TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
شرف الوقوف بين يدي الله تعالى
23/10/2020 - 1:00pm

الحمد لله الذي أسبل علينا نعمه وكان أعظمها نعمه الدينية ، والصلاة والسلام على من دلنا على كل خير ، وبعد /

فأشرف موقف يقفه الإنسانُ في الدنيا هو وقوفه بين يدي الله في الصلاة ، وهو موقف شريفٌ عظيمٌ ينبغي للمصلي أن يستشعره وهو يؤدي هذه العبادة ليشعر معها بالأنس ، وليجد ما يجده الصالحون فيها قبلنا من الراحة والطمأنينة .

إنّ أعظم النعم والهبات - ياعبدالله - أن تعرف ربك ، وأن تتشرف بالوقوف بين يدي الله ولولا فضله ورحمته ما أذن لأحد أن يقف بين يديه ، ولأنّ نبينا صلى الله عليه وسلم كان مستحضراً هذا الشرف صارت الصلاة قرة عينه .
وإذا كان المرءُ يفخر إذا دخل على شريف من شرفاء الدنيا ولو لمرة واحدة في دنياه ، فكيف لا نفرح ونشعر بالفخر وقد أذن اللهُ لنا أن نقف بين يديه خمس مرات كل يوم في الفريضة فقط غير ما يقفه الموفقون في صلاة النافلة ، ولذا ينبغي أن يعي المقصّر في الصلاة أنّه قد حُرم هذا الشرف ، وأبُعد عن موطن الرحمة هذا ، فليتدارك أمره قبل حلول أجله .

الوقوف بين يدي تعني الخلوة بالله تعالى ، والاستمتاع بلذيذ مناجاته ، والتقرّب إليه بالتذلل له الذي هو في حقيقته أعظم الشرف وأرفع المنازل للعبد .

وإذا تأمّل المصلي هيئات صلاته ومايقوله فيها أعانته على حضور قلبه ، والشعور بهذا الشرف .

تأمّل أدعية الاستفتاح تجدها مليئة بالثناء على الله ، والتضرع بطلب المغفرة .
وتأمّل في هيئة الوقوف لترى الأدب الجمّ بين يدي الله ، ولذا لمّا سُئل الإمامُ أحمد - رحمه الله - عن الحكمة من وضع اليدين على الصدر في الصلاة ، قال : هو أدبٌ بين يدي الله .
وإذا شرع المصلي بالفاتحة والسور والآيات بعدها شعر بالشرف وهو يقرأ كلام الله وقد مـكّنه من تلاوة كتابه ويسرها لك فلولا تيسير الله ماقرأه أحد .

ويركع المصلي في هيئة شريفة يظهر معها الخضوع والتذلل بين يدي الله ، ولذا أنف الكفّار وتكبروا عن الركوع له ، كما قال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ ) فالراكع في هيئة شريفة بين يدي خالقه ، ولذا أوصي نفسك وإيّاك بإطالة هذا الركن مستشعراً المنّة ، ومستحضراً التعظيم لله وتلذذ ب ( سبحان ربي العظيم ) ومُدها واستحضر معناه وأنت تناجي بها ربك .

وهكذا في السجود يتشرف المصلي بوضع جبهته لرب السماء ، الخالق الفاطر ، المنعم المتفضّل ، ولو استحضرنا هذا الشرف في هذا الركن لمَا رفع أحدٌ منّا رأسه ، ولأطال المصلي السجود ، كيف وهو أقرب موطن للعبد لربه في دنياه ، ومن أرجى المواطن إجابة ، وهي الهيئة التي يدعو الشيطان فيها على نفسه عندما يرى ابن يفعلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا قرَأ ابنُ آدَمَ السَّجدةَ فسجَد اعتزَل الشَّيطانُ يبكي ويقولُ : يا ويلَه أُمِر ابنُ آدَمَ بالسُّجودِ فسجَد فله الجنَّةُ ، وأُمِرْتُ بالسُّجودِ فأبَيْتُ فلِيَ النَّارُ ) رواه مسلم .
فاستحضر هذا العطاء من الرحمن لك ، وذاك الشرف ، وهذا السبيل للنجاة وأنت في هذه الهيئة الشريفة .

وكذا وأنت في هيئة الجلوس بين السجدتين أو في التشهد استحضر شرف الجلوس بين يدي ملك الملوك ، الرب العزيز الكريم الرحيم تدعوه وتناجيه وتصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم في هيئة شريفة ومناجاة لطيفة تملأ معها السعادة قلبك ، وتتحقق بها مطالبك ، وتُستجاب فيها دعواتك .
فهذا جانب من جوانب العظمة في الصلاة - التي لا منتهى لعظمتها - أردتُ بها تذكير نفسي وإخواني لنسعد في صلاتنا ، ونتذكر عظيم هذا الشرف ونحن واقفون بين يدي ربنا ؛ فاللهم كما شرفتنا في الوقوف بين يديك في الدنيا شرفنا بسماع لذيذ خطابك يوم اللقاء بك في الآخرة .
اللهم آمين .

كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
١٤٤٢/٣/٣

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)