TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
كورونا: رؤية فلسفية أخلاقية 
12/10/2021 - 10:15am

بقلم الأستاذة الدكتورة

منتهى الحراحشة 

جامعة آل البيت الأردنية 

معنى كورونا، بين فلسفة العلم وسؤال الأخلاق

إن دهشة العالم اليوم أمام اختبار وباء كرونا، شكل صدمة إنسانية في إعادة فهم واستيعاب سنن الكون وخباياه، ليس من حيث رحابته الشاسعة، وإنما في إعجاز ضآلة عوالمه المتوارية بين منطق فلسفة السؤال وما تعكسه من قصور العقل في استيعاب أدبيات ظواهر الوجود المعقدة، ليصبح اللاممكن جوابا عن سؤال الممكن، أمام جدلية تصادم معنى المعنى، أي معنى الغيب بمفهوم معنى حقيقة العلم، إذ يشكل الأول مصدر تنبؤ لفهم ما بعد الحياة، والثاني مصدر ارتياح لتطويع الحياة تبعا لسلطة العلم، هذا الأخير الذي سرعان ما انقلبت موازينه وتوقعاته لتحدث شرخا في نفسية الإنسان، عبر هاجس الخوف من الخوف، أي الخوف من موت السؤال القابع تحت أقفال العجز التي يلفها الغموض الجاثم على عقل البشري وتطلعاته المستقبلية، أملا في فسحة الانعتاق للبحث عن الحياة داخل الموت، وعن القيم في ظل غياب دور الإنسان، هذا ما منح مذاق الحياة طعم الانعكاس في فهم جوهر الوجود، جراء تعالي المادة على الروح، ليصبح الجسد مستنقعا وباء تندحر فيه القيم وتختمر فيه الموت، أمام غياب سؤال الأخلاق وحضور جواب الشك في معنى فناء العالم أو ما يعرف بقيام الساعة. إننا الآن نقف أمام منعطف جديد  ولحظة مصيرية نختبر فيهما انتظار ولادة العلم عبر إعادة استنبات صحوة الضميرالإنساني داخل العالم؛ حتى يتسنى لنا النجاح في إعادة قراءة العلوم الإنسانية من منطلق يؤطره علم الأخلاق، باعتباره ”علم القواعد التي تسير عليها إرادة المرء الكامل في أعماله ليصل للمثل الأعلى في الحياة”؛ ذلك أن الوضع الحالي يحتاج منطق الوعي بقدرة التوازنات الفكرية للعقل البشري بغية ترتيب فوضى نظامه الواقعي عبر سؤال الأخلاق للإجابة عن ثغرات العلم، قصد كبح جماح حركة الوباء، وسرعة تفشيه داخل عالم لا يقوى سوى على وضع الحواجز، وإعلان حالة الطوارئ في ظل غياب التواصل القائم على مبدأ فهم دور الإنسان في الحياة. فتحقيقنا للأمن الروحي والنفسي والاجتماعي.. رهين بشرط التكامل الأخلاقي رغم الاختلاف الثقافي والديني الذي تعيشه الشعوب، فكلنا نلتقي عند مفهوم الإنسانية، لكننا نختلف في طريقة الإجابة عن جوهر سؤالها الذي تجرد من فطريته ليتخذ معاني نفعية برغماتية رسختها معاني الاكتساب الذاتي وما خلقته من محط تجاذبات بين متضرر من وباء كرونا ومنتفع به على حساب الآخرين، وكلها تصرفات تختلف حسب التقسيم الأخلاقي للإنسان داخل جغرافية هذا العالم المتضرر، والمنقسم إلى قوى عظمى وأخرى دنيا، ليبقى السؤال المطروح، ما العلم بدون إنسان؟ ومن الإنسان بدون أخلاق؟ وما العلم بدون أخلاق؟

يرجى النشر

Sent from Yahoo Mail on Android

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)