TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لماذا غضبنا؟!
12/03/2014 - 3:30am

طلبة نيوز- محمد ابو رمان
بعيداً عن حالة الاستقطاب و"المهرجانات الخطابية"، تحت قبة البرلمان أمس، وبغض الطرف عن التجاذب الداخلي والخلافات الجوهرية بين الحكومات والمعارضة بشأن الموقف من إسرائيل، فإنّ السؤالين اللذين أطرحهما على رئيس الوزراء وفريقه الحكومي، هما: فيما إذا فكّروا، فعلاً، وبعمق، في السبب الكامن وراء حالة الغضب الشديد التي اجتاحت الشارع الأردني، وانتقلت إلى الجامعات والقضاء والناس في بيوتهم، بعد الجريمة الإسرائيلية بحق الشهيد رائد زعيتر؟! ولماذا انصبّ جزء رئيس من هذا الغضب على الحكومة نفسها، وعلى أدائها في مواجهة تلك الجريمة؟
لا أعلم ما إذا كان الرئيس وفريقه فكّروا في ذلك، ووصلوا إلى إجابة عميقة. لكن، دعوني أتبرع بتقديم الجواب للحكومة عليهما؛ وأدمج السؤالين في جوابٍ واحد: الموقف الرسمي الهشّ والضعيف، في البداية، آلم الأردنيين بقدر ما آلمتهم الجريمة الصهيونية!
رئيس الحكومة انتظر يوماً كاملاً ولم ينبس ببنت شفة، وبقي صامتاً؛ بينما اكتفت الحكومة في البداية بتصريح لـ"مصدر حكومي" خجول ضعيف مهزوز، ثم خبر عن استدعاء وزير الخارجية للقائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في عمان، وإبلاغه رسالة الأردن بشجب وإدانة الجريمة، والمطالبة بنتائج التحقيق الإسرائيلي (ولاحظوا، هنا، أنّ الطلب كان في البداية "تحقيقاً إسرائيلياً").
بقي المواطن الأردني، الذي يغلي الدم في عروقه، ويشعر بالإهانة والجرح الكبير في كرامته من هذا السلوك الإسرائيلي الأرعن، ينتظر مسؤولاً أردنياً يُشعره أنّ حكومتنا تفهم معنى الكرامة وتنتصر لمواطنيها، وتقف وقفة سياسية معتبرة. إلاّ أنّ ذلك لم يحدث؛ فخسرت الحكومة المبادرة، وفشلت في إدارة ردود الفعل، خلال الربع ساعة الأول، وهي الفترة المهمة جداً في مواجهة كرة الثلج المتدحرجة، وتركت التداعيات والجرح المزدوج (من الجريمة والحكومة) يكبر في قلوب الناس بسرعة كبيرة!
رئيس الوزراء الذي لم يترك محطّة فضائية؛ محلية ولا عربية، إلاّ وشاهدناه عليها وقت رفع أسعار الوقود، حتى حفظ الشارع أرقامه غيباً، وهو الذي يتحدث في أغلب القضايا والملفات بطلاقة، لم يشعر بأنّ قصة استشهاد القاضي زعيتر تستحق من الحكومة أن تقدّم للمواطنين شيئاًَ يواسيهم فيها، ويضمّد شيئاً من جرح الكرامة المفتوح وحالة الغضب الهستيرية، وأن يتحدث رئيس حكومتهم معهم ليعبّر لهم عن حزنه وأسفه واهتمامه الكبير بالموضوع، ويتخذ خطوات رمزية ودبلوماسية إلى حين تتضح الحقائق!
النتيجة هي خسارة الرسالة السياسية والإعلامية والرمزية، وتمثّلت في شعور المواطن الأردني باحتقار الدولة له، قبل إسرائيل، وفي عدم إدراك المسؤولين في مراكز القرار لمعنى شعور الإنسان بجرح الكرامة، وعدم تقديرهم للحجم الحقيقي للغضب والاحتقان الشعبيين. وهي حالة، يا سادتنا المسؤولين، لا تحسب بعدد من تظاهروا أمام السفارة الإسرائيلية في الرابية، ولا تنفع معها إبر التخدير، ولا التلويح بعصا الأمن؛ هي حالة تنهش في علاقة الدولة والمواطن في عمق سؤال الشرعية والثقة!
فتور الحكومة ولامبالاتها، قابلهما تجاهل واستعلاء إسرائيليان، ورواية مهينة للأردنيين حول استشهاد القاضي الأردني. وحتى مستوى الاهتمام في الإعلام الإسرائيلي جاء محدوداً هامشياً، متناسباً مع هذا الموقف. ولم يخرج اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلاّ لاحقاً، بينما وافقت إسرائيل على اشتراك الأردن في التحقيق، بعدما ضغطت الحكومة الأردنية، وشعرت، متأخرةً، بحجم الكرة الملتهبة في الشارع. فردود فعل الحكومة هي التي أوصلتنا إلى هذا المستوى المتواضع من الرد الإسرائيلي!
طرد السفير الإسرائيلي، أو استدعاء السفير الأردني، مواقف وإجراءات دبلوماسية لن تعيد لنا الشهيد القاضي زعيتر، لكنّها تحسّسنا فقط بأنّ كرامة الوطن والمواطنين ليست في الحضيض، في ذكرى "الكرامة"!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)