TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
شهر رمضان ... إطلاله إيمان و إشراقه قرآن " 
03/05/2020 - 12:00am

الدكتور. محمد يوسف حسن بزبز
مدير مدرسة مرج الفرس الأساسية للبنين

قال تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ).  
ها هو شهر رمضان يطل كل عام إطلاله إيمان وإشراقه قرآن ، فتنشط النفوس الكريمة للعبادة، وتًقبل القلوب المؤمنة على الله صومًا خالصًا لوجهه الكريم. ها هو رمضان يطرق أبواب القلوب المؤمنة فيشرع بالدخول إليها لتعيش لحظات التذاكر في طاعة الله لتكون زاد في ميزان حسناتنا يوم القيامة. شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر رمضان شهر الصيام والذكر، شهر رمضان شهر التوبة والغفران والعتق من النار، شهر رمضان شهر العزة والكرامة، اللهم بلغنا رمضان. 
لقد كان من هدي الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، عندما ينصرم شهر رمضان أن يدعو في نصف العام التالي أن يقبل منهم شهر رمضان، ويدعون في النصف الثاني من العام أن يبلغهم شهر رمضان التالي. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يبشر أصحابه رضوان الله عليهم جميعًا بقدوم شهر رمضان، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أنه عليه الصلاة والسلام، قال : " قَد جَاءَكُمْ رَمَضَانُ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا ، فقد حُرِمَ". وأخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه في أول ليلة من شهر رمضان يبعث الله مناديًا يهتف بالخلق من السماء، أن " يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أدبر " ؛ فهل تلبي النداء. 
في كل عام يطل علينا شهر رمضان، ونحن نقول سنتوب، سنستغفر، سنغسل الذنب بالدمع، ومع كل إشراقه هلال نقول : هذا شهر رمضان، عزم آخر ، صدقٌ آخر ، وبناءٌ وعهدٌ جديد. كم هي حلوةٌ هذه الكلمات، لكن هل اكتملت، وإن لم تكتمل هذا الرمضان، متى إذن هي النهاية؟؟!! وبعد نهاية شهر رمضان يا ترى هل ستعودون إلى ما كنتم عليه وتقولون عندما يظهر الهلال مرة أخرى سأبدأ صفحة جديدة ... لا ... لا ... أيها الأحبة ؛ لا تقولون ذلك فهذه اللحظات التي نعيشها في شهر رمضان تمر كالبرق الخاطف ، يا ليتها تبقى فهي أساس زادنا في رحلتنا إلى الله، فقوموا، وألقوا بأنفسكم بين يديه ورحمته، ناديه بقلبك المنيب، وقولوا : يا رب ، يا رب ها أنا أعود إليك، وكل ذرة في كياني تسبح بحمدك. لقد أخبرنا ربنا تبارك وتعالى أن الصوم يغرس التقوى في القلوب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ، فهل نعرف طريق غرس الصيام التقوى في قلوبنا؟ ... كل الناس يغدو في أهدافٍ وآمال ورغباتٍ وأماني، ولكن أين الجادون؟ نعم ، أين الجادون؟ فكيف حالكم مع شهر رمضان، بل كيف حال الأمة؟ هل من وقفة صادقة للمحاسبة؟ وهل من وقوف جاد للتأمل؟ وما هي مراسم الاستقبال؟ ... إن في الأمة تعساء يستقبلونه على أنه شهر: جوعٍ نهارً وشبعٍ ليل، نومٌ في الفراش إلى ما بعد العصر، وسمرٌ في الليل إلى الفجر، تراهم ذئابًا في الليل، جيفًا في النهار، جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات وقنوات وتتبع لشهوات، إنهم يقتلون شهر رمضان ويفسدون حلاوته وطعمه. فها هو رمضان يفتح أبوابه لكم، فقدموا ما يقيكم من الأهوال العظام، فإن العمر قصير، والأجل سريع، والزاد قليل، والعذاب طويل . ولا أقول لكم إلا أن تشتروا أنفسكم فالسوق قائمٌ والثمن موجود. ومن العبادات التي نحييها خلال شهر رمضان وما بعد شهر رمضان : ( الصلاة، تلاوة القرآن الكريم، العلم ، الأذكار، إحياء الليل، ليلة القدر، الصدقة ... ). 
أيها الأحبة ... إني أهيب بكم أن تكونوا الأسوة والقدوة من حيث القيام بالواجبات تجاه ديننا وأمتنا، فلا يمنعنا الصيام والقيام من أداء واجباتنا المطلوبة منا. ولا أظن أننا بحاجة في هذا الجو الإيماني الرفيع إلى التذكير بحرمة هذا الشهر المبارك، وتوبيخ من تسول له نفسه بالإعلان بالفطر فيه، وهتك حرمته، فإنه لا مكان له بيننا من الذين يسخرون بدين الأمة ويستهترون بقيمها ومبادئها، ونحن عن أمثالهم أغنياء، ومن لم يؤدبه القرآن فقد رضي بالحزم مؤدبًا.
أقول لي ولكم ولكل مقصر مع ربه : 
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجبٍ *** حتى عصى ربهُ في شهر شعبان
لقد أظلك شهرُ الصبر بعدهما *** فلا تجعلنه أيضًا شهر عصيان 
واتلُ الكتاب وسبح فيه مجتهدًا *** فإنه شهرُ تسبيحٍ وقرآن 
وأخيرًا ... يقول الله تعالى في الحديث القدسي : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به " ، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم خالص الطاعة وأصدق العبادة ، وأن يجعلنا من الذين يفرحون بفطرهم عندما يفطرون، كما يفرحون بصومهم عندما يلقون ربهم... إنه سميع مجيب الدعاء. 
وكل رمضان وأنتم من الرحمن أقرب... 

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)