TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
معادلة الإصلاح والتحوّل الديمقراطي للحكومات البرلمانية 
22/01/2020 - 12:00am

عريب هاني المومني

يبدو أن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين لم يَعُدْ يثق بأداء الحكومة للمهام المطلوبة منها بالشكل الصحيح؛ وذلك بدليل الزيارات واللقاءات التي يقوم بعقدها مؤخراً مع مختلف فئات المجتمع وعلى جميع المستويات، كان اخرها حضوره جانباً من اجتماع مع ممثلين عن القطاع السياحي عُقِد في قصر الحسينية، وقد ضَمّ الاجتماع كلاً من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ووزيرة السياحة والآثار وممثلين عن القطاع السياحي لمناقشة واقع وسبل تطوير وتعزيز نمو هذا القطاع الحيوي في الأردن. 
فمن الواضح أن جلالته يقوم برسم السياسات والاستراتيجيات المُوجِهة لأداء الحكومة في المرحلة المقبلة، حيث أكدّ جلالته خلال الاجتماع على ضرورة التركيز على تطوير الخدمات السياحية في مناطق الجنوب ومن ثم في مناطق الشمال، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الدور الهام للقطاع الخاص في هذا المجال الحيوي، وكذلك دور الشباب ومبادراتهم في المساهمة في تطور هذا القطاع. وفِي هذا رسالة للحكومة للاهتمام بالقطاع السياحي والتركيز على تعزيز التعاون مع القطاع الخاص وإعطاء الفرص للشباب.
هذه الأحداث الحالية تدعونا للعودة إلى الأوراق النقاشية لجلالة الملك، وتحديداً الورقة النقاشية الثانية التي حملت عنوان "تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الأردنيين"، وكذلك الورقة النقاشية الثالثة التي جاءت بعنوان "أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة"، حيث أوضح جلالته في هذه الأوراق كيفيّة التحوّل الديمقراطي نحو تطبيق نهج الحكومات البرلمانية ومتطلبات هذا التحول لضمان نجاحه، وكذلك وضّح دور المؤسسات السياسية ومختلف فئات المجتمع في عملية الانتقال هذه، ورؤيته في تطور الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من هذه الفئات مستقبلاً.
ومن خلال الاطلاع على المسؤوليات والدور المطلوب من رئيس الوزراء ومجلس الوزراء حسب رؤية جلالة الملك فإنه من الواجب عليهم نيل الثقة النيابية والمحافظة عليها، ووضع معايير للعمل الحكومي المتميز والقدرة على بناء التوافقات الضرورية من أجل مجابهة التحديات التي تواجه المواطنين، بالإضافة إلى تبني نهج الشفافية والحاكمية الرشيدة قولاً وعملاً وهذا يتطلب المبادرة في تعامل وتواصل رئيس الوزراء ومجلس الوزراء مع مجلس النواب والمواطنين، والحرص على العمل الميداني، وهذه شروط ضرورية لنجاحهم. فيرى جلالته ضرورة التواصل الدائم والمستمر مع المواطنين لنجاح الديمقراطية وكذلك العمل الميداني من قِبَل رئيس الوزراء ومجلس الوزراء والبقاء على تواصل دائم ومستمر مع المواطنين والنزول للميدان لمعرفة التحديات والمشاكل التي تواجههم.
ومنذ نشر جلالة الملك لهذه الأوراق النقاشية أي ما يُقارِب منذ سبع سنوات لم تَقُم الحكومات المتعاقبة بالدور المرجو منها على أكمل وجه، ويبدو التقصير واضحاً في أدائها وفِي القيام بالمسؤوليات المنوطة بها، مما دفع جلالة الملك إلى القيام بهذا الدور وتحمل المسؤولية على عاتقه حيث يقوم بشكل مستمر ودائم بزيارات ميدانية لمختلف المحافظات الأردنية وكذلك يقوم بعقد اللقاءات مع مختلف الفئات الشعبية والنخبوية أهمها حاليا ما يسمى "بمجلس بسمان" ليطّلع بشكل مباشر على أبرز المشاكل التي تواجه المواطنين ويستمع للحلول المقترحة من جانبهم. 
وفِي هذا الخصوص أشار رئيس الوزراء السابق طاهر المصري خلال ندوة بعنوان "شهادة سياسية" أُقيمَت مؤخراً في منتدى عبدالحميد شومان إلى موقفه ورأيه في الربيع العربي عام ٢٠١١ حيث استعرض جزء من رسالة بعث بها إلى جلالة الملك أكد فيها أن ضعف الخطاب السياسي والإعلامي للحكومات أوجد فجوة ما بين الحكومة وسياساتها واجراءاتها من جهة والمواطنين وتفاعلهم معها من جهة أخرى، وأن الحكومات المتعاقبة تأتي بمنهجية تسيير الأعمال وعقلية وظيفية مجرّدة. ويبدو أن هذا النهج اصبح السياسة المتبعة للحكومات الأردنية حتى الآن. 
إلا ان هذا التقصير من جانب الحكومة قد أثر على ثقة المواطنين بالحكومة، ويجعل من معادلة الإصلاح غير متوازنة ويشوبها النقص، مما يؤثر على نجاحها ويشكك في مصداقية نية الحكومة للإصلاح.
وهنا يثور التساؤل أين مجلس النواب عن هذا التقصير!! إذ يبدو جليّاً للجميع أن هناك تقصير أيضاً من جانب مجلس النواب في أداء دورهم وتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقهم والقيام بواجباتهم، فلا بُدّٓ من التذكير بأن معادلة الإصلاح يجب أن تكون متوازنة وأن يقوم كل طرف بالواجبات المطلوبة منه للوصول للغايات والأهداف المرجوة وأهمها الإصلاح الحقيقي والشامل لجميع المجالات وبالأخص الإصلاح السياسي بالإضافة إلى التحوّل الناجع لنهج الحكومات البرلمانية. وختاماً يجب التأكيد على ما ذكره دولة طاهر المصري أننا في هذه الظروف العصيبة نحن بحاجة إلى تحصين رأس الدولة وإلى وجود قيادات قوية وذات كفاءة.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)