TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عودة التعليم الوجاهي في الجامعات: تحديات و حلول
23/07/2021 - 6:00pm

مرت على جامعاتنا جائحة كورونا و ما تبعها من إغلاقات و إلغاء للتعليم الوجاهي بسلام، و الحمد لله. و قد كانت تجربة مريرة استفادت منها جامعاتنا حيث كشفت الجائحة مواطن الضعف في البنى التحتية و الخبرات العملية في التعامل مع التعليم والتدريب عن بعد و من خلال وسائل الإتصال الإلكترونية و غيرها مما تقدمه التكنولوجيا الحديثة في مجال الإتصال، خاصة تلك البرامج المتعلقة بالتدريس و التعلم online. فقد تعاملت جامعاتنا مع هذا الظرف الجديد بإيجابية، فوفرت ما كل يلزم من وسائل و تقنيات لاستمر العملية التدريسية، و كانت حريصة كل الحرص على أن لا يضيع شيئ على طلبتنا الأعزاء. أضف إلى ذلك أن جامعاتنا أدركت أهمية تطوير برامج التعليم المدمج و التعليم online و غيره من طرائق التعليم المستجدة، فكانت تجربة مفيدة على الرغم مما شابها من بعض السلبيات و الانتقادات من هنا و هناك.

و بما أننا على أبواب عودة التعليم الوجاهي كما كان في سابق عهده قبل الجائحة، و الكل، طلبة و أعضاء هيئة تدريس، ينتظر ذلك اليوم الذي نرى فيه جامعاتنا تعج بالطلبة و تمتلئ القاعات الدراسية و المختبرات و أروقة الجامعات بابنائنا الطلبة، فهل إدارات جامعاتنا على قدر المسؤولية فأعدوا الجامعات لاستقبال آلاف الطلبة، و هل مرافق الجامعات و البنى التحتية تم تطويرها و تجهيزها لعودة الحياة الطبيعية للجامعات؟

إن حديث المسؤولين في الجامعات و رسمهم صورة وردية لأوضاعها يجب أن لا يؤخذ كما هو، فغالبًا الحديث عن الإنجازات و الاستعدادات-و إن كل شيئ تمام سيدي-هو كلام سياسي يقصد به التلميع و تسويق الذات أكثر مما هو واقع ملموس.

و في هذا السياق فإنه لا بد أن نؤشر إلى بعض الأمور اللوجستية و أخذها بكثر من الاهتمام.

تتباهى جامعات العالم المرموقة بحرمها الجامعي و تبذل كل الجهود و تسخر الموارد لتقديم صورة بهية للجامعة. غير أن المتابع لمسيرة جامعاتنا في العقد الأخير يلاحظ أنها تحولت إلى كراج سيارات، فمع إزدياد أعداد الطلبة و الموظفين و الهيئة التدريسية فيها و عدم توفر وسائل نقل عامةً، تحولت جامعاتنا إلى مجمع سيارات، فكل موظف و مدرس وطالب يريد أن يصل إلى مكان عمله و يركن سيارته في أقرب مكان لمكتبه، و بما أن المساحة المتاحة للحرم الجامعي محدودة و لم تستغل بشكل مناسب، فقد بدأنا نرى تكدس السيارات و اصطفافها على جوانب الطرق و الممرات الداخلية في الحرم الجامعي مما يعكس صورة سلبية و غير حضارية عن جامعاتنا.

و للأسف لم تقوم إدارات الجامعات على التعامل مع الزيادة المضطردة للإعداد السيارت و المركبات، فهي لم تبني كراجات متعددة الأدوار و لم تضع آلية للتعامل مع هذه الظاهرة.

أضف الى ذلك أن توجه الجامعات لبناء وحدات الطاقة الشمسية قد قلص من المساحات المتاحة لاصطفاف السيارات، و هي قليلة في الأصل. هذا من ناحية، و من ناحية أخرى فإن القائمين على تركيب وحدات الطاقة الشمسية و الألواح الضرورية لها لم يراعوا جماليات الحرم الجامعي، فقد بنيت هذه الألواح على امتداد بعض شوارع الحرم الجامعي بطريقة لم تأخذ بعين الاعتبار جماليات المكان، فأنت لو زرت أي حرم جامعي في الدول المتقدمة لن تجد مثل هذه "الهياكل" التي بنيت على حساب جمالية المكان.

كنا نتمنى أن تقوم الإدارات الجامعية بوضع خطط مدروسة لاستيعاب أعداد السيارات المهول الذي يدخل الحرم الجامعي كل يوم، فبالإضافة إلى تلوث البيئة فإن وجود هكذا كم من السيارات يعطي انطباعًا أننا في حراج سيارات و ليس في مورد علم و معرفة.

إذا كانت الجامعة تمثل عقل الأمة فهل عجز هذا العقل عن إيجاد حلول ناجعة لاستيعاب السيارات و تنظيم السير في الحرم الجامعي؟

في الجامعات المرموقة، و منها جامعات الدول العربية في الخليج و السعودية، لا يجرؤ أحد أن يركن مركبته في مكان غير مخصص للاصطفاف، و في الجامعات الامريكيه يتم سحب السيارات المخالفة في الاصطفاف أو تثبيت عجلاتها حتى يأتي صاحبها و يدفع المخالفة عليها. أما في جامعاتنا فإن السائق يصطف في أي مكان، و لذلك تجد العشرات من السيارات قد تم اصطفافها على مسرب كامل غير مسموح به للاصطفاف مخالفا بذلك كل قوانين السير و أنظمة و تعليمات الجامعات المعنية بحجة انه لا يوجد أماكن اصطفاف.

إن مسؤولية الإدارات الجامعية توفير كراجات و أماكن اصطفاف في الحرم الجامعي أو حوله حتى يسهل على العاملين في الجامعات و الطلبة الوصول إلى اماكن عملهم و محاضراتهم.

من هذه الحلول مايلي:
١-تجهيز كراجات عامة و أماكن اصطفاف بدون مقابل في المساحات الخالية من الحرم الجامعي و توفير الحماية و التنظيم الازم لها. و إذا كانت هذه الكراجات بعيدة نوع ما عن مركز الجامعة و المجمعات التدريسية فيمكن تامين باص (shuttle) يتحرك بانتظام بين الفينة و الأخرى.

٢-بناء كراجات متعددة الأدوار و في أماكن قريبة من مركز الجامعة و القاعات الصفية، و لا ضير ان يكون الاصطفاف في هذه الكراجات مدفوع الاجرة على شكل اشتراكات شهرية أو سنوية تدفع لخزينة الجامعة. هذا التجهيز معمول به جزئيا في الجامعة الاردنية، و لكنه لا يكفي لاستيعاب الأعداد الهائلة لمركبات الطلبة التي تدخل الجامعة يوميًا.
كلنا نعرف أن الكراجات المتعددة الأدوار معمول بها في مدن مكتظة بالسكان و لا سبيل لاستيعاب المركبات فيها بدون توفير مثل هذه الخدمة.

٣-في كل دول العالم المتحضرة و جامعاتها فإن استخدام العجلة الهوائية (البسكليته) يعد من أهم وسائل التنقل الداخلي. فبالإضافة الى أنها رخيصة، فهي تحافظ على البيئة و نظافة الحرم الجامعي. و في حدود علمي إن معظم جامعاتنا مقامة على أرض منبسطة نسبيا، و هذا يجعل من استخدام العجلة الهوائية سهلا دون معاناة أو مشقة. هذا بالإضافة إلى ان قيادة الدراجة الهوائية رياضة و هو من مظاهر التحضر. كل ما علينا فعلة هو ان نتخلص من ثقافة العيب و البريستيج الفاضي. و في هذه الحالة لا بد من إنشاء البنى التحتية و الممرات المخصصة للدراجات الهوائية.

٤- ان تطبيق القوانين و بحزم خاصة تلك المتعلقة بتنظيم السير في الحرم الجامعي من شأنه ان ينعكس إيجابيا على الجامعة، و لا يتأتى ذلك دون فرض غرامات و عقوبات رادعة على من يخالف السير و الاصطفاف بشكلٍ مخالف في الحرم الجامعي.

٥- اذا كانت الجامعة لا تستطيع ان تدير شؤون السير في الحرم الجامعي و ليس لديها الخبرة الازمة لذك، فلا بد من إيجاد آلية قانونية لتنظيم السير و وضع التشريعات الناظمة له، و هنا نقترح التعاون مع القطاع الخاص أو الاستعانة بمديرية السير في الأمن العام لإجراء الازم.

و لتحقيق المقترحات الواردة في هذه المقالة و تنفيذها فإننا بحاجة إلى الإرادة السياسية و المبادرة في إتخاذ ما هو بناء و غير تقليدي و توفير الموارد المالية و البشرية المطلوبة لذلك.

لقد تحولت جامعاتنا إلى حراج سيارات و فوضى سير عارمة، و إذا لم تقوم الإدارات الجامعية بما يجب عليها فعله و إيجاد حلول لازدحام السيارات و تكدسها في شوارع الجامعة و في الأماكن الغير مخصصة للاصطفاف، فإننا قد نصل إلى يوم قد لا نجد فيه ممرات للمشاة في الحرم الجامعي.

أ. د. محمود الشتيوي الشرعه

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)