TLB News (طلبة نيوز للإعلام الحر)
رسالة الأمة الإسلامية
06/03/2014 - 12:30am

طلبة نيوز-ابراهيم ارشيد النوايسة

إنَّ شريعة الإسلام هي شريعةُ الرَّحمة للعالَمين، وهي شِرعة العدل والسَّماحة في كلِّ الميادين؛ من أجل ذلك لم يكن عجيبًا أن تجدَ هذه الشريعةَ تأتي في مسائل القتال والجهاد بقواعدَ أخلاقيَّة، ومبادئَ أدبيَّة لا يملك أيُّ مُنصِف إلاَّ أن يعبِّر عن شدة احترامه وإجلاله لهذه الشريعة، والجزم بأنَّه لا يمكن لكلِّ ذاك المكنون الأخلاقي إلاَّ أن ينبثق من نور الوحي الإلهي.

ومن هذه القواعد الأخلاقيَّة العظيمة قاعدة: "عدم قتال مَن لم يُقاتِل"، وهي تابعةٌ في الأساس لقاعدةٍ عُظمى؛ وهي قاعدة تحريم الاعتداء على الآخرين بغير حقٍّ، أو التَّعدِّي على الأبرياء بغير ذنب اقترفوه.
فلم تنشر الرسالة الإسلامية على حد زعم المستشرقين بالسيف والرمح، إنما نُشرت رسالة الإسلام على يد زعيمها محمد ابن عبد الله بالأخلاق والقيم والتعاليم الإسلامية السمحة.
ومن وصايا أبي بكر لأمراء الجُند: "لا تقتلوا امرأةً، ولا صبيًّا، ولا كبيرًا هَرمًا، ولا تقطعوا شجَرًا مُثمرًا، ولا تُخرِّبُنَّ عامرًا، ولا تَعقرنَّ شاةً ولا بعيرًا إلاَّ لمأكلة، ولا تُغرقُنَّ نخلًا ولا تحرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبُن"
وكان أفضل الصلاة عليه وسلم رحيماً فعند ذهابه إلى الطائف لدعوتهم إلى الإسلام رفض المشركين ذلك بل أمروا صبيانهم برجمه بالحجارة حتى أدميت قدماه الشريفتين وكسرت رباعيته ،
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم
هل أتى عليك يوم كان اشد من يوم أحد ؟ قال :
" لقد لقيتُ من قومكِ وكان أشدَّ ما لقيتُه منهم يوم العقبة إذ عرضتُ نفسي على ابن عَبَدِ ياليلَ
بنِ عبدِ كُلالٍ فلم يُجبني إلى ما أردتُ فانطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي فلم أستفق إلا وأنا
بقرن الثعالب فرفعتُ رأسي وإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتني فنظرتُ فإذا فيها جبريلُ عليه السلام
فناداني فقال : إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك وقد بعث إليك ملكَ الجبال
لتأمُرَه بما شئتَ فيهم !فناداني ملك الجبال , فسلم علي , ثم قال :يامحمد , إن الله قد سمع قول قومك
لك , وأنا ملَك الجبال وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك , فما شئتَ ؟ إن شئت أطْبَقْتُ عليهم الأخشبين
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرِجَ الله من أصلابهم مَنْ يعبد الله وحده
لا يُشرك به شيئا " متفق عليه
الأخشبان : الجبلان المحيطان بمكة
والأخشب : هو الجبل الغليظ الحديث رواه البخاري في بدء الخلق ( باب ذكر الملائكة)
حاولوا في مِصر وفي سوريا وفي كل مكان تشويه صورة الحركة الإسلامية ، ودعوهم بالمتطرفين وهاجموهم عبر وسائل الأعلام الرسمية المأجورة لحفنة من أصحاب النفوذ والسلطان ، فأصبحت وسائل إعلامهم هابطة رديئة ماجنة لا تعرض إلا الراقصات والأفلام التي تدعوا إلى الرذيلة ، والابتعاد عن أهداب الفضيلة ، بل تتدعي الدين والإسلام وهي بعيدة كل البعد عن تعاليمه ومبادئه السمحة.
إن ما نراه اليوم من ثورات قامت على أساس إحقاق الحق لن تزل ولم تزول إلى كما شاء الله وقدر لها فدولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة ولكن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا في كتابه الكريم ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/ 155 – 157
فيخبر سبحانه أنه لا بد أن يبتلي عباده بالمحن ، ليتبين الصادق من الكاذب ، والجازع من الصابر ، وهذه سنته تعالى في عباده ، كما قال سبحانه : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد/ 31 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) [الملك/ 2
فتارة بالسراء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ؛ فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ، قال تعالى : ( بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ) أي : بقليل من ذلك ؛ لأنه لو ابتلاهم بالخوف كله ، أو الجوع ، لهلكوا ، والمحن تمحص لا تهلك .
( وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ ) أي : ويبتليهم أيضا بذهاب بعض أموالهم ، وهذا يشمل جميع النقص المعتري للأموال من جوائح سماوية ، وغرق ، وضياع ، وأخذ الظلمة للأموال من الملوك الظلمة ، وقطاع الطريق وغير ذلك .
( وَالأنْفُسِ ) أي : ذهاب الأحباب من الأولاد ، والأقارب ، والأصحاب ، ومن أنواع الأمراض في بدن العبد ، أو بدن من يحبه ، ( وَالثَّمَرَاتِ ) أي : الحبوب وثمار النخيل والأشجار كلها والخضر ، ببرد ، أو حرق ، أو آفة سماوية من جراد ونحوه .
فهذه الأمور، لا بد أن تقع ، لأن العليم الخبير أخبر بها ، فإذا وقعت انقسم الناس قسمين : جازعين وصابرين ، فالجازع ، حصلت له المصيبتان ، فوات المحبوب بحصول هذه المصيبة ، وفوات ما هو أعظم منها ، وهو الأجر بامتثال أمر الله بالصبر ، فرجع بالخسارة والحرمان ، ونقص ما معه من الإيمان ، وفاته الصبر والرضا والشكران ، وحصل له السخط الدال على شدة النقصان .
وأما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب ، فحبس نفسه عن التسخط قولا وفعلا ، واحتسب أجرها عند الله ، وعلم أن ما يدركه من الأجر بصبره أعظم من المصيبة التي حصلت له ، فهذا قد صارت المصيبة نعمة في حقه ، فلهذا قال تعالى : ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) أي : بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب .

اضف تعليقك

Plain text

  • No HTML tags allowed.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Lines and paragraphs break automatically.
Image CAPTCHA
أدخل الحروف التي تظهر بالصورة (بدون فراغات)