طلبة نيوز-

أن تحيا بلا أم يعني أن تشهد خروج الروح من جسدك في اليوم ثلاثين مرة.. أن تشعل حطبا في جو حارق دون أن تشعر بالدفء.. أن تحيا بنصف روح.. وقلب فارغ مهمش..
أيما طفل فقد أمه فعلى روحه السلام.. وأصبح جسده مضغة بالية، ولم تعد حياته تغن ولا تسمن من جوع الحب. . 

أراني طفلة في عمر الزهور.. فقدت أمها وتآكلت روح قلبها حتى باتت وحشا مفترسا ينهش قلبها مخلفا فيه فراغاً لا يمكن أن يمتلئ!! 
أراني طفلة لا تكبر.. طفلة احتبستها براءة الذكريات .. ولكن ماذا لو كبرت هذه الصغيرة وأعلنت تمردها على البشر!! وأطلقت العنان لفوضى المشاعر التي خلفها الزمن!! تلك الطفلة قتلت حين فقدت أمها، وقتلت حين رأت أمها ترتدي قماشا أبيضا نسج من روح تلك الطفلة، وقتلت حين ودعت أمها بصوت اختزنته الذاكرة يقول: "لا تبك يا صغيرتي!" .. ثم قتلت حين استيقظت دون أن ترى أمها بين أحلامها المبعثرة!! حينما تكبر ستعلن ثورتها على جموع الآلام الغفيرة وعلى الدموع الحارقة المستبدة، وستعلن انطلاقة الحرب على من وارى نصف روحها تحت الثرى.. و جعل قلبها وهنا ضعيفا؛ ارهقته قذارة البشر.. 
أعلم أن الأنا ستشعل في جوفها نار اللاحياة دون أم!!
أجزم أنها ترتضي العيش مشردة بلا مأوى والجوع ينهش جسدها الرقيق على أن تحيا دون أم.. 
أراني كبرت، كبرت ولا زال قلبي فارغاً محطما مهمشا يبحث عن أمه ليسقي روحها بنبضه.. ولا يزال يحلم بلحظة تجمع عليه شتات عقله.. وتعيده إلى وطنه حيث احتله الموت وحاصره الفراق و دمرته عبرات الشوق.. 
أراني كبرت ولا زلت أهاجر من قلب إلى آخر علني أجد وطنا آوي إليه.. 
نعم كبرت؛ و الأنا في جوفي مغتربة!!