TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
قيّم الجامعات وطيش الخريجين
29/06/2014 - 3:45am

طلبة نيوز-فايز الفايز

أعتقد أن على إدارات الجامعات والمدارس الخاصة مسؤولية كبيرة في إعادة إنتاج قيم إجتماعية أكثر رقيا وتحضرا تصقل بها طلابها نظريا وعمليا، وقبل ذلك عليها إصدار قرار بوقف حفلات تخريج آلاف الطلبة والإحتفاء فقط بالأوائل ليميزوا السمين من الغث ، ويدفع الجميع للتنافس العلمي، فتلك الحفلات تحولت الى بدعة سيئة للغاية انتقلت عدواها الى جميع البيوت فليقنعني شخص ما أن هذه ليست بذرة فوضوية غرست لتمنهج الفوضوية الشعبية التي نعيشها متوازية مع اللا مبالاة الرسمية في ظل ظروف اقتصادية مرهقة.
على وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم دعم قرار إيقاف هذه الحفلات والتي باتت ترهق المجتمع وتغري الشباب من الجنسين لاستسهال المخالفة والخروج عن حدود الأدب والإنضباط فهؤلاء نتمناهم جيلا جديدا يبنون ويراكمون الإنجاز لا أن يربوا جيلا أسوأ سلوكا ، وهذه الحفلات ترتب على الجامعات والمجتمع كلفا باهضة أمنّية ولوجستية وتعطلها لأيام، ومعلوماتي تؤكد أن أمهات الجامعات قد ناقشت إداراتها هذه المسألة وطرحت مبدأ إيقاف حفلات التخرج لوقف الهدر والمشاركة في دعم الفوضى في الشارع والمجتمع ، ولذلك يجب أن يناقش الأمر بجدية لاتخاذ قرار بهذا الشأن.
غالبية المواطنين يرون ويعانون من مواكب السيارات التي تجوب وتغلق شوارعنا بمناسبة تخريج طلاب الجامعات والمدارس الخاصة ، والتي تظهر مكامن التخلف المختبئة تحت الملابس الأنيقة وخلف الألقاب العلمية والتي تدفع بخريجي الجامعات وتجبرأهلهم وأصدقائهم ليندفعوا في شوارع المدن ضمن مواكب تغلق الطرقات وتزعج الناس بأصوات أبواق السيارات وتطلق الرصاص بكل تمرد ، فيحتلون الشارع الرئيس ويجبرون مئات السيارات للسير خلفهم ، والطامة الكبرى أن لا أحد يوقف هذه المظاهر الشاذة والمخالفة للقيم التربوية والحضارية فتخالف سيارة أوقفها صاحبها لدقائق وتترك مئات السيارات تغلق الشوارع
لا أحد يعارض الفرح ، ولكن الفرح له شروط أخلاقية ، أهمها أن لا تزعج الآخرين ولا تعتدي على حرياتهم ولا تعرض حياتهم للخطر ، ولكن لدينا حالات شاذة لا يمكن قبولها ، فالفرح يا سادة ليس بتخرج الولد أو البنت من الجامعة والمدرسة بل الفرح عندما تجد له عملا يدر عليه مالا كي يعيش ويبني أسرة ويشارك في بناء المجتمع ، فكيف نطلب النفع من شاب زرعنا بذور الإنحراف في سلوكه ودفعناه لتقبلها وهو يضحك ويهز خصره خارج نافذة السيارة أو يذهب للجامعة بسيارة لا يستطيع تعبئتها بالوقود أصلا.
الحريات الشخصية تحترم عندما لا تعتدي على الذوق العام أولا ، ولا تؤسس لبدع سيئة و لقيم إستهلاكية ترهق كاهل الأسرة و لمصاريف يحتاجها البيت والمجتمع، فلتنظروا لما يسمى بالخيم الرمضانية ،ورمضان بريء منها، فأي ضرورة لها وروادها أغلبهم شباب في عمر العطاء يضيعون وقتهم في السهر وتدخين الإرجيلة والإستماع للأغاني دون مراعاة لحرمة الشهرالفضيل الذي يشدد البعض على استغلاله لتفحيش سلوك الناس وإغرائهم بالإبتعاد عنه ، فيما بقية الأشهر لا خيم فيها ولا مخيمات عمل تطوعي وكل ذلك يتحمل إثمه كل من يسمح بذلك أو لا ينكره.
كان مجتمعنا مدرسة في الحياء والإحترام والقناعة و العون في أعمال الخير قبل أن تدخل علينا «مبيدات الفكر الحضاري» من خلال منتجات الفضائيات المنحطة ببرامجها أولا ثم تبعتها الإباحية التجارية التي سلّعت التعليم والقيّم والإنتماء والولاء والصداقة والأخوة ، حتى بات كل شيء له ثمن فحولنا الواقع الإستهلاكي الى أرقام تدمّر إنجازاتنا ولا زال يدمر ما تبقى لنا من أمل في إنتاج أجيال من الشباب الواعي والمكافح والمنتج والفاعل على الأرض والميدان لا كما نرى من شباب تائه لاذنب لهم بل المؤسسات التعليمية والأهل يتحملون وزرهم.
آخر مشهد محزن رصدته الخميس الماضي ، موكب لخريجين من عشرات السيارات باهضة الثمن يغلقون شارعا رئيسا خارج العاصمة قبيل الغروب ، ويمرون على حقول زرعت بالقمح المحصود يدويا فيما العائلات الفقيرة وأبناؤهم يجمعون الحصاد والقش ويملأون به عربات ثلاثة جرارات زراعية لتفرغها في بيدر قريب وأولادهم ينظرون الى «الموكب الحضاري» ، فقولوا لي من هو أحق بأن يهنأ: من يزرع ويطعمنا أم من يبدد ويحرمنا ، من يعلمنا درس الإنتاج أم من يعلمنا كيف نفلت من العقاب ؟!

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)