TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لماذا يكرهنا العالم ونحن أصحابُ حقّ!
26/06/2014 - 1:45am

طلبة نيوز-أ.د. صلاح جرّار

لا يَظُنَّنَّ أحدٌ أنّ اليهود يحظون في بلاد الغرب بالمحبة والاحترام، بل إنّ كلمة «يهوديّ» في كثير من تلك البلدان متى أطلقت على أحدٍ فإنّها تُعَدُّ سُبَّة، وأوضح دليل على ذلك ما لاقاه اليهود من ملوك القوط في إسبانيا قبل دخول المسلمين إليها، وما لاقوه من الإسبان عند خروج المسلمين منها، وما لاقوه في بدايات القرن الماضي على أيدي النازيّين.
ولكنْ مع كلّ هذه النظرة التي تنطوي على الازدراء لليهود في أوروبا، فإنّ هؤلاء الغربيّين وسواهم من أبناء دول العالم إذا خيّروا بين اليهود والعرب، فإنّهم سوف يفضّلون اليهود على العرب، وما من يوم يمرّ إلاّ وتظهر فيه دلائل لا تقبل الشكّ على أنّ العرب مكروهون إلى أقصى الحدود، وأن لا أحد في دول العالم يطيب له في أيّ لحظة أن يعترف بأيّ حقّ للعرب، حتّى إنّ تلك الدول تغيّر مواقفها دائماً بما يتواءم مع تحاملها على العرب وإنكارها لحقوقهم. فما هو السبب في ذلك؟
لا شكّ في أنّ هذا سؤالٌ لا يمكن الإجابة عنه في مقالة سريعة، وأنّه يحتاج إلى العديد من الدراسات والمحاضرات والمؤتمرات للإجابة عنه، غير أنّ هذه المقالة قد تقدّم بعض المفاتيح للإجابة عن هذا السؤال.
إنّ الأمثلة والشواهد على التحيّز الغربي للاحتلال الإسرائيلي ضدّ العرب لا تحصى، ويمكن أن تؤلّف فيها مجلّدات كثيرة، وآخرها الصمتُ العالمي الرهيب على الممارسات الإسرائيلية في الضفّة الغربيّة وغزّة عموماً وفي مدينة الخليل خصوصاً، وهي ممارسات أقلّ ما يمكن أن يقال عنها إنّها إرهابيّة خالصة وتحمل في طيّاتها جميع مواصفات الأعمال الإرهابيّة، وفي الوقت ذاته تنحاز الإدارة الأمريكية والدول الغربيّة ومجلس الأمن الدولي إلى الكيان المحتلّ وتتعاطف معه إثر فقدان ثلاثة صهاينة في مدينة الخليل.
نعم إنّهم يكرهوننا دون أدنى شكّ ولا يرون لدماء أبنائنا وأرواحهم أيّ قيمة تذكر، فلئن كان العالم الغربيّ متعاطفاً مع الكيان الإسرائيلي في فقدان ثلاثة صهاينة يعتقدون أنّه جرى اختطافهم، فإنّ فلسطين كلها مختطفة من قبل الكيان الإسرائيلي، وإن الفلسطينيين كّلهم أسرى ورهائن، فأيّ تحيّز للإسرائيليين وتحامل على العرب أعظم من ذلك؟!
إنّ من أهمّ أسباب كره العالم لنا وانحيازه إلى الإسرائيليين أنّ العالم لا يحترم الضعفاء الذين يصّرون على التشبّث بالضعف والتذرّع بأسباب كثيرة للإبقاء عليه، وأنّ العالم لا يحترم من لا يحترم نفسه وقومه، وأنّ العالم لا يمكن أن ينحاز للأمم التي لا تتخّذ من العلم والعمل سبيلاً للنهضة. أضف إلى ذلك أنّنا، وإن كان موروثنا العلمي زاخراً بالنظريات السياسية المتميّزة، إلاّ أنّنا منذ فجر تاريخنا لم نتقن فنّ العمل السياسي وكنّا وما زلنا أداة طيّعة في أيدي القوى الكبرى.
ومن أهمّ أسباب تواطؤ العالم مع الكيان الإسرائيلي ضدّ العرب امتلاك الإسرائيليين لوسائل إعلامية وثقافية متفوّقة وعجز العرب عن توظيف مثل هذه الوسائل في الدفاع عن حقوقهم، فالتواصل الإسرائيلي مع دول العالم أكثر عمقاً وتأثيراً من تواصل العرب مع تلك الدول، والإعلام الإسرائيلي على سبيل المثال موجّهٌ للخارج بينما الإعلام العربيّ موجّه للداخل ويعمل على إثارة الفتن والنزاعات بين أبناء الأمّة.
إنّ علينا أن نعترف بأنّ عدوّنا يعمل ضدّنا بذكاء بالغ وعين بصيرة وبأدوات مختلفة، وهو يقنع العالم في كلّ لحظة بأنّه أكثر منّا تقدّماً علميّاً وتكنولوجيّاً، وأنّه أقوى منّا عسكريّاً، وأنّ كيانه أكثر تماسكاً، وأنه أنجح منّا في استخدام وسائله الإعلاميّة والثقافية، وأقدر منّا على تحقيق التواصل مع دول العالم، وأكثر إتقاناً لاستخدام ألعابه وأدواته السياسيّة والاقتصادية.
وقد نجح هذا العدو نجاحاً باهراً في تأليب العالم ضدّنا وتشويه صورتنا في عيون أهل الأرض، فكرهونا حتّى الثمالة!!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)