طلبة نيوز-

د. مفضي المومني
إصلاح النظام التعليمي و التعليم العالي مطلب لم يعد يحتمل التأجيل او الترحيل، أو دفن الرؤوس في الرمال، القضية مطلب وطني وبعد استراتيجي فإذا أصلحت نظامك التعليمي أصلحت كل شيء، ومع ذلك تتم الأمور على استحياء مقرون بالارتجال أحيانا وأحيانا أخرى لا يستند إلى دراسات تحليلية تعكس الواقع وأحيانا تأتي على شكل فزعات لوزير قرر أن يفعل شيئا أو يرضي جهة ما وأحيانا أخرى تأتي الأمور محكومة بمصلحة هنا او مصلحة هناك، ولان التغيير في الحالات السابقة السلبي منه أصبح منهجا للبعض، فقد افقد ذلك الثقة بقرارات الإصلاح وأصبحت دائما تواجه بفئة من المعارضين أو المناكفين، وليس أدل على ما أوردت توجه الوزير السابق لخفض معدلات القبول لمصلحة الجامعات الخاصة وقد كتبت عن ذلك في حينه وانه سيكون رصاصة الرحمة الأخيرة على التعليم التقني.
أما القرار الأخير برفع معدلات القبول 5 علامات لكل من الجامعات الحكومية والخاصة فسأناقشه من خلال النقاط التالية موضحا ايجابياته والملاحظات عليه ومركزا على ما يخص التعليم التقني:
1- القرار لن يكون شعبيا بأي حال ونحن مجتمع يقدس الشهادة الجامعية لذاتها ولدينا إصرار مبيت ومع سبق الإصرار والترصد لإدخال أبنائنا الجامعات بأي ثمن كان وبأي تخصص كان وبأي معدل كان.
2- القرار لن يرضي الجامعات الخاصة الربحية مع أن تراخيصها أنها غير ربحيه ، وأخشى أن لا يصمد طويلا أمام ضغوط رأس المال والداعمين له في الوزارة الحالية وربما إذا تغير الوزير واتانا وزير من القطاع الخاص.
3- التوقيت قد لا يكون مناسبا لان هذه التغييرات في معدلات القبول لها ما لها وعليها ما عليها اجتماعيا وكذلك التغيرات التي طرأت على تنظيم امتحان التوجيهي والتي أدت إلى تدني علامات الطلبة بنسب كبيرة عن السنوات السابقة ، فأصبح رفع معدلات القبول مضاعفا على الطلبة جزء ساهمت به وزارة التربية والجزء الآخر قرار مجلس التعليم العالي رفع معدلات القبول وكما يقول المثل العامي(ضربتين بالرأس بيوجعن).
4- رفع معدلات القبول الجامعي يساهم في توجيه أصحاب المعدلات الأقل من 70 و65 حسب المعدلات الجديدة للذهاب إلى التعليم التقني المطلوب حاليا والذي يجب التركيز عليه وتعزيزه.
5- رفع معدلات القبول لن يكون العصا السحرية ولا الحل الوحيد لتعزيز ودعم التعليم التقني لان جامعة البلقاء تتحمل كلفة التعليم التقني كاملا دون أي دعم حكومي ولا تستطيع التوسع في التعليم التقني لاستيعاب التدفق والزيادة المنتظرة في القبول فيه نتيجة تخفيض معدلات القبول الجامعي، لذا فعلى كل المتباكين على التعليم التقني وهم كثر هذه الأيام وللأسف غالبيتهم لا يعرفون عن التعليم التقني إلا اسمه ، عليهم أن يناشدوا و بأعلى الصوت والطلب من الحكومة وكذلك مجلس التعليم العالي توفير دعم مادي مناسب لجامعة البلقاء للتوسع وتطوير التعليم التقني فيها.
6- مع دعمنا وتحفظنا بذات الوقت للقرار إلا أن المطلوب هو استراتيجيات مدروسة للنظام التعليمي لمراحل زمنية همها الأول الوطن والمواطن، يتم تنفيذها وتقييمها والبناء عليها في إطار مؤسسي، والابتعاد تماما عن سياسة الفزعات والحلول المجتزئة والقرارات الفردية أو المصلحية وذر الرماد في العيون، لأننا جربنا كل هذا ومارسته الجهات الحكومية كثيرا، ولذلك ما زلنا (مكانك سر) لا تغيير لا نتائج ملموسة، منحنى النكوص والتردي في ازدياد ونكثر من الكلام والتنظير دون عمل!
7- من الملاحظ أن النظام التعليمي بمراحله المدرسي والجامعي المتوسط والتعليم التقني منه وكذلك التعليم الجامعي يفتقد لسياسات تشاركيه تضبط إيقاعه وتخطط للتكامل بين عناصر النظام التعليمي من حيث الكم والنوع، فنرى أن كل مستوى من النظام التعليمي يعمل بمفرده ولا يوجد سياسات تسخر التنسيق والتكامل بينه وبين غيره، واقترح هنا أن تنتبه اللجنة الملكية لتنمية الموارد البشرية التي شكلت منذ قترة التأسيس لإستراتيجية تضبط التكامل بين عناصر النظام التعليمي.
8- في خضم الدعوة لتطوير ودعم التعليم التقني والمهني يبرز سؤال للحكومة ووزارة العمل، ما فائدة أن نخرج آلاف الخريجين المهنيين والتقنيين والحكومة غير قادرة على حمايتهم وتوفير فرص العمل لهم أمام منافسة غير متكافئة أنتجتها الهجرات المتعاقبة على الأردن، فالوافد يرضى بالقليل والذي لا يناسب الأردني ومعيشته، وصاحب العمل يهمه الربح، لماذا في بلد مثل لبنان هنالك 86 مهنة مغلقة على الوافدين ومحددة فقط للبنانيين، لماذا لا تقوم الحكومة بتفعيل سياسات إغلاق المهن وتحديدها للأردنيين فقط بدلا من مطاردات الشرطة للوافدين الغير مجدية؟
أخيرا نتمنى على مجلس التعليم العالي أن يرتكز إلى استراتيجيات وعمل مؤسسي في إدارة ملف التعليم العالي وإصلاحه، ونتمنى أن لا يتأخر كثيرا، فالوضع لم يعد يحتمل، فما يمكن إصلاحه الآن قد لا نستطيع فعل شيء له في المستقبل القريب إذا استمرائنا غض الطرف وترحيل الأزمات، القضية جد مهمة وتحتاج للكثير مما أوردته وأورده غيري وان لا ندخل بملهاة رفع معدلات القبول ونغض الطرف عن بقية الأمور. .....حمى الله الأردن.