TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
مستقبل الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف
09/05/2022 - 5:45pm

مستقبل الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس الشريف

بقلم الدكتور عارف بني حمد-أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك

صعّدت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة خلال شهر رمضان قمعها الوحشي للمصلين في المسجد الأقصى والاعتداء عليهم، من أجل تسيير اقتحامات المستوطنين، وحاولت فرض قيود مشددة على عدد المشاركين في الصلوات في كنيسة القيامة أثناء عيد الفصح.
كما صعد رئيس الوزراء الإسرائيلي )نفتالي بينيت ( أمس الأحد مواقفه تجاه الأردن برفضه الاعتراف بالوصاية والرعاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس المحتلة والزعم بأن السيادة على مدينة القدس والمسجد الأقصى، إسرائيلية"، وأن القرارات المتعلقة المسجد الأقصى ستتخذ من قبل إسرائيل دون أي اعتبار لحسابات خارجية .وزعم بأن "إسرائيل ستستمر بالتعامل باحترام تجاه أبناء كافة الديانات في القدس".
والجدير بالذكر بأن الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف تحظى بأهمية خاصة بالنسبة للعائلة الهاشمية. علما بأن القدس الشرقیة بما فیھا المسجد الأقصى المبارك ھي من ضمن الأراضي الفلسطینیة المحتلة عام 1967 ، وفقا للقانون الدولي وقرارات الشرعیة الدولیة، ولا تخضع للاختصاص القضائي الإسرائيلي .
وتتولى دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، الإشراف الرسمي على المسجد الأقصى( مساحته 144 دونما) بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل عام 1967 .
ومنذ الإعلان عما يسمى صفقة القرن واعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية للقدس، تحاول إسرائيل المساس بالوضع التاریخي والقانوني القائم في المدینة المقدسة، وتسابق الزمن لفرض واقع جدید بالقدس المحتلة وتحقیق ما تبقى من سیاساتھا التھویدیة ضد المسجد الأقصى، وفرض سيادتها بشكل كامل على المدينة ومحاولة تغيير معادلة الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ، من خلال سلسلة إجراءات استفزازية في الحرم القدسي الشريف، الاقتحامات المتكررة لفرض التقسيم المكاني والزماني في المسجد الأقصى .
ولا يستطيع الأردن لوحده الأردن الحفاظ على الوضع القانوني والسياسي القائم في القدس ، إذ يسعى من خلال الجهود الدبلوماسية والسياسية مع دول العالم وخاصة الولايات المتحدة للضغط على اسرائيل، وفي هذا الإطار لا بد من ملاحظة ما يلي :
1. يقف الأردن وحيدا في مواجهة الإجراءات الإسرائيلية في ظل خذلان وتآمر عربي وإسلامي .
2. لم تعد معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية والعلاقات الدبلوماسية بين الأردن وإسرائيل مهمة استراتيجيا بالنسبة للجانب الإسرائيلي ، وأصبح الأردن متمسكا بمعاهدة السلام مع إسرائيل من جانب واحد لحماية الدولة الأردنية وكيانها وحدودها التي تم تثبيتها وفقا للاتفاقية .
3. ضعف الموقف الفلسطيني الذي نتج عن تأجيل ملف القدس لمفاوضات الحل النهائي وفقا لاتفاق أوسلو1993.
4. تم إضعاف الدور الأردني في فلسطين نتيجة لتهافت العديد من الدول العربية والإسلامية لإقامة علاقات تطبيعية علنية وسرية مع إسرائيل ومحاولة منافسة الأردن على الوصاية على الأماكن المقدسة في القدس (بعض دول الخليج والمغرب وتركيا ).
5. انهيار النظام الإقليمي العربي وانشغال كل دولة عربية بهمومها الداخلية واختلال توازن القوى لصالح اسرائيل .
6. لم تعد القضية الفلسطينية تحظى بالأولوية بالنسبة للعديد من الدول العربية التي دخلت بتحالفات أمنية واستراتيجية مع إسرائيل لمواجهة التهديدات الايرانية .7. . انشغال العالم بالأزمة الأوكرانية – الروسية وخاصة الدول الاوروبية .
7. انحياز أمريكي للكيان الإسرائيلي وضعف موقف إدارة بايدن على ضوء تركيز اهتمامها بالحرب الأوكرانية – الروسية، وكذلك قرب الانتخابات النصفية للكونغرس في شهر تشرين ثاني القادم وخشيتها من دعم اللوبي الصهيوني للجمهوريين .

وتعكس تصرفات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وتصرفاتها هشاشة وضعها الداخلي واحتمال انهيارها في أي لحظة ، حيث أصبح ملف القدس والأماكن المقدسة موضوع مزاودة بين بينيت، الذي يسعى للبقاء في الحكم ، وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الذي يتربص بحكومة بينيت وسيكون البديل له عاجلا أم آجلا .
وفي ظل العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لا يستطيع الأردن القيام بأي إجراءات أحادية الجانب ضد إسرائيل كقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير، والغاء المعاهدة، لأن ذلك يعني انتحارا سياسيا بالنسبة للأردن وسيتعرض لعقوبات أمريكية ووقف المساعدات الامريكية، في ظل وضع أردني صعب من الناحية الاقتصادية والمالية.
وعلى ضوء توقعات المستقبل والتطورات الأسوأ المحتملة في القدس الشريف واحتمال عودة نتنياهو للحكم في إسرائيل وعودة الترامبية (دونالد ترامب أو شبيهه) في الولايات المتحدة ، لا بد للأردن من اتخاذ خطوات استباقية وإعادة النظر في موضوع تحمل مسؤولية الرعاية على الأماكن المقدسة في القدس لوحده ، حيث نقترح على صانع القرار الأردني الدعوة لعقد قمة عربية عاجلة لمناقشة ملف القدس ووضع العرب أمام مسؤولياتهم واحراجهم أمام شعوبهم وتسليم ملف القدس والأماكن المقدسة ورعايتها للجامعة العربية لتتحمل كل الدول العربية مسؤولية ذلك، وليس الأردن وحده .
والله من وراء القصد وحمى الله الأردن وفلسطين

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)