقرة: ٢٤٥، وكل ذلك لحكمةٍ يعلمها سبحانه وتعالى، فهو العليم الخبير البصير بعباده، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ الإسراء: ٣٠.
وقد أخبر الله تعالى بأنه لو بسط الأرزاق للعباد لبغوا في الأرض وتجاوزوا الحد، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ الشورى: ٢٧.
كما يأتي القابض بمعنى الذي يقبض الأرواح عند حضور آجالها، والباسط الذي يبسط الأرواح في الأجساد.

- مقتضى اسمي الله القابض الباسط وأثرهما:
هذان الاسمان الكريمان فيهما إثبات صفتي القبض والبسط لله تعالى، فينبغي للعبد الاعتقاد بأن الله تعالى له القدرة الكاملة التامة في قبض الأرزاق والأرواح وبسطها، وأن قبضه وبسطه راجع لحكمته وعلمه بحقائق الأمور وعواقبها.
ومن اعتقد بأن الله تعالى بيده قبض الأرزاق وبسطها وأيقن ذلك سَهُل

عليه الإنفاق وبذل المال في وجوه الخير والبر، لذا فإن الله تعالى حثَّ عباده على الإنفاق في سبيله وبذل المال في وجوه الخير، لأنه سبحانه هو الذي يقبض المال ويضيقه، وهو الذي يوسّعه ويبسطه، قال تعالى: ﴿ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ البقرة: ٢٤٥، يقول ابن كثير: "أنفقوا ولا تبالوا فالله هو الرزاق يضيق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين، له الحكمة البالغة في ذلك". (تفسير ابن كثير)

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(العليم العالم)

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ البقرة: ١٣٧.
وقال تعالـى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ الأنعام: ١١٥.
وقال تعالى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ﴾ الأنبياء: ٨١.

- المعنى:
العليم من أسماء الله الحسنى، وهو مشتق من العِلْم، وهو ضد الجهل، فالعليم متضمن للعلم الكامل المطلق، الذي لم يُسبق بجهل، ولا يَلحقه نسيان.
وقد عدَّ بعض العلماء اسم العالِم من أسماء الله تعالى، منهم البيهقي وابن العربي وابن الوزير وابن حجر وابن عثيمين وغيرهم.
فالله تعالى هو الذي يعلم السرَّ وأخفى، ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه، ويعلم ما توسوس به نفس الإنسان، ولا يغيب عن الله جل وعلا من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.
فالله تعالى لم يزل عالماً ولا يزال عالماً، يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وظاهرها، دقيقها وجليلها، قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ الطلاق: ١٢.

- مقتضى اسمي الله العليم العالم وأثرهما:
هذان الاسمان الجليلان فيهما إثبات العلم المطلق لله تعالى، فعلمه شامل للكليات والجزئيات، بخلاف زعم بعض الفلاسفة الذين أنكروا علم الله تعالى بالجزئيات، ولا ريب أن مثل هذا الزعم يتعارض مع كمال علم الله تعالى.
فالنصوص الشرعية أثبتت لله تعالى العلم التام المطلق بكل الأشياء، صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، ماضيها ومستقبلها.
فلا بد للمسلم أن يعتقد هذه العقيدة التي أثبتها الله تعالى لنفسه، وسمّى لأجلها نفسه بالعليم العالم، فإيمان المؤمن لا يتم إلا بإثبات أسماء الله تعالى ومدلولاتها.
كما أن هذا الاسم يقتضي لمن بلغ رتبة من العلم التواضع وعدم التعالي، فعلم الإنسان مهما بلغ فإنه لا شيء في علم الله تعالى، فالعالم الحق هو الذي كلما ازداد علماً أورثه خشية وتواضعاً وانكساراً لله تعالى، قال عزّ وجلّ: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ فاطر: ٢٨، وقال تعالى: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ يوسف: ٧٦، قال الحسن البصري: "ليس عالمٌ إلا فوقه عالم، حتى ينتهي العلم إلى الله". (تفسير الطبري)

د. باسم عامر
موقع صيد الفوائد

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)