TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رُؤَساء جامعَات راحلون ورؤسَاء قادمون : ما الجديد؟
27/05/2023 - 12:15pm

طلبة نيوز- أ. د . خليل شِحادة القطاوْنة

شغل قَرَار مَجلِس التَّعْليم العالي اَلأخِير المتضمِّن إِعفَاء ثَلَاث رُؤَساء جامعَات أُردُنية رَسمِية بال الأرْدنِّيِّين على مَدَار الأسْبوع الماضي وِسيستْمر انشغالهم بتبعات القرار أسابيع وربما شهور، وأرْبك العمل فِي الجامعات الثَّلاثة إِلى حدِّ كبير ، وَنَال جدلا ونقاشًا واسعَيْنِ مِن جميع الأطْياف المجتعية لَا سِيَّما الجسْم الأكاديميُّ المتأثِّر بِالْقرار بِشَكل مُبَاشِر.
هذَا الانْشغال لَم يَأْت مِن فَرَاغ ! لَقد مسَّ قَرَار الإعْفاء ثَلَاث جامعَات رَسمِية فِيهَا مَا لَا يَقِل عن 50 أَلْف نَسمَة بَيْن عَامِل وطالب فِي فَترَة حَرجَة جِدًّا هِي فَترَة مَا قَبْل الامْتحانات. ومًا بَيْن مُؤيِّد ومعارض اِحتدَم الجدل والنِّقاش والتَّعْليقات وظهرتْ آراء الإصْلاح وآراء اِسْتثْمار اَلفُرص المتاحة لِمَلء الشَّواغر. وقد زاد َهذَا السِّيَاق بِرأْيي مِن حِدَّة النِّقَاش والْجَدل حَوْل قَرَار الإعْفاء .
طبْعًا ، أنَا مَوقفِي وَاضِح مِنْ قرار الإعفاء ، فأنا مؤيد بِقوَّة لِلْقرَار ، ومتفَهِّم لِلسِّيَاق اَلذِي جاء بِه ، وقد طالبتْ مُبَكرا لتحريك حَالَة اَلجُمود اَلتِي سَادَت طويلا فِي بَعْض الجامعات اَلتِي مَسهَا الإعْفاء.
أَمَّا وقد أتخذ قَرَار الإعْفاء قَبْل أُسبُوع تقْريبًا وَبَادرَت مَجالِس الأمناء بتفْوِيض أحد النواب بِمهامِّ الرُّؤساء المعْفييْنِ ، فالسُّؤال المطْروح الآن : مَا الحالة الرَّاهنة لِلْجامعات اَلتِي مَسهَا قَرَار الإعْفاء، وكيف ينظر الناس والمجتمع الجامعي الأردني للفترة الانتقالية وما يليها لحين تعيين رؤساء جدد ؟
في الواقع ، تَسُود فِي تِلْك الجامعات المعْنيَّة حَالَة مِن الانْتظار والتَّرقُّب وعدم اَلثقَة فِي تَعيِين رُؤَساء جَدَّد بدلا مِن زُملائهم المعْفييْنِ . وتتراوح الحالة الرَّاهنة لِلْجامعات بَيْن تَسيِير لِلْأعْمال الرُّوتينيَّة جِدًّا مِن لَدُن الإدارات المفوَّضة وَالتِي تُعتَبَر مَشمُولة حُكْمًا بِحالة الإعْفاء ( فما انطبق على رئيسها الذي شكلها ينطبق عليها حكما) وتدخُّل خَجُول لِمجالس أُمَناء الجامعات المعْنيَّة ( نظرًا لِمحْدوديَّة صلاحيَّات مَجالِس الأمناء حسب قَانُون التَّعْليم العالي والْأنْظمة ذات العلاقة ) . وَهِي حَالَة طَبيعِية لَولَا مَوضِع الشَّكِّيَّة وَعدَم اَلثقَة اَلتِي تَنْتاب النَّاس فِي جَدوَى تَعيِين رُؤَساء جَدَّد دُون مَعايِير مُعلَنَة وَشَفافَة ودون مسابقة مَفتُوحة لِمَلء الشَّواغر تَتَفادَى تَأثِير الواسطات الوازنة والضُّغوطات المجْتمعيَّة والْأهْواء الفرْديَّة والْمصالح الشِّلليَّة .
فحسْب بعض الاِسْتطْلاعات النوعية ، الأكاديميُّون مِثْل الدَّهْماء يعْتقدون أنَّ الواسطة والْمحْسوبيَّة هِي اَلتِي ستَحسِم مَوضُوع تَعيِين الرُّؤساء الجدد . وعنْدَمَا تَتَعمَّق مَعهُم بِالنِّقاش ، يُقدِّمون أسباب وجيهه مثل : عدم إِعلَان مَجلِس التَّعْليم العالي عن مَعايِير وَاضِحة لِاخْتيار رؤساء للجامعات الحكوميَّة ، وَفِي حال وُجُود بَعْض المعايير ( غَيْر اَلمُتفق عليْهَا ) عادة ما يَتِم تجاوزهَا دُون رقيب ولَا حسيب ، وَعدَم الدعوة لمُسَابقَة مَفتُوحة لِاخْتيار رُؤَساء جامعَات أَكفِياء ، وَعدَم قُدرَة مَجالِس الأمناء على مُمَارسَة دوْرهَا فِي تَرشِيح رُؤَساء نظرًا لِعَدم اِنسِجام تِلْك المجالس فِي التَّأْليف والْعَمل ، وتسلِّط بَعْض رُؤسائهَا ، وَعدَم اِهتِمام بَعْض أعْضائهَا ، وَعدَم مَعرِفة البعْض الآخر بِالشَّأْن الجامعيِّ والْأكاديميِّ ، ومحْدوديَّة صلاحيَّاتهَا فِي جَمْع المعْلومات وَعدَم تَوفُّر طُرُق لِجَمع البيانات الدَّقيقة والصَّحيحة مِن دَاخِل الجامعات اَلتِي تُشْرِف عليْهَا تِلْك المجالس . . . إِلخ .
فمَا زَالَت بَعْض مجالس الأمناء تَعتَمِد على أَسالِيب بُدائِيَّة لِلْغاية فِي جَمْع البيانات وتَعتَمِد على شَخْص أو اِثْنيْنِ فِي اِسْتقْطاب المعْلومات وبأساليب بُدائِيَّة جِدًّا وتلتقي بعدد محدود جدا من الجسم الجامعي وتستمع لِمن تيسر من نَفس اَلفرِيق اَلذِي عَمِل مع اَلرئِيس اَلمُعفى . مَاذَا عساهم يقولون ؟ وأيَّ معْلومات يُمْكِن اَلحُصول عليْهَا بِهَذه الطَّريقة دُون بيانَات سَلِيمَة وَدَقيقَة ومناسبة لِلْموْقف .
وَمُجمَل القوْل ، النَّاس تَعتَقِد أنَّ الوضْع سَيكُون مِن السيء لِلْأسْوأ مِنْه فِي مَسْأَلة تَرشِيح وَتعيِين رُؤَساء جَدَّد مَا لَم تُغيِّر المجالس المعْنيَّة مِن طَرِيقَة عملهَا . فالْمطْلوب مِن مَجالِس أُمَناء تِلْك الجامعات فَتْح مُسَابقَة مَفتُوحة ، ووضْع مَعايِير وَاضِحة تُنَاسِب كُلَّ جَامِعة على حِدَّة ، وَنَشرهَا ، واسْتقْطاب شخْصيَّات وَازِنة لِلتَّرْشيح وفْقًا لَهَا ، واتِّبَاع إِجْراءات صَارِمة وَعادِلة فِي التَّرْشيح ، كمَا يَطلُب مِن مَجلِس التَّعْليم العالي أن يَحتَرِم ترْشيحات مَجالِس الأمناء ، ويواصل عَمَليَّة الاخْتيار بِمنْهجيَّة وَاضِحة ، وإجْراءات صَارِمة ، وُصولا لِلرُّؤساء الأنْسب والْأقْدر حسب مُعطيَات التَّرْشيح والتَّعْيين المعْلنة والْمتَّبعة بِعدالة وَشَفافَة .
وخلاف ذَلِك ، سنحْكم على جامعاتنَا ومؤسَّساتنَا الوطنيَّة بِمزيد مِن الشَّكِّيَّة وَعدَم اَلثقَة بَيْن الجسْم الجامعيِّ والْمجالس المشْرفة والْحاكمة ، والْمزيد اَلمزِيد مِن اَلْفَوضى وَعدَم الجدِّيَّة والتَّراجع والْهَدْر فِي اَلْمال والْجهْد لَا قَدْر اَللَّه !
وخلاصة القوْل ، أنَّ حَالَة الجدل اَلتِي أَعقَبت قَرَار إِعفَاء ثَلاثَة رُؤَساء جامعَات أُردُنية رَسمِية ، وَحالَة الانْتظار والتَّرقُّب اَلتِي تَسُود تِلْك الجامعات حاليًّا ، تَنتَظِر مِن المجالس الحاكمة ( الأمناء والتَّعْليم العالي ) التَّخَلِّي عن حَالَة التَّرَدُّد والْمنْهجيَّات القديمة اَلتِي شابهَا كثير مِن اَلعُيوب والنَّواقص ، والذَّهاب دُون تَردَّد نَحْو تَكرِيس مَنهجِية اِختِيار رُؤَساء جامعَات رَسمِية وَاضِحة ذات مَعايِير صَارِمة مُتفَق عليْهَا تُطمْئِن اَلجمِيع وَتأتِي بِقيادات جَامعِية مناسبة بعيدًا عن المحْسوبيَّات والْواسطات اَلتِي أضاعتْ فُرَص الإصْلاح والتَّقدُّم والازْدهار على جامعاتنَا الرَّسْميَّة بِرمَّتِهَا خلال العقود الماضية.

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)