TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
عبدالرؤوف الروابده السياسي المُفكر .. والظاهرة السياسية التي يصعب تقليدها أو تكرارها*
14/01/2021 - 8:30pm

*المهندس سليم البطاينه !!!!!

جميعُنا يعرف ان المذكرات السياسية تمتاز بأنها تُتيحُ للقارىء التعرف على حكايات واقعية لم ترو من قبل ... يُكتشف من خلالها الشخصية الحقيقية لكاتبها .. وابرز المذكرات وأهمها هي التي تخرج من سياسيين ورجال دولة

لم يُمارس السياسة بالوراثة وبشكل أفقي فقد تدرج من أسرة بسيطة عاشت في الصريح حتى وصل إلى إعلى المناصب .... فهو يُعد من أحد أبرز المرجعيات السياسية التي لا يمكن تجاوزها في المشهد السياسي الاردني المُعاصر

فهو صاحب بديهة حاضرة دوماً ويُعد ظاهرة سياسية يصعب تقليدها أو تكرارها ومن الشخصيات القليلة التي جمعت بين السياسة والفكر ... ففي الحق يعلو صوته إلى عنان السماء وصمته أحياناً ما هو إلا الهدوء

قال عنه الملك أن عبدالرؤوف تحضره البديهة وصاحب نكتة طيبة أحياناً وموجعة أحياناً ... فلسانه حاد حين تكون الرياح في غير ما يشتهيه .... وهذا ما سمعته أنا شخصياً من جلالة الملك عن عبدالرؤوف أثناء أستقبال الملك لمرزوق الغانم رئيس مجلس الامة الكويتي عام ٢٠١٣ حينما كنت رئيساً للجنة الاخوة البرلمانية الاردنية الكويتية في مجلس النواب السابع عشر

كان عبدالرؤوف الروابده دوماً وفِي كل المحطات التاريخية التي عصفت بالبلاد في صف الوطن ... وكان لديه نظرة ثاقبة ومتبصرة في ما يجري ، ولطالما دعا الجميع في الاردن إلى ان يتناسوا خلافاتهم السياسية ويضعوها جانباً لأيمانه المُطلق أن النظام السياسي الاردني متسامح مرن يقبل الاخرين مهما كانت إنتماتهم

فعبد الرؤوف لم يحظر ذاته في عالم السياسة فقط فقد أستطاع أن يتكيف مع مختلف الوجوه في السياسة والثقافة والاجتماع والاقتصاد ...... فنشاطه السياسي لم يُفسر في يوم من الايام على انه مناكفة فهو معروف بجرأته الاستثنائية ويمتلك جرعة زائدة من نوستالحيا زمن العذرية الوطنية ... زمن الكبار والنُخب والرموز ... زمن لم يتغلغل فيه الفساد ولَم يسرِ في عروقه .... أيام كان لكل شيء قيم واخلاق .. قيم في الاختلاف وأخلاق في التخاطب ....... فعبدالرؤوف مع حفظ الالقاب لم يتقاعد وظل يتموضع في ظل النظام السياسي وكان يُمثل الاردني ببساطته وصدق ونقاء ضميره وصفاء نفسه وبياض يديه .. فلم يجيدُ فن التلون والمراوغة فشخصيته ليست كذلك فقد كان واضحاً لا ترده أية حواجز ويؤمن أن الخلاف في الرأي في عالم السياسة له آدابه ... وكان يُزعج الاخرين الذين أعتادوا ممارسة الغدر والطعن من الخلف

فعجيب كم لهذا الرجل من ذاكرة فهو يجهد نفسه كثيراً في البحث في ركام الذاكرة ... فهو يملك مخزوناً لا يستند إلى تجربة طويلة وحسب بل عمدتها ثقافة واسعة وقدرة على السرد .. فقد مضت معه السنون حاصدة في مشواره وهج ما أنجز ... فهو لا يزال يعيش بأفكاره ويرصد الاحداث بكل أمانة فتجربته هي نصف قرن من العلم والخبرة والعمق

فمن خلال مذكراته نرى انه لم يحتكر الحقيقة فقد أستطاع بأسلوبه وعمق رؤيته أن يجعلنا نعيش الذكريات .. فقد تحدث عن ابرز المراحل التي مرت بها الدولة بدءاً من الاستقلال وقبل ذلك .... فلا أذكر كما يذكر البعض على أن الروابده تعامل مع الوقائع بالقطاعي ... فالمُتتبع لمحظراته وكلماته بجميع المناسبات يكتشف أنه استخدم عبارات قوية وابرز ما يميزها هي المصادر المطلقة الدالة على زمانها ومكانها ... فمفرداته تتكرر وبعضها كملح الطعام يخالط كل مناسبة

فعبدالرؤوف هادىء فهو أقرب في حديثه وعلاقاته إلى حكماء الزمان ... فالاردنيين يذكرون الجاهة السياسية والعشائرية التي تمت بين الاردن واليمن والتي قادها الروابده الى اليمن بحضور الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح .. فخلال جلسة واحدة انهى ابا عصام أزمة سياسية وعشائرية وقضائية كبرى

فربما داهمني الوقت واطلت في الكتابة وكادت المساحة المخصصة لي تقترب من نهايتها رغم عدم دعوتي لحضور حفل الاشهار الذي تم ... لكنني أختم بالقول أن الاردن لن ينهض من أزماته إلا بوجود سياسيين ورجال دولة ..... فمنذُ زمن غاب رجال الدولة وتُرك الملعب للطارئين الذين تقدموا الصفوف

فكم نفتقد هذه الايام إلى رجال دولة يحاورون تحت سقف ثوابتنا الوطنية ويتنازلون لمصلحة الاردن ويخسرون لتربح الاردن

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)