TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
لقد رضي الله عن المؤمنين
27/06/2022 - 11:30am

رقية القضاة

القلوب التي فارقت مكة مرغمة يملؤها الحنين إليها ،والبشرى تملأ بيوت المدينة المنوّرة،انّ الرسول صلى الله عليه وسلّم أمر بالتجهّز للعمرة وذلك في شهر ذي القعدة سنة ست للهجرة ،والبدن تنساب في طريقها آملة أن تبلغ محلّها ،وقد ساقها المصطفى وصحبه متوجهين إلى بيت الله الحرام ،ولا يملأ القلوب إلّا حنينها ،ولا يتقد في الصدور إلا الإشتياق للبيت المحرّم ولا قصد في النفوس إلا اداء العبادة الحبيبة المرتقبة.
وهناك في مكة المكرمة عيون تترقب الطريق وآذان تتسمع أخبار محمد وحقد تتلظى به الصدور، وزعماء قريش يمكرون ألّا يدخلنّها محمد عليهم أبدا ،ويهرع منهم نفر يفاوضون رسول الله صلى الله عليه وسلم ،على عبادته ،وعلى زيارة بيت الله ،وفيهم بديل بن ورقاءمن بني خزاعه ،يسأل النبي عن مقصده فيجيب أنه لاينوي حربا بل عبادة وطوافا ،وتظل الرسل تباعا تحاول ثني المسلمين عن عمرتهم وينتدب الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان في سفارة لأولئك الذين يصدون عن المسجد الحرام ،ليبلغهم ما يريده رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ويصل عثمان مكة بعد طول نأي ،وتلوح له الكعبة المشرّفة ،فيجتاحه الحنين الجارف إليها ،وتعرض عليه قريش الطواف بها فيقول :ماكنت لأفعل حتى يطوف رسول الله
وتحبسه قريش عندها وتصل الاخبار للنبي وصحابته بان عثمان قد قتل ،فيبايع المسلمون رسولهم على الموت في سبيل الله ، ويضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بكفه بيعة عن عثمان ،فتظلّ بيعة الرّضوان آية تتلى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }وتظل بركات الرضى تظللهم وتتنسمها الأمة حتى آخر الزمان

ويتبين المسلمون أنّ عثمان مازال حيّا في مكة ،ويقدم رسل قريش مرّة أخرى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،وعلى رأسهم سهيل بن عمرو،،يصدونه عن البيت الحرام ،ويضربون له موعدا في العام القادم ،على ان يدخل مكة بالسيوف في أغمادها ،ويشترطون عليه ان يرجع عنهم عامه هذا ،ولم تدر قريش ويا ويح قريش ،لم تدر أن الحبيب المصطفى قد قال يومها وقد سمع بعنادهم ورفضهم : والله لا تسألني قريش اليوم خطة فيها صلة الرّحم إلّا أعطيتهم إيّاها } فأي امة سنكون لو أننا اتبعناك حق الاتباع يا رسول الله؟
وتكون المفاوضة ثم صلح الحديبية بما فيه من مظاهر الإجحاف بحق النبي وصحبه ،ويشتط الغضب لله بعمر في ذلك اليوم ،فيركض إلى الصدّيق سائلا ،يا أبا بكر اليس برسول الله ؟قال:بلى ،قاال:أو لسنا بالمسلمين ؟قال بلى ،قال :أو ليسوا بالمشركين قال :بلى،قال عمر :فعلام نعطي الدنية بديننا؟فقال الصدّيق :ياعمر الزم غرزة،فإنّي أشهد أنّه رسول الله،فقال عمر :وأنا أشهد أنه رسول الله،فيأتي عمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ،فيسأله ما سأل الصدّيق ،فيجيبه المصطفى الحليم الرحيم بأمته ،{أنا عبدالله ورسوله ،لن أخالف أمره ولن يضيّعني }
ويعمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هديه فينحر ويحلق ،وذلك حين رأى المسلمين يترددون في النحر والتحلل ،وتشير عليه أم سلمة بالمبادرة فيفعل ،ويتسابق المسلمون في النحر والتقصير ،وقد كظموا غيظهم ،واستسلموا لأمر ربهم وأطاعوا نبيهم ،واغاظوا الشيطان بطاعتهم ،فأي جيل كنتم أيها الأنقياء،
وتتم نعمة الله على المؤمنين ولا يترهم ربّهم اعمالهم ،ويسرّهم بآياته الطيبات ، إذلا تلبث آيات البشارة بالفتح القريب أن تتنزّل على القلب الطاهر لتحيا بها القلوب الطاهرات ،وقد قفل النبي عائدا مع اصحابه دون أداء العمرة وفي القلوب ما فيها من الحزن والانقياد لامر الله ،فينزل قول الله سبحانه وتعالى {إنّا فتحنا لك فتحا مبينا }فيقول صلى الله عليه وسلم :لقدأنزلت علي آية هي أحبّ إليّ من الدنيا جميعا
ولقد كان صلح الحديبية المجحف في ظاهره تمكينا وعزا ونصرا في حقيقته ،وفتحا قريبا
اللهمّ آتنا فتحا من عندك ،واعزنا بدينك وردنا إليك ردا جميلا

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)