TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
قوة القانون أم قانون القوة
22/06/2020 - 11:00am

قوة القانون رمز للدولة المدنية الحديثة، سيادة القانون والرضا أو الانصياع لأحكامه هو الأساس الذي تنهض عليه الدولة قد يكون ثمة أخطاء في المسارات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية من السلطة التنفيذية أو التشريعية أو من بعض الأفراد لكن سلطة القضاء تبقى القوة الأقوى التي ينحني أمام أحكامها الجميع كما أنها الضامن الأقوى لبقاء الدولة ولمنع تحولها إلى عصابات تأكل بعضها بعضا.
حينما تتفرد القبيلة أو الدكتاتورية بالحكم يصبح القضاء تابعا يُوَجَّه بالأهواء تصريحاً أو تلميحا وهذا أسوأ أنواع القضاء فحينئذ يتحول إلى خادم فيه شركاء متشاكسون، قد يكون المجتمع قبليا وهذا ليس عيبا لكن خضوع أفراده لمسارات القضاء وأحكامه ضرورة وطنية مثلما أنها ضرورة قبلية ما دام الناس سواسية،  فانحراف فرد من القبيلة لا يعني انحراف القبيلة وإلا لبقينا ننشد مع دريد بن الصمة :
  وما أنا إلا من غزيةَ إن غوتْ
غويتُ وإن ترشدْ غزيةُ أرشدِ
إن الاستقواء بالقبيلة عددا وثقلا هو استقواء على الدولة التي جاهد في بنائها جميع الأردنيين فلا فضل لقبيلة على أخرى ولا لسمو قبيلة على أختها، فالشهداء كانوا من جميع القرى والقبائل وهم صخرة الوطن  وصوانه، وكل من خدم الوطن بنفسه أو بجهده كان شرفا قد تقلّده، ولم يكن كذلك بلا مقابل، لقد تلبستنا القبلية من أخمص بقعة في الوطن إلى أعلى ذروة فيه وقد نتجمل بالمدنية والوطنية لكننا في لحظات انكشاف الحقيقة نلجأ باسم العدالة المزيفة إلى القبيلة لنسند ظهورنا إليها قبل أن تلسعها سياط العدالة الحقيقية مُدَّرعين بكثرة الفساد والمفسدين بكلمات تقطر عصبية قد لاكها شخص واحد أو مجموعة والقبيلة منها براء في ظل معرفة الناس بعاقبة الظلم ونهايات الظالمين، فلا يوجد قبيلة تُحلل السرقة أو نهب المال العام أو أكل حقوق الآخرين أو التجاوز على بسطاء الناس بالتعيين أو غيره ، فالدين والأعراف والأخلاق بمجموعها عروق جسد القبيلة لا يمكن أن تتوافق مع الفاسدين والمفسدين.
إن من يستقوي بقوة اسم القبيلة انتفاخا عليه أن يراجع تاريخ قبائلنا التي لم تقف مع الظالمين بل كانت غوثا للمستضعفين، وأي استقواء على مؤسسات الدولة النزيهة التي تسعى في الأرض لكبح التجاوز والفساد هو تمرد على الحق ومعاونة للباطل، فمن كان لديه بينة أو بيان فليقلْه في أروقة القضاء وليس على قارعة منصات التواصل التي غدت سبلا للسخرية من كل من ينفّس عن غضبه باسم العشيرة وكأننا في زمن الجاهلية الجهلاء ، فالكبير هو من يحترم الآخرين ويقدر من يهدي إليه عيوبه، ويبسط يديه وملفاته وتاريخه في القضاء بحثا عن العدالة، ثم ليس كل من يتهم يكون بريئًا أو مُجَرَّمًا فلا حكم إلا حكم القضاء، فالحكم على الناس قبل حكم القضاء هو الظلم الذي يقود إلى الفتن .
أ. د. خليل الرفوع

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)