طلبة نيوز-
في الكلمة التي ألقتها الملكة رانيا العبد الله خلال رعايتها لحفل إطلاق مبادرة" إدراك" التعليمية والتي حضرها وزير التربية والتعليم ،ووزير العمل ووزير السياحة والآثار ،ووزير التعليم العالي والبحث العلمي ، الكثير مما ينبغي التوقف عنده ، لان الكلمة أعادة الضوء على مؤشرات التراجع في أدائنا التعليمي فيما يمكن تسمية "بالأمية الرقمية وأمية التدوين والتأليف"، بدءاً من "تدني نوعية التعليم، وعدم مواكبة خبرات وقدرات الخريجين لمتطلبات سوق العمل، والتغيب عن النشر العلمي العالمي كما تقول الملكة رانيا العبد الله، إلى "عدم وجود صادرات عربية من التقنية العالية والنقص الحاد في المهارات بكل أشكالها".
فإذا كانت هذه الصورة المحزنة لوضع الوطن العربي شبه الغائب عن النشر العلمي ، والذي وصلت صادراته من النشر العلمي إلى 0% كما تقول الملكة رانيا،فما بالك بمستقبل الأمة و أنت ترى طوابير المتعلمين والمثقفين وأصحاب الكفاءات التي تقف على أبواب السفارات الأجنبية طلبا للهجرة والعمل في تلك الدول!
الإحصاءات والأرقام المذهلة و المخجلة التي أوردتها الملكة عن حجم المساهمة العربية في النشر العالمي لا تحتمل التكهنات إذا كان جرد تلك الإحصاءات بني على حقائق وبيانات ترصد الحركة العلمية والبحثية في بلادنا، ومع ذلك تسمر جامعاتنا و مؤسساتنا العلمية بتقديم الشهادات الفخرية وتكريم الباحثين، ورجال الأعمال الذين لا ندر عن حجم مساهمتهم الحقيقية في الجهد العلمي العالمي ، لا بل تصر غالبية الإدارات الأكاديمية على الاستمرار في نفس الطريق دون اتخاذ قرارات إستراتيجية تقف على الاستخدام الأمثل للانترنت في العملية التعليمية التعلمية ، أو المشاركة في طرح ا لمساقات التعليمية عالية الجودة والمجانية التي تسهم في نشر العلوم والآداب والمهارات على غرار ما تقوم به الجامعات العالمية في مبادرة "edX initiative" التي تتعاون حاليا مع مبادرة " ادراك" في الوصول إلى ملايين الطّلبة العرب حول العالم للتعلم ،مما سيجلب القوّة التغييرية للتعليم للعالم العربي والشباب المتعطّش للفكر والتعلّم.....
كثيرون كتبوا وظهروا على شاشات التلفزيون و في البرامج الحوارية ، وأرسلوا نفس الإنذارات بأن القادم أسوأ ما لم يتم وضع سياسات سريعة لإعادة قطار التعليم العالي والأساسي على سكة التطوير البحث والابتكار، ومع أن وزارة التعليم العالي و الجامعات لا تتوانى في الحديث عن قرارات تنشيط البحث العلمي واستخدام الانترنت والتعليم الالكتروني في العملية الأكاديمية ،إلا أن البطء في استعجالها يعني مزيداً من التراجع والتخلف التكنولوجي، والمسألة تتعدى الاجتهاد وتداول الكلمات والاستشارات أو تلطيف الصورة أمام الرأي العام، إلى قضية حياة أو موت لشعب وأجيال قادمة، وفى تقديري أن من أولويات أي جامعة في هذه المرحلة تنشيط و تفعيل التعليم الالكتروني والتعليم عن بعد بحيث تصبح جزءا أساسيا من التعليم بمستوياته المختلفة.
المشكل الذي نعرفه أن معظم المؤسسات الأكاديمية، واللجان المعنية بالعمل الأكاديمي لا يوجد تنسيق بين جهة وأخرى، وهذا يصدق على وزارة التعليم العالي والجامعات و وزارة التربية والتعليم، ولجان التربية والتعليم في مجلس النواب والأعيان، فكل هذه المؤسسات وتلك اللجان ترمي المسؤولية على الأخرى،لا بل تضع كل جهة إستراتيجية لإصلاح التعليم بمعزل عن الأخرى !!وهذا ليس في صالح الوطن والمواطن إذا ما استمرت العملية بهذا التقاذف ودون حسم بأمر حيوي ينشلنا من حالة التراجع الاكاديمى والترهل الذي أشارت إليه الملكة، وهو من اخطر القضايا التي تهدد مستقبل الوطن و الأجيال القادمة ....
لست مع المتشائمين بأن أجيال المستقبل ستعيش في ظروف صعبة ، ولكن الإدارة الحكيمة، وبعد النظر في إدارة ملف التعليم والبحث العلمي هو ما نحتاجه في هذا الوقت، وهى بلا أدنى شك دافع أساسي لخلق إستراتيجية تعطي للأجيال القادمة حق التمتع بمستقبل مشرق ومزدهر.