TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
ما لم تفعله التربية بعد
11/08/2014 - 2:45am

طلبة نيوز- حسين الرواشدة 

 لاريب أن ما فعلته وزارة التربية والتعليم في مجال (التوجيهي) يستحق الشكر و التنويه، لكن ما لم يفعله حتى الآن في مجالات التعليم الأخرى يستوجب الانتباه والتنبيه أيضا.
جردة الإنجازات التي تحققت في عام على صعيد ( ضبط) ايقاع امتحان التوجيهي أصبحت معروفة ، ابتداء من تطويق (الغش) والفوضى داخل القاعات، الى تحرير (العلامات) من الزيادات المبالغ فيها وصولا الى تنظيم أيام الامتحان على مدى اسبوعين بدلا من شهر...وهذه كلها تتعلق بطرف واحد وهو (الطالب)، واعتقد أنه الطرف الأضعف وبالتالي مرّت الإجراءات بشكل ميسور نسبيا و حققت نتائج جيدة.
التعليم - بالطبع- لا يمكن اختزاله في (الطالب) ولا في امتحان التوجيهي - على أهميتهما- فهنالك مرتكزات أخرى للعملية التربوية منها : المدرسة والمناهج و المعلم و المناخات العامة، وهذه تحتاج إلى وقفة طويلة للتصويب و المراجعة إذا كان المقصود هو إصلاح (التعليم) وليس إصلاح (الطلبة) فقط عند آخر مراحلهم التعليمية .
إذا أخذنا نتائج امتحان التوجيهي الأخير سنلاحظ انها كشفت عن العديد من صور الخلل في منظومة التعليم بشكل عام، خذ مثلا المدارس التي لم ينجح منها أحد ( بلغ عددها نحو 340 مدرسة) وخذ أيضا نسبة الراسبين بشكل عام (60%) وفي الفرع الأدبي تحديدا (95%)، وخذ ثالثا نسبة الذين انسحبوا من الامتحان ولم يتقدموا (نحو 30%)، وكلها تعكس الانحدار العام الذي وصلنا إليه، سواء على صعيد المناهج التي ما نزال نصممهاعلى أساس (التلقين) والحفظ، ونحشو فيها المعلومات لمجرد الحشو فقط، لدرجة يشعر معها الطالب أننا نعاقبه ونتعمد أحيانا الإساءة لعقله وذكائه، ونطلب منه أن يتحول إلى (كمبيوتر) للتخزين فقط، أو على صعيد (المعلمين) الذين أهملناهم طويلا، وأغلقنا أمامهم الأبواب لاستعادة هيبتهم وكبَّلنا أيديهم ( بالتشريعات) الرادعة التي حولتهم الى (متفرجين) وغير قادرين على تأنيب طلبتهم حتى لو اعتدوا عليهم، أما حالة مدارسنا، خاصة في المدن الكبرى، فيكفي أن ندقق في اكتظاظ الصفوف وفقر الإمكانيات والعمارات القديمة المستأجرة وانعدام الساحات المناسبة لممارسة الرياضة، لنرى بأعيننا أن بعضها أصبح لا يصلح أن يكون مدرسة، وأن محدودية استيعابها دفعت الأهالي مضطرين الى الهروب منها وانتزاع معظم دخولهم لتسديد رسوم أبنائهم في المدارس الخاصة.
مثلما ذهب وزير التربية الى الطالب الذي ودّع صفوف المدرسة، من أجل تصحيح مساره، واصلاح اخطائه، يجب أن يذهب الى المعلم و الى البناء المدرسي والى المناهج ايضا ،صحيح أن المهمة هذه تحتاج الى وقت طويل، والى تكاليف ومخصصات ، والى ( فريق) وطني مؤهل، لكن الصحيح أيضا أن اختبار الوزارة ،مثلا، في مجال ( تمكين) المعلم كان صادما، فعلى امتداد الشهور الماضية رفعت نقابة المعلمين طلباتها ودخلت في مفاوضات مع الجهات المعنية، وهددت بالإضراب عن التدريس بداية العام، لكن الوزارة التزمت الصمت ولم تتحرك لتلبية هذه المطالب (المحقة)،ومن اللافت أن من بين هذه المطالب قضية (فساد) بالملايين، وهي -للأسف- مازالت معلقة، مع أن المفترض أن تتقدم الوزارة نفسها لفتح هذا الملف ومحاسبة المسؤولين عنه، قبل أن تتدخل النقابة.
لم نسمع من الوزارة - حتى الآن- عن خطتها في تعديل المناهج، أو في تأهيل المدارس، ولا عن الاسباب التي كانت وراء ( رسوب) الطلبة في مئات المدارس ( بالجملة) ولا عن (الانظمة) الضابطة للعملية التربوية، ولاعن (تسرب) الطلبة من مقاعد التدريس، ولا عن تأهيل المعلمين وتدريبهم والمخصصات والجهات المعنية بذلك، والإجابة عن هذه الاسئلة كلها تشكل المقدمات الاساسية لتصحيح مسارات التعليم، باعتبار ان ما فعلناه في التوجيهي هو حكم على (النتائج) والمخرجات، ولا يمكن - بالطبع- اصلاح التعليم من خلال النتائج وانما لابد من فهم الأسباب والمقدمات ومحاكمة (المدخلات (والتوجه بشكل متواز لمجالات التعليم كلها لأنها منظومة متشابكة ومتلازمة ولا يمكن إصلاحها من طرف واحد، إلا إذا كان هذا الإصلاح لمجرد قرع جرس الإنذار..أو لمجرد الهروب من العناوين الأساسية الى الأخرى السهلة... وهذا ما أتمنى أن ننتبه اليه مع التنويه بما تحقق من انجازات وانتظار باقي الاولويات.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)