
طلبة نيوز- أ.د. صلاح جرّار
هل نحن بحاجة إلى هذا العدد الكبير من الجامعات وإلى هذه الآلاف من الخرّيجين في مختلف التخصّصات؟ ما الهدفُ من إنشاء الجامعات على هذا النحو من الكثرة، وهل حققت الجامعات منذ بداية إنشائها في المملكة سنة 1962 هذا الهدف أو هذه الأهداف أو بعضاً منها؟!.
أتمنّى على كلّ جامعة من الجامعات الرسميّة والخاصّة، وبعيداً عن الديباجات التي في مقدّمات قوانينها وأنظمتها، أن تسأل نفسها عن الغاية من إنشائها وإلى أيّ مدى تحققت هذه الغاية؟!
وأتمنى على كلّ طالب جامعي أن يسأل نفسه عن الدافع إلى التحاقه بالجامعة، هل هو من أجل الحصول على شهادة ترفع من مكانته الاجتماعية؟ أم من أجل الحصول على وظيفة يؤمّن بها مستقبله ويعتاش منها؟! أم من أجل العلم فقط؟!
إنّ وضوح الأهداف من إنشاء أي مؤسسة علميّة أو صناعية أو تجارية أو غيرها هو مسوّغ من مسوّغات وجودها ومعيار من معايير قياس نجاحها، وشرط من شروط نجاحها، وفي حال غياب الهدف أو عدم وضوحه يصبح العمل كلّه عبثاً ومضيعة للوقت والجهد والمال.
إنّ إنشاء الجامعات في كثير من الدول هو تلبية لاحتياجات ذلك المجتمع، وهي بيت الخبرة الذي يتدخّل لحلّ مشكلات المجتمع المعرفية والاجتماعية والاقتصادية والإنتاجية والصناعية والزراعية والسياسية وغيرها، وهي التي ترفد المجتمع بمؤهلين ومدربين وخبراء في مختلف المجالات التي يحتاج إليها المجتمع في تطوّره وتقدّمه وأمنه واستقراره ورفاهه.
ومتى قصّرت الجامعات في إنجاز هذه المهمّةٌ فإنّها تصبح عبئاً على المجتمع ولا قيمة لوجودها! ولعلّ من أهمّ معايير قيام الجامعات بهذه المهمّة هو مدى انعكاس أثر التعليم الجامعي على المجتمع في سائر مجالاته، فإذا اقتصر هذا الأثر على كثرة أعداد الخرّيجين من حملة شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وازدحام شوارع المدن بالعاطلين عن العمل من حملة هذه الشهادات، فلا أرى أنّ ذلك يعدّ إنجازاً، بل يكشف عن خلل كبير في مسيرة التعليم العالي.
إنّ أهمّ معيار لأهمية الجامعات ومدى الحاجة إليها هو مدى تلبية هذه الجامعات لاحتياجات المجتمع للتطوّر في مختلف المجالات، أو لاحتياجات المجتمع الإنساني الكبير، ومدى ما يتأسّس وينبني على زيادة أعداد الخرّيجين وزيادة أعداد الجامعات من نتائج نلمسها في حياة أبناء المجتمع ومستوى معيشتهم وسلوك أبناء المجتمع وتعاملاته. ومتى كانت هناك فجوة بين ما يتعلّمه طلبة الجامعات وما تقوم به الجامعات من جهة وبين واقع الحياة في المجتمع، فإن ذلك يعدّ نقصاً كبيراً في واقع التعليم العالي، وكّلما تقلصت هذه الفجوة كلما كان ذلك مؤشراً على السير في الاتجاه الصحيح.
لقد آن الأوان لإعادة النظر في ما أنجزته الجامعات الأردنية منذ نصف قرن إلى الآن في ضوء العلاقات بين مخرجات هذا التعليم وبين أثر ذلك على قطاعات المجتمع كافّة، على أن تكون إعادة النظر جادّة ودقيقة وأن تشمل رسائل الماجستير والدكتوراه التي أعدّها الطلبة الخرّيجون من هذه الجامعات بصفة خاصّة، وأن يتحدّد الإصلاح المطلوب في ضوء نتائج هذه المراجعة.
التعليقات
مسافر (.) الخميس, 07/17/2014 - 09:49
يحب ان يكون هناك تقرير سنوي تقييمي يعده مجلس التعليم العالي حول الجامعات على كل الهدف عند الرؤساء السفر كل شهرين مرة
جامعاتنا ليست بحثية (.) الخميس, 07/17/2014 - 17:21
ما مبرر تعديل أنظمة الترقية في جامعة التكنو وفي هذا الوقت بالذات ؟ علما بأن الجامعة بحاجة للمزيد من أعضاء هيئة التدريس ، حيث أن الجميع مثقل بأعباء تدريسية لا تمكنه من إجراء الأبحاث التي تطلبها المجلات التي تم اعتمادها مؤخرا؟ لماذا الآن ؟ هل يسمح لمن صعد أن يغلق الباب في وجه زملائه؟ ولماذا لا يوجد مجلات معتمدة في الجامعة كما في الجامعات المرموقة؟
اضف تعليقك