TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (الطيب والشهيد والرقيب )
17/12/2021 - 10:30am

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الطيب)

د. باسم عامر

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (إنَّ الله تعالى طَيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المُرسلين؛ فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ﴾ المؤمنون: ٥١، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ البقرة: ١٧٢، ثم ذكر الرجلَ يُطيل السفر، أشعث أغبَر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له؟!) رواه مسلم في صحيحه.

- المعنى:
الطيِّب في اللغة كل ما خلا من الأَذى والخَبَث، ويطلق الطيِّب على من تخلَّى عن الرذائل وتحلَّى بالفضائل.
فالله تعالى طيِّب، أي: مُقدّس ومُنزّه عن النقائص والعيوب كلها، وهو في معنى القدُّوس، فهو سبحانه طيِّب، وأسماؤه وصفاته وأفعاله طيّبة، ولا يصدر عنه إلا طيّب، ولا يَصْعد إليه إلا طيِّب، ولا يَقرب منه إلا طيِّب، وإليه يصعد الكلم الطيِّب، فالطيّبات كلها له، ومضافة إليه، وصادرة عنه، ومنتهية إليه جلّ جلاله.

- مقتضى اسم الله الطَيَّب وأثره:
يقتضي اسم الله الطَيِّب من العبد أن تكون أقواله وأفعاله طيّبة، وأن لا يتقرب إلى الله تعالى إلا بما هو طيِّب، فإن الله تعالى لا يقبل إلا طيِّباً، وقد أمرنا الله تعالى بأكل الطيِّبات وإنفاق الطيِّبات، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ البقرة: ١٧٢، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ البقرة: ٢٦٧، قال ابن عباس: "أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه، فإن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيباً". (تفسير ابن كثير)

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الشهيد)

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
أخبر الله تعالى عن عيسى عليه السلام أنه قال: ﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ المائدة: ١١٧.
وقال تعالى: ﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ البروج: ٩.

- المعنى:
الشهيد بمعنى الشاهد الحاضر، وهو خلاف الغائب، والشاهد هو المطَّلع على ما لا يعلمه المخلوقون إلا بالحضور، فالله تعالى الشهيد الذي لم يغب عنه أي شيء وقع في الكون، لأنه لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، فهو عَالِم الغيب والشهادة، ومطّلعٌ على كل شيء ومشاهِدٌ له، عليمٌ بدقائقه وتفاصيله، فهو سبحانه حاضر مع كل واقعة وحادثة بعلمه وسمعه وبصره.
ويذكر العلماء في الفرق بين أسماء الله العليم والخبير والشهيد، أنه إذا كان العلم مطلقاً فالله عليم، وأما إذا أُضيف علم الله إلى الأمور الباطنة والمستترة والخفية فالله خبير، وأما إذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فالله شهيد.

- مقتضى اسم الله الشهيد وأثره:
اسم الله الشهيد من الأسماء التي لها أثر في غرس مراقبة الله تعالى في القلب، فالمسلم إذا استشعر أن الله مطّلعٌ عليه في كل وقتٍ وحين، وفي كل زمان ومكان، وأنه غير غائب عنه طَرْفة عين، كان ذلك دافعاً له للاستقامة والصلاح، والبعد عن مواضع سخط الله.
فينبغي للمسلم إذا أراد أن يعمل عملاً أن يستحضر اسم الله الشهيد، فإنه سبحانه شاهد ومطّلع عليه، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ ﴾ آل عمران: ٩٨.

معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الرقيب)

بسم الله الرحمن الرحيم 

- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ النساء: ١.
وقال تعالى على لسان نبيه عيسى عليه السلام: ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ المائدة: ١١٧.

- المعنى:
معنى الرقيب، أي: المراقب، والمطَّلع على أعمال العباد، والعالم بأحوالهم، سرِّهم وعلانيتهم، والحافظ الذي لا يغيب عنه شيء من أمور خلقه.
ويأتي الرقيب بمعنى الشهيد، قال ابن سعدي: "الرقيب والشهيد من أسمائه الحسنى، وهما مترادفان، وكلاهما يدل على إحاطة سمع الله بالمسموعات، وبصره بالمبصرات، وعلمه بجميع المعلومات الجليّة والخفيّة، وهو الرقيب على ما دار في الخواطر، وما تحرّكتْ به اللواحظ، ومن باب أولى الأفعال الظاهرة بالأركان". (الحق الواضح المبين لعبد الرحمن السعدي)

- مقتَضى اسم الله الرقيب وأثره:
اسم الله الرقيب من الأسماء التي تغرس في قلب العبد مراقبة الله تعالى في الأقوال والأعمال، في السر والعلن، قال عبد الله بن المبارك لرجل: راقب الله تعالى، فسأله عن تفسيرها فقال: "كن أبداً كأنك ترى الله عزَّ وجلَّ". (إحياء علوم الدين للغزالي)
فاستحضار معاني اسم الله الرقيب له أثر في استقامة المسلم، فمتى ما علم المسلم وأيقن بأن الله يراقبه ويطَّلع عليه، أقبل على الطاعات، وابتعد عن المعاصي والسيئات، رغبةً في ثواب الله وفضله، ورهبةً من عذابه وعقابه.
قال ابن القيم: "المراقبة هي التعبُّد بأسمائه تعالى: الرّقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير؛ فمن عَقَلَ هذه الأسماء وتعبّد بمقتضاها حَصَلتْ له المراقبة". (مدارج السالكين لابن القيم)

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)